هذا مع أن من مجموع الأخبار بعد ضم بعضها الى بعض ولو بمعونة سياقها يشرف الفقيه على القطع باعتبار اليد وإفادتها الملك.
ثم الظاهر اعتبارها من باب الظن النوعي الحاصل من غلبة كون الشيء في اليد ملكا لمن هو في يده اعتبرها الشارع إتقانا للنظام وقياما للسوق كما صرح به في ذيل خبر حفص بن غياث ، بل المستفاد منه اعتبار كل إمارة يوجب عدم اعتبارها اختلال النظام ، بل الأدلة دلت على إمضاء الشارع لما عليه بناء العقلاء من أهل الأديان في جميع الأزمان قبل الإسلام وشرع الأحكام من الحلال والحرام : من اعتبار اليد وإفادتها الملك ،
هذا وهل يعتبر في التملك باليد كالحيازة للمباح قصد الملك ، أم يغني قصدها عن قصده ، فتكون الحيازة بنفسها سببا تاما للملك ، وان تجردت عن قصده ، بل ولو مع قصد العدم ، لان ترتب المسبب على السبب قهري وان كان السبب اختياريا ، ومثله سببية الإحياء للملك في (الموات) في اعتبار القصد معه ، وعدمه ، بل ومع قصد العدم؟ وجهان : بل قولان ولعل الأقوى العدم ، لما دل على سببية الأحياء والسبق للملك نحو «من أحيى أرضا ميتة فهي له» وقوله في النبوي المنجبر : «من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو أحق به» (١) الشامل بإطلاقه ما لو تجرد عن قصد الملك ، بل ولو مع قصد عدمه ، مع احتمال ورود المطلقات مورد الغالب : من وقوع ذلك بقصد التملك ، فيبقى غيره على مقتضى الأصل : من عدم الملك. ولتحقيقه محل آخر.
نعم يستثني من تأثير اليد للملك في المباحات موات الأرضين منها فإنها إنما تملك بالاحياء ، لما دل على سببيته للملك. وأما تحجيرها فلا يفيد
__________________
(١) مضى تحقيق وتخريج هذين الحديثين النبويين وغيرهما في آخر الجزء الأول من (البلغة) ضمن البحث عن الأراضي الخراجية.