وقد ظهر جوابه مما ذكرنا ، فانّ الحافظ للوحدة ليس هو الداعي بل هو الاتصال ، فما لم يتخلل العدم فالحركة واحدة وإن كان حدوثها بداعٍ وبقاؤها بداعٍ آخر ، وإذا تخلل العدم كانت الحركة متعددةً وإن كان الداعي واحداً. وقد نقضنا عليه قدسسره في الدورة السابقة بالسجدة ، فمن سجد في الصلاة بداعي الامتثال ثمّ بعد إتمام الذكر بقي في السجدة آناً ما للاستراحة مثلاً ، فهل يمكن القول ببطلان الصلاة لأجل زيادة السجدة.
وربّما يتوهّم في المقام أنّ الاستصحاب في هذا القسم وإن كان جارياً في نفسه إلاّأ نّه محكوم بأصل آخر ، فانّ الشك في بقاء الحركة مسبب عن الشك في حدوث داعٍ آخر والأصل عدمه.
وفساد هذا التوهم أوضح من أن يخفى ، فانّ ارتفاع الحركة ليس من الآثار الشرعية لعدم حدوث الداعي الآخر ، فلا يمكن إثبات ارتفاعها بأصالة عدم حدوثه إلاّعلى القول بالأصل المثبت.
فتحصّل : أنّ الصحيح جريان الاستصحاب في جميع الصور الثلاث ما لم يتخلل العدم ، ومع تخلله لا يبقى موضوع لجريانه.
ثمّ إنّه ذكر صاحب الكفاية (١) قدسسره أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في مثل الحركة ولو بعد تخلل العدم إذا كان يسيراً ، لأنّ المناط في الاستصحاب هو الوحدة العرفية ولا يضر السكون القليل بوحدة الحركة عرفاً.
وفيه : أنّ بقاء الموضوع في الاستصحاب وإن لم يكن مبنياً على الدقة العقلية بل على المسامحة العرفية ، ونظر العرف أوسع من لحاظ العقل في أكثر
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٠٨.