المشهور ب « قاطع أسباب النفاق ، وقامع أرباب الشقاق » وهو مجلس قلته بإذن الله في اليوم السادس والعشرين من ذي الحجّة ، وخطبت به على صهوة (١) المنبر ، وأوردت فيه مآثم على عدوّ الله إبليس الأكبر ، وكالرسالة الموسومة ب « السجع النفيس في محاورة الدلام وإبليس ».
وغير ذلك من رسالات وخطب وأشعار تحثّ على اقتناء الفضائل ، وتنهى عن اقتراف الرذائل ، وتوضح من أدلّة التوحيد ما فيه تلال الطالب ، وبلاغ الراغب ، بأدلّة قاطعة ، وحجج ساطعة ، والتحذير من الدار الفانية ، والترغيب في الحياة الباقية ، وكان ذلك يشتمل على مائتي ورقة وأكثر ، أبهى من عقود اللآلئ وأبهر ، قد فاز من البلاغة بالسهم المعلّى ، وحاز من الفصاحة السهم الأعلى ، تمجّ فقراته مسمع الحاسد البغيض ، وتسمر (٢) حلاوة ترصّعاته فم المعاند المريض ، كما وصفت في راتق (٣) نظمي من رام بصعر خدّه هظمي :
كـم شـامـخ بأنـفـه تـكبـّراً |
|
وبـاذخ بـخـدّه تـصعـّرا |
ومـضمر لحـسن لفـظي حسداً |
|
ووجهه يظهر مـا قد أضمرا |
ترجـف منه وحـشـاه حـنـقاً |
|
يـكاد يزلـقـني بـما يـرا |
يـنأى وينهى عن مقامي جـاهداً |
|
يريد أن يشنأنـي بين الورى |
كـانّ لـفـظي أسهـم بـقلـبه |
|
حـدّ يـبالي لمعـاينـها برا |
في مدح صنو المصطفى اسنادها |
|
بالصدق ما كان حديثاً مفـترا |
يمـجّها مســمع ذي وقـاحـة |
|
أعسى النفاق سمعه والمبصرا |
يعرض عنّـي مـعرضاّ بعارضٍ |
|
فداً له كم فيه من لــوم جرا |
____________
١ ـ صَهوَةُ كل شيء : أعلاه. « لسان العرب : ١٤ / ٤٧١ ـ صها ـ ».
٢ ـ السمرُ : شَدّك شيئاً بالمسمار. « لسان العرب : ٤ / ٣٧٨ ـ سمر ـ ».
٣ ـ الراتق : الملتئم.