البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم ) (١).
ولمّا علم الله صدق نبيّه ، وإخلاص طويّته ، ليس له ثان في الخلق ، ولم يثنه ثان عن التوجّه إلى الحق ، مصباح الظلام إذا العيون هجعت ، المتهجّد القوّام إذا الجنوب اضطجعت ، المستأنس بالحق إذا الليل سجا ، المستوحش من الخلق إذا الغسق دجا ، له مع الله حالات ومقامات ، وتقلبه في صحائف الاخلاص سمات وعلامات ، لا يقصد بتهجّده إلا مولاه ، ولا يرجو بتعبّده إلا إيّاه ، لولا جِدُّه لما قام للاسلام عمود ، ولولا علمه لما عرف العابد من المعبود ، اصطفاه سبحانه لنفسه ، وأيّده بروح قدسه ، وأوجب له عرض الولاية على جِنّه وإنسه ، وساوى بينه وبين الرسول في علمه وحلمه ، وطمّه ورمّه ، وجدّه ورسمه ، وفضله وحقّه.
وجعل له في قلوب المؤمنين ودّاً ، وأمر نبيّه أن يورده من غدير الشرف في غدير صدراً وورداً ، وأن يثبت له في الأعناق إلى يوم التلاق عقداً وعهداً ، وأن يرفع له بالرئاسة العامّة في الآفاق على الاطلاق شرفاً ومجداً.
فقام صلىاللهعليهوآله صادعاً بأمر الله ، منفّذاً لحكم الله ، خاطباً في الغدير على منبر الكرامة ، مخاطباً للجمّ الغفير بفرض الامامة ، مبيّناً أمر وصيّه ووليّ عهده ، مظهراً شرف صفيّه وأخصّ الخلق من بعده ، راغباً معاطياً طال ما شمخت تعزّزاً وكبراً ، قاهراً أسى كم أظهرت لوليّ أمرها عقداً وعذراً ، قاطعاً أسباب اُولي النفاق بمبين وعظه ، قامعاً هامات الشقاق بمتين لفظه.
ما أظهر صلىاللهعليهوآله شرفه وميثاقه في الخطبة إلا بعد أن أعلى الله في الملكوت الأعلى شأنه وخطبه ، وأمر الصافّين الحافّين بالقيام على قدم
__________________
١ ـ سورة الأحزاب : ٣٣.