وإصرار ، حتّى انه قرر ان لا يسمع من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئاً ، ولا يكلّمه ، وحشّى اُذنه ـ حين غدى إلى المسجد للطواف ـ قطناً ، خوفاً من أن يبلغه شيء من قول رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو لا يريد ان يسمعه!!!
يقول الطفيل : فغدوت إلى المسجد فاذا رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قائمٌ يصلي عند الكعبة ، فقمتُ منه قريباً فسمعتُ كلاماً حسناً من غير اختيار مني فقلت في نفسي : واثكلَ اُمي ، واللّه اني لرجل لبيبٌ شاعرٌ ما يخفى عليّ الحسَنُ من القبيح ، فما يمنعني أن اسمع من هذا الرجل ما يقول ، فان كان الّذي يأتي به حسناً قبلتُه ، وان كان قبيحاً تركتُه؟
فمكثتُ حتّى انصرف رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بيته فاتّبعته حتّى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت : يا محمَّد إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا للذي قالوا ، فواللّه ما برحوا يخوّفونني أمرُك حتّى سردت اُذني بكسرف لئلا اسمع قولك ثم اَبى اللّه إلاّ أن يُسمعني قولك فسمعتهُ قولا حسناً ، فاعرض عليّ أمرك ، فعرض عليَّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم الإسلام وتلا عليّ القرآن ، فلا واللّه ما سمعت قولا قط أحسن منه ، ولا أمراً أعدل منه ، فأسلمتُ وشهدتُ شهادة الحق. ثم قلت : يا الله نبيّ إني امرؤ مطاعٌ في قومي وأنا راجع إليهم ، وداعيهم إلى الإسلام.
ثم يكتب ابن هشام قائلا : إن الطفيل لم يزل بارض « دوس » يدعوهم إلى الإسلام حتّى هاجر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ومضى « بدر » و « اُحد » و « الخندق » فقدم على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بمن أسلم معه من قومه وهم سبعون أوثمانون بيتاً ورسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بخيبر فلحقوا جميعاً برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بخيبر ، وبقي مع النبيّ حتّى قُبِضَ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم سار مع المسلمين ـ في زمن الخلفاء إلى « اليمامة » وشارك في معركتها وقُتِلَ فيها (١).
__________________
١ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٨٢ ـ ٣٨٥.