يجدوا جواباً لأبراهيم الّذي افحمهم بمنطقه الرصين الاّ أن يحكموا باعدامه حرقاً ، فأَوقدوا ناراً كبيرة وألقوا بإبراهيم عليهالسلام فيها إلاّ أن العناية الالهية شملت إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وحفظته من اذى تلك النار ، وحولت ذلك الجحيم الّذي اوجده البشر ، إلى جُنينة خضراء نضرة إذ قال : « يا نارُ كُوني بَرْداً وَسَلاماً عَلى إبْراهِيْم » (١).
مع ان اليهود يعتبرون أنفسَهم في مقدمة الموحِّدين ، لم ترد هذه القصة في ثوراتهم الحاضرة رغم كونها معروفة بينهم ، بل تفرّد القرانُ الكريم من بين الكتب السماوية بذكرها لأهميتها.
من هنا فإننا نذكرُ بعض النقاط المفيدة ، والدروس المهمة في هذه القصة الّتي يَهدِفُ القرآن من ذكرها وذكر امثالها من قصص الأنبياء والرسل.
__________________
١ ـ وقد ذكر تفاصيل هذه القصة في الآيات ٥١ إلى ٧٠ من سورة الانبياء وها نحن ندرج كل هذه الآيات هنا : « وَلَقَد آتَيْنا إبْراهيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنّا بِهِ عالِميْن. إذْ قالَ لأَبيهِ وَقومِه ما هذه الْتَّماثِيلُ الّتي أنْتُمْ لَها عاكِفونَ. قالُوا وَجَدْنا آباءنا لَها عابديْن قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ وَآباؤكُمْ في ضَلال مُبين. قالوا اجتنا بالْحق أمْ اَنتَ من اللاعبينَ قالَ بَل ربكم ربُ السماواتِ والأَرض الَّذي فطرهُنَّ وأَنا على ذلِكُمْ مِنَ الشاهدينَ وَتالله لأَكيْدَنَّ أَصنامكم بَعْدَ أنْ تُوَلُّوا مُدْبرين. فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إلاّ كَبيْراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إليْهِ يَرْجِعُونَ. قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِالهَتِنا إنَّهُ لِمَنَ الظّالِمينَ. قالُوا سَمِعْنا فَتَى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إبْراهيْمَ. قالُوا : فَاتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قالُوا أأنْتَ فَعَلْتَ هذا بآلِهَتِنا يا إبْراهيمَ. قال بَلْ فَعَلَهُ كَبْيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إنْ كانُوا يَنْطِقُونَ فَرجَعُوا إلى أنفُسِهِمْ فقالُوا إنَّكُمْ أنتمُ الظّالِمونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدء عَلِمْتَ ما هؤُلاء يَنْطِقُونَ. قالَ : اَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللّهِ ما لا يَنْفَعكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ. اُفّ لَكُمْ وَلما تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللّه أفَلا تَعْقِلُونَ قالُوا حَرَّقُوهُ وَانْصُرُوا الِهَتكُمْ إنْ كُنْتُمْ فاعِلينَ. قلْنا يا نارُ كُونيْ بَرْداً وَسَلاماً عَلى إبراهيْمَ. وَأَرادُوا به كَيْداً فَجَعَلْناهُمْ الأَخْسرينَ ».
وللوقوف على تفاصيل وخصوصيات ولادة إبراهيم عليهالسلام وتحطيمه للأصنام راجع كتاب الكامل لابن الأثير : ج ١ ، ص ٥٣ ـ ٦٢ ، وبحار الأنوار : ج ١٢ ، ص ١٤ ـ ٥٥.