وليل يشبه النهار شبهاً تامّاً ، ويختصّ (١) بمزايا لا توجد في الصنفين ، وهو الساعة الفجريّة ، فخصّها بالذكر من بين ساعات الليل ، ولم يفرد من ساعات النهار شيئاً ، فحكمه أن ساعات النهار اثنتا عشرة ساعة ، يدلّ على أن ساعات الليل كذلك ، بحكم المقابلة المجمع عليها ، وعدم القائل بقسم ثالث.
فقد دلّ هذا على ما قلناه من أن إفراده عليهالسلام للساعة الفجريّة بالذكر من بين ساعات الليل ، مع بيانه أن كلّ واحد من الليل والنهار اثنتا عشرة ساعة إنما هو لمزايا تخصّهما.
وما قاله بعض أجلّة المتأخّرين بعد إيراده هذين الخبرين من أن ( هذا اصطلاح آخر لليل والنهار سوى المشهور ، وكأنه مشهور بين أهل الكتاب ) (٢). وقال بعد إيراد خبر الجاثليق : ( قد مرّ أن (٣) هذا اصطلاح آخر عند أهل الكتاب ؛ فلذا أجابه عليهالسلام على وفق معتقده. وقوله من ساعات الجنة ، أي شبيهة (٤) بها ، ولا يبعد (٥) أن يكون المراد أنها (٦) لا تحسب في انتصاف الليل ولا في انتصاف النهار ) (٧) انتهى لا يخفى سقوطه ، فإن الإمام لا يتكلّم إلّا بالحقّ المطابق للوجود وصفاته ، فإنه لا ينطق عن الهوى وإنما ينطق بإذن الله ، وفي الحقّ سعة عن الباطل ، مع أنه ساقهما في الدلالة على أنها من ساعات النهار ، وقد نفى البعد عن خروجها عن الانتصافين.
وهذا كلام لا يعقل ولم يقل به أحد ، فاضطراب كلامه لا يخفى.
ويمكن أيضاً أن يجمع بين ما دلّ على أن الساعة الفجريّة من الليل ، وما دلّ بظاهره على أنها من النهار ، بحمل الأوّل على المعنى اللغوي وبحسب خارج الزمان ، فمدار التكليف الزماني عليه ، وحمل الثاني على حال الدهر بالنسبة إلى
__________________
(١) في « ق » : ( مختص ).
(٢) بحار الأنوار : ٨٠ : ١٠٦.
(٣) من « ق » والمصدر.
(٤) في « ق » : ( شبهه ).
(٥) في « ق » : ( يتعدى ).
(٦) في « ق » : ( بها ).
(٧) بحار الأنوار ٨٠ : ١٠٧.