تخصيص لقوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) لكونه رافعاً للحلية بلا تصرف في الموضوع بأن يقال : البيع الغرري ليس بيعاً مثلاً ، وكذا سائر أمثلة التخصيص.
ويقابله التخصص مقابلة تامة ، إذ هو عبارة عن الخروج الموضوعي التكويني الوجداني بلا إعمال دليل شرعي ، كما إذا أمر المولى بوجوب إكرام العلماء ، فالجاهل خارج عنه خروجاً موضوعياً تكوينياً بالوجدان بلا احتياج إلى دليل شرعي. وما بين التخصيص والتخصص أمران متوسطان : وهما الورود والحكومة.
أمّا الورود فهو عبارة عن انتفاء الموضوع بالوجدان لنفس التعبد لا لثبوت المتعبد به ، وإن كان ثبوته لا ينفك عن التعبد إلاّأن ثبوته إنّما هو بالتعبد ، وأمّا نفس التعبد فهو ثابت بالوجدان لا بالتعبد ، وإلاّ يلزم التسلسل ، وذلك كالأمارات بالنسبة إلى الاصول العقلية : كالبراءة العقلية والاحتياط العقلي والتخيير العقلي ، فانّ موضوع البراءة العقلية عدم البيان ، وبالتعبد يثبت البيان وينتفي موضوع حكم العقل بالبراءة بالوجدان. وموضوع الاحتياط العقلي احتمال العقاب ، وبالتعبد الشرعي وقيام الحجة الشرعية يرتفع احتمال العقاب ، فلا يبقى موضوع للاحتياط العقلي. وموضوع التخيير العقلي عدم الرجحان مع كون المورد مما لا بدّ فيه من أحد الأمرين ، كما إذا علم بتحقق الحلف مع الشك في كونه متعلقاً بفعل الوطء أو تركه ، فانّه لا بدّ من الفعل أو الترك ، لاستحالة ارتفاع النقيضين كاجتماعهما ، ومع قيام الأمارة على أحدهما يحصل الرجحان وينتفي موضوع حكم العقل بالتخيير وجداناً.
وأمّا الحكومة فهي عبارة عن انتفاء الموضوع لثبوت المتعبد به بالتعبد
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.