الأول : « انهم لن يصلوا من الآن اليك يا عليّ بامر تكرهه حتّى تقدم عليَّ ».
فالملاحظ للقارئ هو أن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما قال هذه العبارة عندما أمره باداء أمانته ، وذلك بعد انقضاء قضية ليلة المبيت.
أي انه أمر علياً بذلك ، وقال له تلك العبارة وهو يتهيّأ للخروج من غار ثور.
يقول الحلبي في سيرته : « وصى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في احدى الليالي وهو بالغار علياً رضي اللّه عنه بحفظ ذمته واداء امانته ظاهراً على اعين الناس » (١).
وثم ينقل عن مؤلف كتاب « الدر » ما يقتضي انه اجتمع به عند خروجه من الغار.
وخلاصة القول : انه مع رواية شيخ جليل من مشائخ الشيعة الامامية كالشيخ الطوسي بالاسناد الصحيحة أن الأمر بردّ الودائع والامانات صدر من جانب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عليّ عليهالسلام بعد ليلة المبيت لا يحقّ لنا أن نعارض هذا النقل الصحيح ، ونعمد إلى الهاء العامة بالتوافه ، وأما رواية مؤرخي اهل السنة هذا المطلب بشكل آخر يوحي ظاهرُه بأن جميع وصايا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ تمت في ليلة واحدة هي ليلة الهجرة ( ليلة المبيت ) فقابلٌ للتفسير والتوجيه ، لأنه لا يبعد أن عنايتهم كانت مركزة على رواية أصل الموضوع ، ولم يكن لظرف صدور هذه الوصايا والأوامر ووقت بيانها اهمية عندهم.
هيّأ علي عليهالسلام بأمر النبيّ ثلاث رواحل ودليلا امينا يدعى أريقط ليترحلوها إلى المدينة ، ويدلّهم الدليل على طريقها وأرسل كل ذلك إلى الغار.
__________________
١ ـ السيرة الحلبية : ج ٢ ، ص ٣٥.