ويحتمل أيضاً أنه ذكر حكم الأكل في النهار ولم يتعرّض لذكر الأكل بعد الفجر قبل طلوع الشمس ، ولا ينافي مساواته لهذا في هذا الحكم بدليل آخر.
ومثله قول أبي عبد الله عليهالسلام : لمّا سأله عبد الأعلى : عن رجل وطئ امرأته وهو معتكف ليلاً في شهر رمضان قال عليهالسلام عليه الكفّارة.
قال : قلت : فإن وطئها نهاراً؟ قال عليهالسلام عليه كفّارتان (١) ، وما أشبهه.
وعلى كلّ حال فليس شيء من هذا ولا كلّه يقاوم شيئاً ممّا ذكرناه من الأدلّة القطعيّة. وما ربّما يتوهّم أو يقال في بعض ألسنة من لم يتأمّل ما قال من الفرق بين نهار الصائم والبيْن وغيرهما فوهْم لم يدلّ عليه دليل ، بل ليس له معنًى يعقل ؛ فإنه ليس إلّا ليلاً واحداً ونهاراً واحداً ، هما حقيقتان متباينتان ، بل متضادّتان. غاية الأمر أنه دلّ الدليل على وجوب الصوم من طلوع الفجر إلى آخر النهار ، وأن ذلك ظرف للصوم ، وأن من فعل في هذه المدّة مع تعيّن صومها عليه ما ينافي الصوم وجب عليه حكمه من قضاء أو كفّارة ، وأثم.
والمجلسيّ : نوّر الله ضريحه في ( بحار الأنوار ) بعد أن صرّح ونصّ على أن منتصف النهار زوال الشمس عن دائرة نصف النهار ، وأن معنى تساوي الليل والنهار هو تساوي ما بين الطلوع إلى الغروب ، وما بين الغروب إلى الطلوع ، اختار أن الساعة الفجريّة من النهار ، وأطال وأكثر الحزّ وأخطأ المفصل ، واستدلّ بما لا يحتجّ بمثله في هذا المطلب العظيم ، وبما لا يدلّ على ذلك بوجه ، وبما دلالته عليه لا له. وهذا جهده شكر الله سعيه وجزاه عن الشريعة جزاء الصالحين فإنه [ من ] المرابطين في سبيل الله لقتال أعداء الله.
وأنا أقول : هذا جهدي قد وفدت به على باب مولاي صاحب الزمان عليهالسلام ، فإن قبله فطالما عفا ورحم ، وإن ردّه فبجرائمي ، ولكنّي أرجو عفوه ورحمته ، وألّا أخيب مِن بين مَن قرع باب رحمته ، ولجأ إلى ظلّه ، والصلاة والسلام من الله على محمّد
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١٢٢ ـ ١٢٣ / ٥٢٣.