والبقاء ، وبعد إثبات هذه الملازمة ، تكون الأمارة الدالة على الثبوت دالةً على البقاء ، إذ الدليل على الملزوم دليل على اللازم ، والإخبار عن الملزوم إخبار عن اللازم وإن كان المخبر غير ملتفت إلى الملازمة ، كما سيجيء في بحث الأصل المثبت (١) إن شاء الله تعالى ، فيكون التعبد بالبقاء تعبداً به للأمارة لا للأصل العملي المجعول في ظرف الشك ، فينقلب الاستصحاب أمارةً بعد كونه من الاصول العملية ، وتكون الملازمة في المقام نظير الملازمة الواقعية الثابتة بين قصر الصلاة وإفطار الصوم بمقتضى الروايات (٢) الدالة على أنّه كلما أفطرت قصّرت وكلّما قصّرت أفطرت ، فبعد ثبوت هذه الملازمة يكون الدليل على وجوب القصر دالاً على وجوب الافطار وبالعكس ، فكذا في المقام بعد ثبوت الملازمة الواقعية بين الحدوث والبقاء بمقتضى أدلة الاستصحاب يكون نفس الدليل على الحدوث دليلاً على البقاء ، فيكون التعبد بالبقاء تعبداً به للأمارة لا للأصل العملي.
وإن كان المراد من الملازمة هي الملازمة الظاهرية بين الحدوث والبقاء ، فلازمه الملازمة الظاهرية بين حدوث التنجيز وبقائه ، ولا يمكن الالتزام بها ، إذ في موارد العلم الاجمالي بالحرمة مثلاً يكون التكليف منجّزاً ، ثمّ لو قامت بينة على حرمة بعض الأطراف بالخصوص ينحل العلم الاجمالي ، وبانحلاله يرتفع التنجز ، فانّه تابع للمنجّز ومقدّر بقدره ، فلا ملازمة بين حدوث التنجيز وبقائه ولا يلتزم بها صاحب الكفاية قدسسره أيضاً ، فانّه وغيره أجابوا عن استدلال الأخباريين لوجوب الاحتياط بالعلم الاجمالي بواجبات ومحرمات
__________________
(١) لاحظ ص ١٨٤.
(٢) راجع على سبيل المثال الوسائل ٨ : ٥٠٣ / أبواب صلاة المسافر ب ١٥ ح ١٧.