كلمة الناشر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله الأطياب الأخيار.
وبعد :
ففي عام ١١ للهجرة أفل النور المقدّس من الأرض ، ذلك النور الذي بعثه الله بشيراً ونذيراً للعالمين ، وقبل أن يوارى جثمانه الثرى بدأ خطّ الانحراف عن الرسالة التي جاء بها الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكانت وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم حدّاً فاصلاً بين عهدين يختلفان كلّ الاختلاف ، فذاك عهد اتّسم بالايمان والصدق والرحمة ، وهذا عهد الانقلاب على الأعقاب ، وكأنّ القوم أبوا إلا أن يطبقوا الوعد الإلهي ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ... ) (١).
وكان من نتائج هذا الانحراف هو انقسام الاُمة إلى قسمين :
أحدهما : محب لأهل البيت عليهمالسلام موالٍ لهم ، وملتزم بنهجهم الذي وضعوه ، منكر لخطّ الانحراف ولمبدأ السقيفة في الحكم.
والثاني : خطّ أصحاب المصالح والهمج الرعاع ، والّذي شمل إضافة إلى أتباع الشيخين ، الحزب الأمويّ والخوارج الذين أردوا أمير المؤمنين عليهالسلام شهيداً في محرابه ، واستولى على الحكم معاوية بعد أن اُرغم الامام الحسن عليهالسلام على الصلح معه لأسباب معروفة.
ومات معاوية وهو يوصي ابنه يزيد بأن يبادر إلى أخذ البيعة من جماعة ، وخصّ بالذكر الإمام الحسين عليهالسلام.
واستلم يزيد الخلافة بعد أبيه ، وهو ليس أهلاً للحكومة فضلاً عن خلافة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ بعض التأمّل في شخصيّة هذا الرجل وفي بعض ذاتياته وممارساته من خلال ما أوردته كتب التاريخ والسير عن فترة حكمه القصيرة ، يظهر
__________________
١ ـ سورة آل عمران آيه : ١٤٤.