من بين ما يمكن تعلقه به ، كقوله تعالى : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ)(١) ، أي : من دون الأصنام ؛ أو كون تعلق الفعل به أولى منه بسائر ما تعلق به نحو : زيدا ضربت وعمرا وبكرا ؛
فالمرفوع بالفعل ، لما كان ذكره أهمّ ، صار كجزء الفعل ؛ اتصل به ، أو انفصل ؛ فثبت بهذا التطويل أن وضع الفعل على أن يكون مصدره مسندا إلى شيء مذكور بعده لفظا ، بخلاف نفس المصدر ، فإنه ليس موضوعا على أنه منسوب إلى شيء في اللفظ ؛
وإنما وجب ذكر المرفوع بعد الفعل لأنه مقتضاه ، كما مرّ ، والمقتضي مرتبته التقدم على مقتضاه ؛ وكان حقّ الفعل : ألّا يطلب غير المسند إليه ولا يعمل إلا فيه ، لأنه ليس موضوعا لطلبه كالمصدر ، لكنه عمل في غير المسند إليه من المفعولات التي لم تقم مقام الفاعل تبعا لاقتضائه للفاعل وضعا ، وعمله فيه لأنه فتح له باب الطلب والعمل ، فصار الفعل أصلا في العمل في المسند إليه وغيره ، وغير الفعل ، من المصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة فروعا (٢) عليه ، وإن دلّ كل واحد منها ، أيضا ، على المصدر ، الذي بسببه كان الفعل يطلب الفاعل والمفعول ويعمل فيهما ، وذلك لأن طلب الفعل للمرفوع وضعي ، وطلبه للمنصوب تابع للوضعي ، كما بيّنا ؛ وأمّا طلب المصدر واسم الفاعل واسم المفعول لهما فليس بوضعي ولا تابع للوضعي ، بل هو عقلي ، وقد طرأ الوضع على العقل وأزال حكمه ، لأن الواضع نظر إلى ماهيّة الحدث لا إلى ما قام به ، فلم يطلب ، إذن ، في نظره ، لا فاعلا ، ولا مفعولا ، وكذا اسم الفاعل ، فإن لفظه في نظره دال على الفاعل، فلا يطلب لفظا آخر دالّا عليه ، وكذا اسم المفعول ، فإنه وضع دالا على المفعول ؛
فكان حق هذه الأشياء ألّا تعمل لا في الفاعل ولا في المفعول ، لكنها شابهت الفعل فعملت عمله ، ومشابهة اسم الفاعل والمفعول أقوى من مشابهة المصدر ، لفظا ومعنى ، كما مرّ في باب الإضافة ، فلزم عملهما في جميع المواضع عمل الفعل ، وشرط فيهما لنصب المفعول دون رفع الفاعل ، كما مرّ في باب الإضافة : الحال والاستقبال ، لتحصل
__________________
(١) من الآية ٦٦ في سورة الزمر ؛
(٢) يعني : وصار غير الفعل ... فروعا عليه ؛