الزمان يتزوج بامرأة من قريش تسود قومها ( أو تكون سيدة قومها ، وأميرة عشيرتها ) ، ولهذا كان يقول لها : « يا خديجة سوف تتصلين برجل يكون أشرف أهل الأرض والسماء » (١).
هذه قضايا ذكرها بعض المؤرخين ، وهي منقولةٌ ومثبتة في طائفة كبيرة من الكتب التاريخية ، وهي بمجموعها تدل على العلل الحقيقية والباطنية لرغبة خديجة في الزواج برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإن هذه الرغبة كانت ناشئة من اعجاب « خديجة » بأخلاق فتى قريش الأمين ، ونبله ، وطهارته ، وعظيم سجاياه وخصاله وحبها لهذه الاُمور ، وليس هناك أي اثر في علل هذا الزواج لامانة « محمَّد » وكونه أصلَح من غيره لهذا السبب للقيام بتجارة « خديجة ».
من المسلّم به أن اقتراح الزواج جاء من جانب « خديجة » نفسها أولاً ، حتّى أن ابن هشام (٢) نقل في سيرته : ان « خديجة » لما أخبرها ميسرة بما اخبرها به بعثت إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت له : « يا ابْنَ عم إبي قد رغبتُ فيك لقرابتك وسطتك [ اي شرفك ومكانتك ] في قومك ، وأمانتك وحُسن خلقك ، وصدق حديثك » ثمّ اقترحَت عليه أن تتزوج به.
ويعتقدُ اكثرُ المؤرّخين أن « نفيسة بنت عليّة » بَلّغتْ رسالة « خديجة » إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على النحو التالي :
قالت لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا محمَّد ما يمنعك أن تتزوج ... ولو دُعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة الاّ تجيب؟
فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : فمن هي؟
فقالت : خديجة ، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : وكيف لي بذلك ، فقالت : عليَّ فذهبت إلى خديجة فأخبرتها ، فأرسلت خديجة إلى رسول اللّه صلّى
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ٢١.
٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ١٨٩ و ١٩٠.