النجاة والسلامة.
وأما بناءً على الفرض الثاني فانه تثبت لعليّ عليهالسلام فضيلة أعلى واعظم ، لأن ايمانَ الرجل يجب ان يبلغ من القوة والكمال بحيث لا يفرّق بين صدق كلام النبيّ وبين وضوح النهار أي أنهما يكونان عنده بمنزلة سواء.
ولا شك ان أهمية مثل هذا الايمان لا يمكن أن يعادِلها شيء.
ونتيجة هذا الايمان هي أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ما قال له : نَم في فراشي فلن يصيبك من هجوم الاعداء الحاقدين مكروهٌ ، أن ينام في فراش النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقلب واثِق بالسلامة ، ونفس مطمئنّة إلى النجاة ، ومن دون أن يخالج نفسَهُ أقل إحتمال للخطر.
ولو كان مراد ابن تيمية من قوله : ان عليّاً كانَ واثقاً من سلامته ، لأن الصادق المصدَّق أخبره بذلك هو : إثبات أعلى درجات الإيمان لعليّ عليهالسلام فقد اثبت له عليهالسلام من حيث لا يشعر اكبر فضيلة ، وأعلى منقبة ، وهي كمال الايمان والثقة برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخباره.
هذا هو الجواب الاجمالي واليك الجواب التفصيلي :
فنقول عن الدليل الأول : إن عبارة « لا يخلص اليك شيء تكرهه » لم ينقلها بعض أرباب السيرة ورجال علم التاريخ الذين لهم سابقة لا تنكر في هذا الصعيد (١).
نعم روى ابن الاثير المتوفى عام ٦٣٠ (٢) ، والطبري المتوفى عام ٣١٠ (٣) هذه العبارة وكأنّما قد أخذاها عن ابن هشام في سيرته (٤) الّتي نقل فيها تلك العبارة
__________________
١ ـ مثل مؤلّف الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ٢٢٧ و ٢٢٨ المولود عام ١٦٨ والمتوفى عام ٢٣٠ ، وكذا المقريزي في امتاع الاسماع ، عند ذكرهم لتفاصيل قضية المبيت.
٢ ـ التاريخ الكامل : ج ٢ ، ص ٧٢.
٣ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٩٩.
٤ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٤٨٣.