وذهب إبراهيم عليهالسلام منزعجاً من معاملة زوجة ابنه « إسماعيل » له وقد قال لها ما قال.
ولمّا جاء إسماعيل عليهالسلام وجد ريح ابيه فقال لامرأته : هل جاءك احد؟ قالت : جاءني شيخ صفته كذا وكذا كالمستخّفِة بشأنه ، قال : فماذا قال لك : قالت : قال لي أقْرئي زوجك السلام وقولي له : فليغيّر عتبة بابه!!
فطلقها وتزوج اُخرى ، لأن مثل هذه المرأة لا تصلح ان تكون زوجة وشريكة حياة (١).
وقد يتساءل أحد : لماذا لم يمكث إبراهيم عليهالسلام هناك قليلا ليرى ولده إسماعيل بعد عودته من الصيد ، وقد قطع تلك المسافة الطويلة ، وكيف سمح لنفسه بان يعود بعد تلك الرحلة الشاقة من دون ان يحظى برؤية ابنه العزيز؟!
يجيب ارباب التاريخ على ذلك بان إبراهيم انما استعجل في العودة من حيث اتى لوعد اعطاه لزوجته سارة بأن يعود اليها سريعاً ، ففعل ذلك حتّى لا يخلف. وهذا من اخلاق الانبياء.
ثمّ إن « إبراهيم » سافر مرة اُخرى إلى أرض مكة بأمر اللّه ، وليبني الكعبة الّتي تهدمت في طوفان « نوح » ، ليوجّه قلوب المؤمنين الموحدين إلى تلك النقطة.
إن القرآن الكريم يشهد بأن أرض « مكة » قد تحولت إلى مدينة بعد بناء الكعبة قبيل وفاة إبراهيم عليهالسلام ، لأن إبراهيم دعا بُعَيد فراغه من بناء الكعبة قائلا :
« رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَد آمِناً وَاجْنُبْني وَبَنِيِّ أنْ نَعْبُدَ الأَصْنام » (٢) على حين دعا عند نزوله مع زوجته ، وابنه إسماعيل في تلك الأَرض قائلا :
« رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً » (٣).
وهذا يكشف عن ان مكة تحولت إلى مدينة عامرة في حياة الخليل
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ، ص ١١٢ نقلا عن قصص الأنبياء.
٢ ـ إبراهيم : ٣٥.
٣ ـ البقرة : ١٢٦.