عليه وآله إلى المدينة ، وعلا أمره ، وهادن قريشاً ، وفتح خيبر ، فوافى جعفر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله بجميع من كانوا معه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا أدري بأيّهما اُسرّ ، بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟
وأتى مع جعفر وأصحابه من الحبشة سبعون رجلاً ، منهم اثنان وستّون من الحبشة ، وثمانية من أهل الشام ، منهم (١) بحيراء الراهب ، فقرأ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله سورة يس إلى آخرها ، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا ، وقالوا : ما أشبه هذا بما اُنزل على عيسى! (٢)
ثمّ لم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآله يقاسي منهم الأهوال ، ولكنّ الله سبحانه كان يمنعهم عنه بعمّه أبي طالب ، وكان أبو طالب رضي الله عنه يظهر لهم أنّه موافق لهم في دينهم ليتمّ له ما يريد من حماية رسول الله ، وإلاّ فهو كان مسلماً موحّداً.
وقد أجمعت العصابة من أهل البيت عليهمالسلام انّه قد مات مسلماً ، وإجماعهم حجّة على ما ذكر في غير موضع (٣) ، وسبب الشبهة في ذلك أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يعلن بنفاق أبي سفيان ، فشكا معاوية ذلك إلى مروان وعمر وعبد الله بن عامر فقالوا : إنّ إسلام أبيه أخفى من نفاق أبيك ، فأظهر كفره ، فجعل يقول : ألا إنّ أبا طالب مات كافراً ، وأمر الناس بذلك فصارت سنّة.
وقال الصادق عليهالسلام : مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف ، أسرّوا
____________
١ ـ في المجمع : فيهم.
٢ ـ مجمع البيان : ٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، عنه البحار : ١٨ / ٤١١ ـ ٤١٣.
ورواه في تفسير القمّي : ١ / ١٧٦ ـ ١٧٨ ، بتفاوت ، عنه البحار : ١٨ / ٤١٤ ح ١.
٣ ـ انظر البحار : ٣٥ / ١٣٩ نقلاً عن مجمع البيان.