الخطيب في الأربعين : بالاسناد عن محمد بن كعب أنّ أبا طالب لمّا رأى النبي صلىاللهعليهوآله يتفل في فم علي ، فقال : ما هذا ، يا محمد؟
قال : إيمان وحكمة.
فقال أبو طالب لعليّ : يا بنيّ ، انصر ابن عمّك وآزره. (١)
وإذا استقرأت ورمت معرفة من كان أشدّ متابعة ، وأعظم حياطة للنبي صلىاللهعليهوآله ، وأعظم محاماة عنه وعن دينه لم تجد في المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين مثل أبي طالب رضي الله عنه وولده ، فإنّ أحداً لم يحام عن رسول الله كأبي طالب ، فإنّه ذبّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآله مدّة حياته بمكّة ، وكذلك لمّا حضر في الشعب ، حتى انّ رسول الله لم يمكنه بعد موته الاقامة بمكّة ، وهبط عليه جبرائيل وقال : يا محمد ، إنّ الله يقرئك السلام ، ويقول لك : اخرج قد مات ناصرك. (٢)
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما نالت قريش منّي ما نالت وما أكره حتى مات أبو طالب. (٣)
ثمّ لم يستقرّ حتى خرج صلىاللهعليهوآله إلى الطائف.
وكذلك ولده جعفر رضي الله عنه لم يزل يذبّ في إعلاء كلمة الاسلام ونصر الرسول صلىاللهعليهوآله حتى قتل في دار غربة مقبلاً غير مدبر ، وسمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآله « ذا الجناحين » لأنّ يديه قطعتا في الحرب ، فأبدله
__________________
١ ـ مناقب الخوارزمي : ٧٨ ، عنه كشف الغمّة : ١ / ٢٨٨.
وأخرجه في البحار : ٣٨ / ٢٤٩ ح ٤٢ عن الكشف.
٢ ـ البحار : ١٩ / ١٤ ح ٦ ، وج ٣٥ / ١١٢ ح ٤٣ وص ١٣٧ ح ٨٣ وص ١٧٤.
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب : ١ / ٦٧ ، عنه البحار : ١٩ / ١٧ ح ٩.