ليخرجنَّ نبيُّ فَليكسرن أصنامكم (١).
وكتب ابن هشام يقول : كان اليهود يقولون للعرب : إنه قد تقارب زمان نبيّ يُبعث الآن نقتلكم معه قتلَ عاد وارم.
وكتب يقول أيضاً : وكانت الاحبار من اليهود ، والرهبان من النصارى والكهّان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل مبعثه.
هذه الكلمات تُصوِّر انقضاء عهد الوثنية في نظرهم إلى درجة أن بعض القبائل أجابت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لما بُعثَ ، ودعاهم اللّه ، بينما احجمت اليهودُ عن الايمان به وبرسالته وبقيت على كفرها وجحودها لنبوته الّتي طالما بشرت بها.
وقد نزل فيهم قولُه تعالى : « وَلَمّا جاءهُمْ كتابٌ مِنْ عِنْدِ اللّه مُصدِّقٌ لِما مَعهمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذينَ كَفرُوا فَلمّا جَاءهُمْ ما عَرفُوا كَفرُوا به فَلعْنَةُ اللّه عَلى الكافِرين » (٢) (٣).
ولقد شهدَ أحدُ أعياد قريش حادثاً غريباً كان في نظر العقلاء وأصحاب الفكر الثاقب منهم بمثابة جرس إنذار اذِن باقتراب سقوط دولة الوثنيين ، وإنهيار صروح الوثنيّة وعبادة الأصنام ، وانقراضها.
فقد اجتمعت قريش يوماً في عيد لهم عند صنم من أصنامهم كانوا يعظمونه وينحرون له ، ويعكفون عنده ، فتنحّى أربعةٌ ممن عُرفوا بالعلم ناحية ، وأخذوا يتحدَّثون سرّاً ، وأخذوا ينتقدون عبادة الأوثان والأصنام ، وما عليه قومهم من فساد العقيدة.
فقال بعضهم لبعض : واللّه ما قومكم على شيء ، لقد اخطأوا دين أبيهم
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ١٥ ، ص ٢٣١.
٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ص ٢٢١.
٣ ـ البقرة : ٨٩.