الساسانية ) تسيطران على معظم مناطق العالم المتحضر ، ولم تزل هاتانَ الدولتان في نزاع مستمر وصراع دائم على مناطق النفوذ حتّى بعد ظهور الإسلام.
فقد بدأت حروب ايران والروم الطويله من عهد السلطان الإيراني أنوشيروان ( ٥٣١ ـ ٥٨٩ م ) واستمرَّت إلى عهد الملك « خسرو برويز » واستغرقت اربعاً وعشرين عاماً من الزمان (١).
وقد سبَب تحمل « ايران » و « الروم » للخسائر الكبرى ، في الارواح والثروات خلال هذه المعارك الطويلة في إضعاف تينك الدولتين ، وتعطيل وشلّ قواهما بحيث لم يبق منهما إلاّ شبحُ دولتين لا اكثر.
ولكي نقف على الوضع العام في ايران آنذاك من جهاته المختلفة ، وابعاده المتنوعة وبصورة أفضل ، يجب ان نلقي نظرة فاحصة على وضع الحكومات الّتي توالت على سدة القيادة الايرانية بعد حكم « انوشيروان » وحتّى بداية دخول المسلمين.
كانت حياة الملوك الساسانيين تتسم عموماً بالبذخ والترف ، والتشريفات الطويلة العريضة ، وكان البلاطُ الساساني الفخم جداً يخلب ببريقه ، بريق العيون ، ويسحر الافئدة والعقول.
وكان للايرانيين في عهد الساسانيين لواء يُعرف ب « درفش كاوياني » اي العلم الكاوياني نسبة إلى كاوه وهو بطل قومي إيراني اُسطوري ، وقد كانوا يحملونه معهم في الحروب ، أو ينصبونه فوق قصورهم اثناء إحتفالات الساسانيين الكبرى ، وقد كان هذا اللواء موشحاً ومزيناً بأغلى أنواع المجوهرات بلغت قيمتها التقديرية ـ حسب قول بعض الكتاب : « ٠٠٠ / ٢٠٠ / ١ » درهماً ( أو ما يعادل
__________________
١ ـ تاريخ علوم وادبيات در ايران ص ٣ و ٤ وايران در زمان ساسانيان ص ٢٦٧ ( باللغة الفارسية ).