قال محمد بن السّريّ (١) إن مضر تنصب به ، واليمن ترفع ، فمعنى كذب عليك البزر ، أي الزمه وخذه ؛ ووجه ذلك أن الكذب عندهم في غاية الاستهجان وممّا يغرى بصاحبه وبأخذه (٢) المكذوب عليه ؛ فصار معنى كذب فلان الإغراء به ، أي : الزمه وخذه فإنه كاذب ، فإذا قرن بعليك صار أبلغ في الإغراء ، كأنك قلت : افترى عليك فخذه ، ثم استعمل في الإغراء بكل شيء ، وإن لم يكن مما يصدر منه الكذب ، كقولهم : كذب عليك العسل ، أي عليك بالعسلان ، (٣) قال :
وذبيانية أوصت بنيها |
|
بأن كذب القراطف والقروف (٤) ـ ٣٢٣ |
أي عليكم بهما ، وكذب الحج ، أي عليك به ، فكما جاز أن يصير نحو : عليك وإليك بمعنى فعل الأمر ، فينصب به ، جاز أن يصير «كذب» ، و «كذب عليك» بمعنى الأمر ، فينصب به كما ينصب ب «الزم» ؛
قال أبو علي (٥) في : كذب عليك البزر ، ان فاعل «كذب» مضمر ، أي كذب السّمن ، أي لم يوجد (٦) ، والبزر منصوب بعليك ، أي : الزمه ؛
ولا يتأتى له هذا في قول عنترة : كذب العتيق .. على رواية نصب العتيق ، وما ذكرناه أقرب ؛
وأسماء الأفعال حكمها في التعدي واللزوم : حكم الأفعال التي هي بمعناها ، إلا أن الباء تزاد في مفعولها كثيرا ، نحو : عليك به ، لضعفها في العمل ، فتعمد بحرف عادته إيصال اللازم إلى المفعول ؛
ولا تتقدم ، عند البصريين ، منصوباتها عليها ، نظرا إلى الأصل ، لأن الأغلب فيها
__________________
(١) المراد : أبو بكر محمد بن السري المعروف بابن السّراج ،
(٢) أي يغريه المتكلم بأن يأخذ المكذوب عليه ، فالمصدر «أخذ» مضاف إلى مفعوله ،
(٣) العسل والعسلان : مشى فيه سرعة
(٤) تقدم هذا الشاهد في باب الاضافة من الجزء الثاني
(٥) أي الفارسي
(٦) باعتبار أن هذا الكلام قبل في شأن بعير مهزول ، فالسّمن غير موجود فيه ؛