الأجرة ، وانما كان له الخيرة بينهما في المزارعة دون الإجارة ، لأن الزرع مشترك بينهما ، ولا يجبر المالك على إبقاء حصته من الزرع ، فله قلعه قصيلا كما كان للمستأجر ذلك ، غير ان قلعه لحصته مستلزم لضرر الزارع في حصته ، فوجب عليه حينئذ تداركه بالأرش ، ولذا كان مالك الأرض في المزارعة مخيرا. بين القلع وعليه الأرش ، وبين الإبقاء ، وله الأجرة وليس له القلع في الإجارة ، وان كان بأرش ، بل يتعين عليه الإبقاء بالأجرة.
والى ما ذكرنا ـ من الفرق في الحكم بالتخيير والتعيين ، بين المزارعة والإجارة ـ صرح العلامة في (القواعد) حيث قال : في باب الإجارة :
«فإن استأجر للزرع وانقضت المدة قبل حصاده : فان كان لتفريط المستأجر كأن يزرع ما يبقى بعدها فكالغاصب ، وان كان لعروض برد أو شبهه ، فعلى المؤجر التبقية ، وله المسمى عن المدة وأجرة المثل عن الزائد» (١).
وقال ـ في باب المزارعة منه : «فلو ذكر مدة يظن فيها الإدراك فلم يحصل ، فالأقرب ان للمالك الإزالة مع الأرش ، أو التبقية بالأجرة سواء كان بسبب الزارع كالتفريط بالتأخير أو من قبل الله كتأخير الأهوية وتأخر المياه» (٢) انتهى. غير أن حكمه في التسوية بين التفريط وعدمه في المزارعة ، ينافي قوله : في الإجارة مع التفريط «كالغاصب الذي حكمه جواز القلع للمالك بلا أرش».
__________________
(١) راجع كتاب الإجارة الثالث في إجارة الأرض والعقارات.
(٢) راجع : الفصل الثاني من المقصد الثاني في المزارعة ، وأوله : الثاني في تعيين المدة.