هذا ولا ريب في أن مقتضى الأصل الأولي عدم الولاية بجميع معانيها لأحد على أحد لأنها سلطنة حادثة ، والأصل عدمها ، ولأنها تقتضي أحكاما توقيفية ، والأصل عدمها ، إلا أنه خرجنا عن هذا الأصل في خصوص النبي ـ صلّى الله عليه وآله ، والأئمة عليهم السلام ـ بما دل : من العقل والنقل على أن لهما أولوية التصرف مستقلا في نفوس الناس وأموالهم من غير توقف على إذن أحد منهم ، فضلا عن ثبوتها لهما بمعنى توقف تصرف الغير في شيء على إذنهما ، ولو في الجملة.
أما العقل فالمستقل منه حكمه بوجوب شكر المنعم بعد معرفة أنهم أولياء النعم ، والغير المستقل حكمه بأولوية وجوب اطاعة الرعية للإمام بالنسبة إلى وجوب إطاعة الابن للأب ، لأن الحق في الأول أعظم منه ، في الثاني بمراتب.
وأما النقل ، فمن الكتاب منه قوله تعالى «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» (١) «وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ..» (٢) «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» (٣) «و أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
__________________
أن الناس يقولون انا نزعم أن الناس عبيد لنا ، لا وقرابتي من رسول الله (ص) ، ما قلته ـ قط ـ ولا سمعته من آبائي قاله ، ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله ، ولكني أقول : الناس عبيد لنا في الطاعة موال لنا في الدين ، فليبلغ الشاهد الغائب».
(١) الأحزاب ـ ٦ ، وتتمة الآية (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ).
(٢) الأحزاب ـ ٣٦.
(٣) سورة النور آخر آية ـ ٦٣.