وكان يحيى أكبر من عيسى بستّة أشهر ، وكلّف التصديق به ، وكان أوّل مصدّق به ، وشهد أنّه كلمة الله وروحه ، وكان ذلك أحد معجزات عيسى عليهالسلام ، وأقوى الأسباب لإظهار أمره ، فإنّ الناس كانوا يقبلون قوله لمعرفتهم بصدقه وزهده. (١)
فلهذا اجتمعت اليهود على قتله (٢) ، فلمّا أحسّ بذلك فرّ منهم واختفى في أصل شجرة ، فالتأمت عليه ، فدلّهم إبلي عليه ؛ وقيل : إنّه جذب طرف ردائه فلاح (٣) لهم في ظاهر الشجرة ، فوضعوا عليه منشاراً ، وقدّوا أصل الشجرة ويحيى بنصفين ، فأرسل الله سبحانه عليهم بخت نصّر ، وكان دم يحيى يفور من أصل الشجرة ، فقتل عليه سبعين ألفاً ، وكذلك قتل بالحسين سبعون وسبعون ألفاً ، وما أُخذ بثأره إلى الآن.
المناجاة
يا من أغرق أصحاب الأفكار الصائبة في بحار إلهيّته ، وحيّر أرباب الأنظار الثاقبة في مبدأ ربوبيّته ، ويا من تفرّد بالبقاء في قديم أزليّته ، ويا من توحّد بالعلى في دوام عظمته ، ويا من وسم ما سواه بميسم ( كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجهَهُ ) (٤) ، ويا من جعل لكلّ حيّ إلى سبيل الموت غاية ووجهة ، ويا
____________
١ ـ مجمع البيان : ١ / ٤٣٨ ، عنه البحار : ١٤ / ١٦٩.
٢ ـ روي هذا في زكريّا عليهالسلام ، انظر : علل الشرائع : ٨٠ ح ١ ، عنه البحار : ١٤ / ١٧٩ ح ١٥.
وقصص الأنبياء للراوندي : ٢١٧ ح ٢٨٤ ، عنه البحار : ١٤ / ١٨١ ح ٢٢.
٣ ـ في « ح » : أي فظهر.
٤ ـ سورة القصص : ٨٨.