الانتصاف (١).
وقولهم سلام الله عليهم في صفة صلاة الليل ثمانٍ من آخر الليل ، ثمَّ الوتر ثلاث ركعات ، ويفصل بينهما بتسليمة ، ثمّ ركعتي الفجر (٢) ، وسائر ما دلّ من الأخبار على أن وقت صلاة الليل آخر الليل ، أو أن فعلها في آخر الليل أفضل ، وشبه ذلك. فالمقصود منه أن وقتها في النصف الأخير من الليل دون الأوّل ، أو أن فعلها في النصف الأخير أفضل ، فالأوّليّة والآخريّة في مثل (٣) هذه الموارد إنما هي باعتبار النصفين.
وأمّا مثل ما ظاهره أن وقتها يمتدّ إلى آخر الليل ، فهي آخريّة إضافيّة ، ومجاز قطعاً ؛ لأن آخره الحقيقيّ إنما هو جزء لا يسع ركعة فضلاً عن نافلة الليل التي ورد فيها من الأذكار والأدعية والحثّ على السور الطوال ما لا يخفى ، وإنما آخره الحقيقيّ ما لا يسع الصائم فيه مضغ اللقمة وابتلاعها. فظهر أن المراد بذلك ما قارب الساعة الفجريّة التي هي آخر الليل ، فسمّي ما قبلها آخراً من باب مجاز المجاورة.
وبهذا يظهر الجواب عن مثل قولهم بما معناه عليهم سلام الله ـ : الأمر بطلب الحوائج في ساعة كذا وكذا ، وفي ساعة من آخر الليل قبل طلوع الفجر (٤). بل مثل هذا دلالته على أن الساعة الفجريّة من الليل أظهر ، لمقام التقييد بقبليّة طلوع الفجر ، ولولاه لم يكن لهذا القيد فائدة تظهر ولا نكتة تعرفها ، وكلامه طبق الحكمة ، وإنما ينطقون عن الحكيم.
وأمّا مثل ما في خبر الزهريّ : عن زين العابدين عليهالسلام : أنه قال وكذلك المسافر إذا أكل من أوّل النهار ، ثمّ قدِم أهله أُمر بالإمساك بقيّة يومه ، وليس بفرض ، وكذلك الحائض إذا طهرت (٥) ، وشبهه ، فالمراد به الأوّليّة الإضافيّة ، أو من باب (٦) مجاز المجاورة كما مرّ.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٣ : ٢٣٣ / ٦٠٧.
(٢) المعتبر ٢ : ١٥ ، بحار الأنوار ٨٠ : ١٢٢ / ٥٨.
(٣) قوله : ( فعلها في النصف .. في مثل ) ليس في « ق ».
(٤) الخصال ٢ : ٦١٦ ، أبواب المائة وما فوقها / حديث أربعمائة ، بحار الأنوار ٨٠ : ١٢٥ / ٧٠.
(٥) تهذيب الأحكام ٤ : ٢٩٦ / ٨٩٥.
(٦) قوله : ( باب ) ليس في « ق ».