والتراب على رأسه الشريف وثيابه. وكم من مرّة نشرت أم جميل الشوك على طريقه ، أو جمعته باب بيته لتؤذيه عند الخروج.
ولا شك ان معارضَة انسباء النبي واقربائه لدعوته المباركة ، وايذاؤهم اياه كان اكثر ايلاماً لنفسه الشريفة ، واشد وقعاً عليها ، حتّى اننا نجد القرآن يخص أبا لهب باللعن ويسميه بصورة خاصة مما يكشف عن هذه الحقيقة إذ يقول : « تَبّتْ يَدا أبي لَهَب وَتَبَّ. مَا أغنى عَنهُ مَا لُهُ وَما كَسَبِ. سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبِ. وَامْرأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ. في جِيْدها حَبْلٌ مِنْ مَسَد » (١).
ولكن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يواجه كل ذلك الأذى وماشابهه من التحججات الّتي سنشير اليها بصبر عظيم ، وثبات تتعجب منه الجبال الشماء ، وذلك اولا إيماناً منه برسالته.
يرجع تقدمُ الإسلام في مطلع عهد الرسالة إلى عوامل منها : ثبات رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه ، وثباتُ اَتباعه وأنصاره.
ولقد تعرّفنا ـ في ما سبق ـ على أمثلة ونماذج من ثبات قائد الإسلام الاكبر وصبره ، واستقامته في ما لقي من أذىً ومضايقة.
على أن ثبات أنصاره واتباعه الذين آمنوا في مكّة ( مركز الحكومة الوثنية آنذاك ) هو الآخر ممّا يدعو إلى الإعجاب ويستحق الاحترام. وسنذكر صمودَهم وثباتهم في حوادث ما بعد الهجرة في محله.
وأمّا هنا فنسلّطُ الضوء على حياة عدد من أتباع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم القدامى الذين تحملوا أشد أنواع العذاب وكانوا يعيشون في المحيط المكي
__________________
١ ـ المسد : ١ ـ ٥.