على شيء من دون الأسباب لم يصحَ أن نقول : ان القادر المطلق لا يقدر على مثله من دون الاسباب الطبيعية أيضاً.
إنَّ إحياء الموتى ، وقلب العصا إلى ثعبان ، وإبقاء يونس حيّاً في بطن الحوت ، في قعر البحار ، مما صدّقته جميع الكتب السماوية ونقلته إلينا لا تقلّ إشكالا ولا تختلف جواباً عن قصة المعراج النبوي
وخلاصة القول : ان جميع العلل الطبيعية والموانع الخارجية مسخَّرةٌ لِلّه تعالى خاضعة لارادته ، مطيعةٌ لأمره وارادته يمكن تعلّقُها بكلّ شيء إلاّ بالأمر المحال ، وأما غيرذلك أي ما يكون ممكناً بالذات مهما كان ، فانّهُ قابلٌ لأن يتحقق في ظل ارادة اللّه ومشيئته سواء يقدر البشر عليه أم لا يقدر.
على أن حديثنا هذا موجَّهٌ إلى مَن آمن باللّه ، وعرف ربّه بصفاته الخاصة به تعالى ، وبالتالي آمن باللّه الأزليّ على أنّه القادر على كلّ شيء.
لقد بيّنت الاحاديث ـ بعد الآيات ـ الغرض من المعراج واليك طائفة من هذه الاحاديث.
١ ـ يقول ثابت بن دينار سألت الامامَ زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام عن اللّه جلّ جلاله هل يوصَف بمكان فقال : « تعالى اللّهُ عَن ذلِكَ ».
قلت : فلم اسرى بنبيه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السماء؟
قال : « لِيُريَهُ مَلكوتَ السماوات وما فيها من عجائب صنعِهِ وبدائع خلقه ».
٢ ـ وقال يونس بن عبد الرحمان قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام لأيّ عِلة عرج اللّهُ بنبيّه إلى السماء ومنها إلى « سدرة المنتهى » ، ومنها إلى « حجب النور » وخاطبه وناجاهُ هناك واللّه لا يوصف بمكان؟ (١).
فقال عليهالسلام : « إنَّ اللّه لا يُوصَفُ بمكان ولا يَجري عليهِ زمانٌ ، وَلكنَّهُ
__________________
١ ـ علل الشرائع : ص ٥٥ ، البحار : ج ١٨ ص ٣٤٧ و ٣٤٨. تفسير البرهان : ج ٢ ، ص ٤٠٠.