بايعناه فالله بايعنا ، وإن نكثنا بيعته فبيعة الله نكثنا.
ثم قال صلىاللهعليهوآله : إنّ الله أنزل عليَّ القرآن الذي من خالفه ضلّ ، ومن ابتغى علمه عند غير عليّ هلك.
وما كان صلىاللهعليهوآله ليثبت له هذه الخصائص تشهّياً ، ولا ليوجب له هذه الفضائل اقتراحاً ، بل بوحي يوحى ، لكونه صلىاللهعليهوآله لا ينطق عن الهوى (١).
ولم يكن سبحانه ليوجب علينا متابعته ، ويفرض علينا ولايته ، ولا يحثّنا على الاستمساك بعروته ، ويأمرنا بسلوك طريقته ، إلا لأنّه سبحانه علم تشدّده في حبّه ، وإخلاصه بقالبه وقلبه.
قد طهّره سبحانه بالعصمة ، وأيّده بالحكمة ، لا تأخذ فيه لومة لائم ، ولا يثني عزيمته عن التوجّه إليه عقائد العزائم ، قلبه منبع الأسرار الإلهيّة ، ونفسه معدن العلوم الربّانيّة والفضائل النفسانيّة ، إلى كعبة علومه تشدّ الرحال ، وببيت معارفه يطول الرجال ، وعلى قواعد استنباطه تبنى الأحكام ، وهو الذي وضع قوانين العلوم بأسرها ، وتفرّد دون الخلق بضبطها وحصرها ، فالعلوم الإلهيّة من عين يقينه نبعت ، الأحكام الشرعيّة من تحقيقه وتبيينه تفرّعت ، وموازين الفصاحة بلسانه استقام لسانها ، وقعر البلاغة بنهج بلاغته قامت سوقها واستقامت أوزانها ، والقواعد الرياضيّة بحدّة فطنته أوضح غامض إشكالها ، وأقام البرهان على وحدة الصانع ووجوب وجوده بترتيب قضاياها وأشكالها.
كلّ علم لا يُعزى إليه فهو باطل ، وكلّ نثر لا يحلّى بجواهر كلامه فهو
__________________
١ ـ إشارة إلى الآية : ٣ و ٤ من سورة النجم.