فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يا عمّ ، إنّك راحل من الدنيا ، وإنّي راحل بعدك من مكّة إلى المدينة ، وراحل بعد المدينة إلى الله ، وإنّي وإيّاك نلتقي بين يدي الله بعد الموت ، فيسألك عن الايمان بي ، ويسألك عن ولاية ابنك علي.
يا عمّ ، فاشهد بكلمة الاخلاص معي في حياتك قبل موتك ، اُخاصم بها عند ربّي فترضي ربّك عن نفسي ، وترضيني وترضي ولدك عليّاً.
يا عمّ ، أما تأسف بنفسك أن يكون عليّ ولدك إمام اُمّتي ، وأسعد المقرّبين في الجنان ، وتكونَ الشقيّ المعذّب إن متّ على كفرك في النيران؟
يا عمّ ، إنّك تخاف عليّ أذى أعاديّ ولا تخاف على نفسك غداً عذاب ربّي!
فضحك ابو طالب ، وقال :
ودعوتني وزعمت أنّك ناصحي |
|
ولقد صدقت وكنت قدم أمينا (١) |
وعقد على ثلاثة وستّين (٢) : عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على إصبعه الوسطى ، وأشار بإصبعه المسبّحة ، يقول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله.
فقام علي عليهالسلام وقال : الله أكبر ، الله أكبر ، والذي بعثك بالحقّ نبيّاً لقد شفّعك الله في عمّك وهداه بك.
__________________
١ ـ انظر « ديوان شيخ الأباطح أبي طالب » من جمع أبي هفّان المهزمي : ٤١.
٢ ـ كذا في البحار ، وفي الأصل : ثلاثة وتسعين.
وتفسير ذلك أنّ الألف واحد واللام ثلاثون والهاء خمسة ، والألف واحد والحاء ثمانية والدال أربعة والجيم ثلاثة والواو ستّة والألف واحد والدال أربعة ؛ فذلك ثلاثة وستّون.