(العلل) بسنده عن أبي الفضل بن شاذان عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام : في حديث قال فيه : «فان قال قائل : فلم وجب عليهم معرفة الرسل والإقرار بهم والإذعان لهم بالطاعة؟ قيل له : لأنه لما لم يكن في خلقهم وقواهم ما يكملون به مصالحهم وكان الصانع متعاليا عن أن يرى ، وكان ضعفهم وعجزهم عن إدراكه ظاهرا ، لم يكن بد لهم من رسول بينه وبينهم معصوم يؤدي إليهم أمره ونهيه وأدبه ، ويوقفهم على ما يكون به إحراز منافعهم ودفع مضارهم إذا لم يكن في خلقهم ما يعرفون به وما يحتاجون إليه من منافعهم ومضارهم ، فلو لم يجب عليهم معرفته وطاعته لم يكن في مجيء الرسول منفعة ولا سد حاجة ، ولكان إتيانه عبثا بغير منفعة ولا صلاح وليس هذا من صفة الحكيم الذي أتقن كل شيء ، فان قال قائل : فلم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل : لعلل كثيرة :
منها ـ أن الخلق لما وقفوا على حد محدود ، وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم ، لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم الا بأن يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم ، لأنه ان لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره ، فجعل عليهم قيما يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والأحكام.
ومنها ـ أنا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل عاشرا وبقوا الا بقيم ورئيس لما لا بد لهم من أمر الدين والدنيا فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بد لهم منه ، ولا قوام الا به فيقاتلون به عدوهم ويقسمون به فيأهم ، ويقيم لهم جمعتهم وجماعتهم ، ويمنع ظالمهم من مظلومهم.
ومنها ـ أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا حافظا مستودعا لدرست الملة وذهب الدين وغيرت السنة والأحكام ، ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه