لابراهيم ردحاً من الزمن ، ومن هنا كان « ابراهيم » ينظر إليه بنظر الأب ، وينزله منزلة الوالد.
ولكي نعرف رأي القرآن الكريم في مسألة العلاقة بين « آزر » و « ابراهيم » عليهالسلام نلفت نظر القارئ الكريم إلى توضيح آيتين :
١ ـ لقد أشرقت منطقةُ الحجاز بنور الايمان والإسلام بفضل جهود النبيّ « محمَّد » صلىاللهعليهوآلهوسلم وتضحياته الكبرى ، وآمن اكثر الناس به عن رغبة ورضا ، وعلموا بأن عاقبة الشرك ، وعبادة الاوثان والاصنام هو الجحيم والعذاب الاليم.
إلاّ أنهم رغم ابتهاجهم وسرورهم بما وُفقوا له من إيمان وهداية ، كانت ذكريات آبائهم واُمهاتهم الذين مضوا على الشرك والوثنية تزعج خواطرهم وتثير شفقتهم ، واسفهم.
وكان سماع الآيات التي تشرح أحوال المشركين في يوم القيامة يحزنهم ويؤلمهم ، وبغية ازالة هذا الالم الروحي المجهد طلبوا من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يستغفر لابائهم واُمهاتهم كما فعل « إبراهيم » في شأن « آزر » فنزلت الآية في مقام الردّ على طلبهم ذاك ، إذ قال سبحانه :
« ما كانَ لِلنَّبِيَّ وَالَّذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْركينَ وَلَوْ كانُوا اُوْلي قَرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبيَِّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أصْحابُ الْجَحْيمَ وما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيْمَ لأَبيْه إلا عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَها إيّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌ للّه تَبَرَّاَ مِنْهُ إنَّ إبْراهيْمَ لأَوّاهٌ حَلِيمٌ » (١).
إنَّ ثمة قرائن كثيرة تدل على أنّ محادثة النبيّ « إبراهيم » وحواره مع « آزر » ووعده بطلب المغفرة له من اللّه سبحانه قد انتهى إلى قطع العلاقات ،
__________________
١ ـ التوبة : ١١٣ و ١١٤.