الملحدون ، وشبهوا ذلك على المسلمين ، لأنا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين ، مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم ، فلو لم يجعل لهم قيما حافظا لما جاء به الرسول لفسدوا على نحو ما بينا ، وغيرت الشرائع والسنن والأحكام والايمان ، وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين» (١) الحديث.
وانما الكلام في ثبوتها لهما بنحو الكلية التي معناه : توقف كل تصرف على إذنهم ، إلا ما علم عدمه بدليل يخصه أو يدل عليه بنحو العموم أو الإطلاق ، والظاهر عدمه ، لعدم دليل ينهض بإثبات الكلية المزبورة ، وحيث كان الحكم مخالفا للأصل وجب الاقتصار فيما خالفه على ما قام عليه الدليل. وقصارى ما دلت عليه الأدلة لزوم الرجوع إليهم في المصالح العامة التي لا يريد الشارع فعلها من مباشر معين كإقامة الحدود والتعزيرات والقضاء في الناس دفعا للخصومة فيما بينهم ، والتصرف في مال القصّر والمجانين مصلحة لهم ، والإلزام بأداء الحقوق ونحو ذلك.
وبالجملة فما علم بوجوب الرجوع فيه إليهم وتوقف التصرف على إذنهم أو علم عدمه بدليل ، ولو بنحو العموم أو الإطلاق ، فلا كلام فيه. وحيثما شك في مورد ، قيل : يرجع فيه إلى ما تقتضيه الأصول العملية. وفيه : أن الأصل انما يكون مرجعا في مورد الشك مع انسداد باب العلم المفروض انفتاحه في المقام بالرجوع الى الامام أو نائبه الخاص ، (ودعوى) ان الأصل يقتضي توقف كل تصرف على إذنهم إلا ما خرج بالدليل بناء
__________________
(١) ذكر الحديث بكامله ، الشيخ الصدوق ـ قدس سره ـ المتوفى سنة ٣٨١ ه. في كتابه عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ٢ ص ٩٧ طبع النجف الأشرف باب ٣٤ : العلل التي ذكرها الفضل بن شاذان.