الحديث فيها أيضاً حول عقائد اليهود والنصارى ومواقفهم وتتضمن الحثَّ ـ كذلك ـ على الجهاد والقتال والتضحية في سبيل اعلاء كلمة اللّه وإعزاز دينه ، آيات مدنيّة.
إنّ كثيراً من الآيات ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالحوادث الّتي وقعت في زمن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذه الحوادث هي الّتي تشكّل ما يسمّى بشأن أو أسباب النزول التي يكون الوقوفُ عليها مُوجباً لفهم مفاد الآية ، وإيضاح مفادها ، فان وقوع هذه الحوادث كان سبباً لنزول آيات فيها بالمناسبة.
على أن بعض الآيات الاُخرى نزلت جواباً على أسئلة الناس ، ولرفع حاجاتهم في المجالات المختلفة.
والبعضُ الآخر منها نزلت لبيان المعارف والأحكام الالهية.
ولهذه الاسباب يمكن القولُ بان القرآن الكريم نزل على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم تدريجاً لتدرّج موجبات النزول.
وقد صرَّح القرآن الكريم بهذا الامر أيضاً في بعض المواضع إذ قال : « وَقُرْاناً فَرَقْناهُ لِتَقْتَرأَهُ عَلى النّاسِ عَلى مُكْث » (١).
وهنا يطرح هذا السؤال وهو : لماذا لم تنزل آياتُ القرآن كُلها على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جملة واحدة ، ودفعة واحدة كما حدث ذلك للتوراة والإنجيل من قبل؟!
إنّ هذا السؤال لم يكن جديداً بل طرحه أعداء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعارضوه في عصر الرسالة في صورة الاعتراض أيضاً حيث كانوا يقولون : « لَوْلا نُزِّلَ عَليْهِ الْقُرانُ جُمْلَةً واحِدَة » (٢).
ويمكن تقرير وشرح هذا الاعتراض على نحوين :
١ ـ إذا كان الإسلام ديناً إلهياً ، وكان القرآن كتاباً سماوياً منزلا من جانب اللّه على رسوله ، فلابدّ أن يكون ديناً كاملا ، ومثل هذا الدين الكامل
__________________
١ ـ الاسراء : ١٠٦.
٢ ـ الفرقان : ٣٢.