وكان الجمع الكبير والجمّ الغفير في الغدير حين أخذ البشير النذير بيد صنوه نور الله المبين ، وسببه المتين ، وإمام المتّقين ، وأمير المؤمنين ، أكثرهم ممّن الإلحاد دينه ، والنفاق قرينه ، قد استحوذ الشيطان على قلبه ، واستولى على لبّه ، فأعطى بلسانه ما ليس في فؤاده ، وظهر على صفحات وجهه ما أضمر من إلحاده ، وأسرّ غدراً ، وأخفى مكراً ، ونصب لنبيّه الغوائل ، وجادل في أمر الغدير بالباطل ، وأرصد بابه لتنفر ناقته ، وعاقد على إنزال المنون بساحته ، واستئصال شأفته.
وأطلع الله نبيّه على ما دبّروا ، ووقاه سيّئات ما مكروا ، ولمّا أشرقت دار الهجرة بنور مقدمه ، وشرفت أرجاؤها بموطئ قدمه ، وقد أكمل صلىاللهعليهوآله الدين بنصب وصيّه علماً لاُمّته ، وعمّم النعمة بجعله حافظاً لشريعته ، ونشر أعلام الإيمان بنشر مناقبه ، وأعلى كلمة الاسلام بإعلاء مراتبه ، وجلا أحكام الشريعة النبويّة في مدامس الاشتهار ، وحلّى جيد الملّة الحنيفيّة بنفائس الافتخار (١) ، ودارت رحى العدل على قطبها ، وأشرقت الأرض بنور بّها ، دعاه
__________________
١ ـ في « ح » : نظم هذا المضمون علي بن حمّاد رحمهالله وقال :
آخى الصـحابة
أشكـالاً فـأفرده |
|
فقال لم يا رســول
اللـه تفردني |
قال النبيّ لنفسي
قد ذخـرتـك ما |
|
في الأرض لي من أخ
إلاّك يشبهني |
أنا أخوك الذي
ترضى وأنت أخي |
|
ولا تـزال
تواسـينـي وتسعفنـي |
تشدّ أزري وتـرعى
سنّتي وعلى |
|
كلّ الأمور
تواتيـني وتعـضدنـي |
ما عشتُ أنت
وزيـري ... وإذا |
|
قضيتُ نحبي
تـوالـيني وتـخلفني |
وانت تغسّلـني
عـند الـوفاة فما |
|
يحلّ لغيرك عند
الـغسل ينظـرني |
وأنت وارث علمي
والأمـين على |
|
جميع أمري مـن
سـرّ ومـن علن |
وسوف تبدي لـك
الأعداء مانقموا |
|
من الضغـائن
والأحـقاد والإحـن |
واستعمل الحلم
عنهم وانتظر ... |
|
وبالإله عليــهـم
فاستـعن تـعن |
ألـقى إليـه رسـول
الله سائر ما |
|
ألقى إليـه مـن
الرحمن ذي الـمنن |
علماً بما كان
ومـا قد يـكون وما |
|
يقول في لقـن
أوحـى إلـى لــقن |