وهلك من توه ، فاصابت واحدةٌ من تلك الاحجار راس « ابرهة » نفسه فارتعدت فرائصه وايقن بغضب اللّه وسخطه عليه ، فنظر إلى جنوده وهم اشلاء مبثوثون هنا وهناك على الأَرض كورَق الشجر في فصل الخريف ، فصاح بِمَن لم يزل على قيد الحياة من جنده بامرهم بأن يتهيّأوا للعودة إلى اليمن ، من حيث أتوا ، فاخذ بقية الجند طريق اليمن هاربين ، غير أن هذه البقية قد هَلكَتْ شيئاً فشيئاً في اثناء الطريق حتّى أن ابرهة نفسه بعد أن لم يصل إلى صنعاء إلا بعد ان تفرّق لحمُ بدنه ، وسقطت اعضاؤه وجوارحُهُ ومات بصورة عجيبة.
وقد دَوَّى صوتُ هذه الواقعة العجيبة والرهيبة في العالم آنذاك ، وقد ذكرها القرآن الكريمُ في سورة الفيل إذ يقول تعالى : « ألَم تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ في تَضْلِيْل. وَأرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أبابيلِ. ترميهِمْ بِحِجارَة مِنْ سَجِّيل. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْف مَأكُول ».
وما ذكرناهُ هنا ـ في هذه الصفحات ـ ليس هو في الحقيقة إلاّ خلاصة ما وَردَ في كتب التاريخ الإسلامي ، وصرح به القرآنُ الكريم (١).
واستكمالا لهذا البحث نعمد هنا إلى دراسة نظرية المفسر المصري الكبير الشيخ « محمَّد عبده » والعلامة المعروف الدكتور « هيكل » وزير الثقافة المصري السابق في هذا المجال.
لقد أوجدَ التقدم العلميُّ الأخير في مختلف مجالات العلوم الطبيعية والفضائية ، وما استلزم ذلك من تهافت طائفة كثيرة من الفرضيات ، ضجة عجيبة في الغرب ، فمع أن جميع تلك التطورات كانت مجردَ تطورات علمية تجري في مجال المسائل الطبيعية أو الفلكية ، ولم يكن لها أية صلة بالمعتقدات الدينية
__________________
١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٤٣ ـ ٦٢ ، والكامل في التاريخ ج ١ ، ص ٢٦٠ ـ ٢٦٢ ، وبحار الأنوار : ج ٥ ، ص ١٣٠ ـ ١٤٦.