في الاستخراج ، أو بتغييرهما مع الزيادة ، كيضرب واضرب ، في الضرب ، بحيث تدل تلك الصيغة بنفسها على أحد الأزمنة الثلاثة معيّنا ، وتقتضي وجوب ذكر ما قام به الحدث بعدها ، فتسمّى تلك الصيغة فعلا مبنيا للفاعل ويسمّى ما قام به الحدث فاعلا ، أو تقتضي وجوب ذكر أحد لوازمه الأخر ، من الزمان المعيّن ، كاليوم ، والليلة ، والصبح والظهر والمساء ونحو ذلك ، أو المكان ، أو ما وقع عليه ، أو الآلة ، أو غير ذلك ، وعلى الجملة كل ما كان عند المتكلم ، ذكره أهم من باقي لوازمه ، فتسمّى تلك الصيغة فعلا مبنيا للمفعول ، وذلك اللازم المذكور بعدها ، مفعول ما لم يسمّ فاعله ؛
فالمقصود من وضع الفعل ذكر شيئين : أحد أزمنة الحدث الثلاثة معينا ، وبعض لوازمه الأخر ، الأهم عند المتكلم ؛
ولما أمكن التنبيه بالصيغة على أحد الأزمنة ، اكتفى بها ، ولم يمكن التنبيه بها على سائر اللوازم ، في الأغلب ، فجيئ بما كان منها ذكره أهم ، بعدها ، وإنما قلت في الأغلب ، لأنه أمكن في بعضها ذلك ، كأضرب ، ونضرب ، ولكنه لما كان الأغلب : ما لم يمكن فيه ذلك ، استمر هذا المدلول عليه بالصيغة ، أيضا ، بعدها طردا للباب فأضمر «أنا» بعد أضرب ، و «نحن» بعد نضرب ، بدلالة العطف عليهما في : أضرب أنا وزيد ؛
وإنما جعل لما قام به الحدث صيغة مختصة به ، أعني المبني للفاعل ، وللمبني لباقي اللوازم صيغة مشتركة بينها ، اهتماما بمحل الحدث ، فإن الحدث إلى محله أحوج منه إلى غيره ، من سائر اللوازم ، ولهذا كان المبني للفاعل أكثر استعمالا من المبني للمفعول ؛ فرفع كل ما يرفعه الفعل دليل على كون ذكره أهم من بين لوازم الحدث ، سواء تقدم على سائر اللوازم في اللفظ ، نحو : ضرب زيد عمرا يوم الجمعة أمامك بالسوط ، أو تأخر عنها كلها ، أو توسطها ؛ ولو لم يكن الرفع دليلا على هذا لم يكن للرفع وجه إذا تأخر المرفوع عن المنصوب نحو : ضرب عمرا زيد ، وسير يوم الجمعة فرسخان ؛
فظهر أنّ ما قيل : ان تقديم المفعول على الفاعل ، وحده ، أو على الفعل ، يفيد كونه أهمّ ، ليس بشيء ، بل المرفوع أهم على كل حال ، ففائدة تقديم المنصوب على الفاعل وحده : التوسع في الكلام فقط ، وفائدة تقديمه على الفعل ، إمّا تخصيص المفعول بالفعل