فقام جعفر وقال : لقد سُدتنا في الجنّة يا شيخي كما سُدتنا في الدنيا.
فلمّا مات أبو طالب رضي الله عنه أنزل الله : ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إنّ أرضِي وَاسِعَةٌ فَإيّايَ فَاعبُدُونِ ) (١). (٢)
تفسير وكيع : قال : حدّثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم (٣) ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ الغفاري قال : والله الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب حتى آمن بلسان الحبشة ، وقال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : يا محمد ، أتفقه لسان الحبشة؟
قال : يا عمّ ، إنّ الله علّمني جميع الكلام.
قال : يا محمد ، « اسدن ملصافافا طالاها » (٤) يعني : أشهد مخلصاً : لا إله إلا الله ، فبكى رسول الله وقال : إنّ الله أقرّ عيني بأبي طالب. (٥)
الصادق عليهالسلام : لمّا حضرت أبا طالب الوفاة أوصى بنيه ، فكان فيما أوصى قال : إنّي اُوصيكم بمحمد ، فإنّه الأمين في قريش ، والصدّيق في العرب ، فقد حباكم بأمر قبله الجَنان (٦) ، وأنكره اللسان مخافة الشنآن (٧) ، وأيم الله لكأنّي أنظر قد محضته العرب درّها ، وصفّت له بلادها ، وأعطته قيادها ، فدونكم يا بني
____________
١ ـ سورة العنكبوت : ٥٦.
٢ ـ بحار الأنوار : ٣٥ / ٧٩ عن مناقب ابن شهراشوب ـ ولم أجده فيه ـ.
٣ ـ كذا في البحار ، وفي الأصل : حدّثنا شيبان ، عن منصور وإبراهيم.
٤ ـ في البحار : لمصافا قاطالاها.
٥ ـ بحار الأنوار : ٣٥ / ٧٨ ح ١٨ عن مناقب ابن شهراشوب ـ ولم أجده فيه ـ.
وقال المجلسي رحمهالله : يمكن حمل هذا الخبر على أنّه أظهر إسلامه في بعض المواطن لبعض المصالح بتلك اللغة ، فلا ينافي كونه أظهر الاسلام بلغة اُخرى أيضاً في مواطن اُخر.
٦ ـ الجنان : القلب.
٧ ـ الشنآن : البغضاء. ومراده : لم اُظهره باللسان مخافة عداوة القوم.