وأمّا إن قلنا بأنّ المرجع في بقاء الموضوع هو الدليل الثاني الدال على الابقاء في ظرف الشك ، فجريان الاستصحاب تابع لصدق نقض اليقين بالشك ، ففي موردٍ يصدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عن الحكم السابق عرفاً يجري الاستصحاب ويحكم بالبقاء وإن كان الدليل الدال على ثبوت الحكم من قبيل الكلام الأوّل ، وفي موردٍ لا يصدق النقض المذكور عرفاً ، لا يجري الاستصحاب وإن كان الدليل الدال على ثبوت الحكم من قبيل الكلام الثاني ، وهذا هو الفارق بين كون الموضوع مأخوذاً من الدليل وبين كونه مأخوذاً من العرف.
وظهر بما ذكرناه ـ من تحقيق الفرق ـ أنّ الحق في المقام كون الموضوع مأخوذاً من العرف ، بمعنى أنّ جريان الاستصحاب تابع لصدق النقض عرفاً بمقتضى دليله الدال على حرمة نقض اليقين بالشك ، وقد ذكرنا أنّ الأوصاف مختلفة في نظر العرف ، فمنها ما هو مقوّم للموضوع ، فبعد انتفائه لا يصدق النقض ، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه. ومنها ما هو غير مقوّم ، فبانتفائه يصدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عن الحكم السابق ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه. ولذا ذكرنا في مباحث الفقه (١) : أنّه لو قال البائع : بعتك هذا الفرس فبان كونه شاةً ، يكون البيع باطلاً ، لكون الصورة النوعية مقوّمة للمبيع. ولو قال : بعتك هذا العبد الكاتب أو بشرط أن يكون كاتباً ، فانكشف الخلاف فالبيع صحيح ، لعدم كون الوصف مقوّماً للمبيع بنظر العرف ، بل من أوصاف الكمال ، فللمشتري الخيار. هذا تمام الكلام في اعتبار الوحدة في القضية المتيقنة والمشكوك فيها.
ولنختم الكلام في الاستصحاب بذكر امور :
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٧ : ٦٦.