الأدلّة على أن أوّل النهار طلوع قرص الشمس
ولنا على ما اخترناه ضروب من الدلالات :
أحدها : ما جاء عنهم عليهمالسلام لما سُئلوا : كم بين المشرق والمغرب؟ أنهم قالوا مسيرة يوم للشمس ، كما في ( نهج البلاغة ) (١) ، فدلّ على أن النهار زمان مسير الشمس من المشرق إلى المغرب.
ومثله ما في ( الاحتجاج ) أن أبا حنيفة : سأل أبا عبد الله عليهالسلام : كم بين المشرق والمغرب؟ فقال مسيرة يوم ، بل أقلّ من ذلك فاستعظمه ، فقال يا عاجز ، لم تشكُّ في هذا؟ إن الشمس تطلع في المشرق وتغرب في المغرب في أقلَّ من يوم (٢) الخبر.
فإن الظاهر أنه أراد به مسير الشمس ، فدلّ على أن النهار زمن مسيرها من المشرق إلى المغرب ؛ إذ لا خلاف في ترادف اليوم والنهار ، ولعلّه قال بل أقلّ نظراً إلى تفاوت ما بين كونها على الأُفق الحسّيّ والحقيقيّ ، فأجاب أوّلاً بما هو محسوس مُدرَك لعامّة البشر ، وهو المتعارف بينهم ، ثمّ أبان بالإضراب الحقيقة.
والتفاوت بينهم بحسب الظاهر ، هو قدر ما بين استتار القرص إلى ذهاب الحمرة من جهة المشرق ، وهو وقت فرض المغرب على المشهور ؛ فإنه الوقت الذي تغيب فيه الشمس من شرق الأرض وغربها حقيقة ، وهو آخر النهار حقيقة.
إمّا حسّا وبحسب العرف ، فهو استتار القرص عن أبصار أهل ذلك الأُفق ، ولا
__________________
(١) نهج البلاغة : ٧١٨ / قصار الحكم : ٢٩٤.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٢٧٢ / ٢٣٩.