فان اسلام شخصيات ذات أهمية ومكانة كبرى مثل حمزة ، وكذا رغبة فتية قريش المتفتحين في الإسلام ، وحرية العمل والتحرك الّتي اكتسبها المسلمون على اثر الهجرة إلى أرض الحبشة ، كل ذلك زاد من حيرة ، واضطراب الزعامة الجاهلية في مكة ، الّتي زادها حيرة ، وانزعاجاً ، فشل جميع مخططاتها الاجهاضية ضد الإسلام والمسلمين ، وعدم حصولها على أية نتائج تذكر!!
من هنا فكرت في خطة جديدة ، وهي ان تفرض حصاراً اقتصادياً قوياً على النبيّ والمسلمين تقطع به كل الشرايين الحيوية للمسلمين ، وبذلك تحدّ من سرعة انتشار الإسلام وتقف دون نفوذه ، وبالتالي تخنق بين كمّاشة هذا الحصار مؤسس هذه العقيدة التوحيدية ، وأنصاره.
ولهذا اجتمع زعماء قريش في « دار الندوة » ووقّعوا ميثاقاً كتبه « منصور بن عكرمة » وعلّقوه في جوف الكعبة ، وتحالفوا بان تلتزم قريش ببنوده حتّى الموت.
ونصَ هذا العقد على الاُمور التالية :
١ ـ أن لا يبتاعوا من أنصار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يبيعوهم شيئاً.
٢ ـ ان لا ينكحوا اليهم ولا ينكحوهم.
٣ ـ أن لا يؤاكلوهم ولا يكلّموهم.
٤ ـ ان يكونوا يداً واحدة على « محمَّد » وانصاره.
وقد وقّعت على هذه الصحيفة الظالمة القاطعة كلُ الشخصيات البارزة في قريش إلاّ « مطعم بن عدي » وأعلنت عن سريان مفعوله بكل قوة وإصرار.
فلما علم حامي النبي الاكبر أبو طالب عليهالسلام بذلك جمع بني هاشم وبني المطلب وحمّلهم مسؤولية الدفاع عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والحفاظ على حياته وسلامته ، وأمرهم بالخروج من مكة وبدخول شعب كائن بين جبال مكة كان يعرف بشعب أبي طالب فيه بعض البيوت العادية ، والسقائف البسيطة جداً ، والسكنى في ذلك الشعب بعيداً عن المجتمع المكّي المشرك.
وعمد إلى بث رجال منهم في نقاط مرتفعة للمراقبة والحراسة تحسباً لأي