والأخبار بهذا المضمون في الكتب الأربعة (١) وغيرها من الكتب المعتمدة مستفيضة لا نطوّل بذكرها.
ومن خواصّها أنها تشبه زمن أوّل البلوغ التكليفيّ ، فإنّها أوّل بدء الحياة بعد موتة النوم ، وأوّل انبعاث النفوس للسعي في طلب المعاش ، وعمارة الأرض حسب ما كُلّفوا ؛ ولذا افتتحت بفرض الصبح ، والتضرّع إلى الله بإظهار رسم العبوديّة التوحيديّة ، فصحّ التجوّز بأنها ليست من الليل.
وأمّا نفي كونها من ساعات النهار فحقيقة ، ففي خبر الجاثليق : مع الباقر عليهالسلام : حيث سأله عن ساعة ليست من ساعات الليل ولا من ساعات النهار ، فقال عليهالسلام ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
فقال النصرانيّ : فمن أيّ الساعات هي؟ فقال عليهالسلام من ساعات الجنّة ، وفيها تفيق مرضانا (٢) الخبر.
وقد مرّت الإشارة إليه ، ومرّ أيضاً خبر أبي هاشم الخادم : عن أبي الحسن عليهالسلام : أنه قال ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة ، وفيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة ، وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة (٣) الخبر.
فدلّ الخبر الأوّل على أنها اختصّت بمشابهة ساعات الجنّة ؛ ولذا تفيق فيها مرضى المؤمنين ، والخبر الثاني على أنها اختصّت بأن جُعل في مقابلها ركعتان لكثرة ما فيها من المزايا والخواصّ التي تميّزت بها عن ساعات الليل والنهار ، حتّى كأنّها خارجة عنهما ، وإلّا فلا يظهر قائل بأن ساعات الليل والنهار (٤) خمس وعشرون ساعة.
فإذن ، معناه أن مجموع الليل والنهار ثلاثة أصناف : نهار محض ، وليل محض ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٨٢ / ٢ ، الفقيه ١ : ١٣٧ ـ ١٣٨ / ٦٤٣ ، تهذيب الأحكام ٢ : ٣٧ : ١١٦ ، الاستبصار ١ : ٢٧٥ / ٩٩٥.
(٢) تفسير القمِّي ١ : ١٢٦ ، وفيه : « وفيها تفيق مرضى » ، بحار الأنوار ٤٦ : ٣١٣ ـ ٣١٤ / ٢.
(٣) الخصال ٢ : ٤٨٨ ، أبواب الاثني عشر / ٦٦ ، علل الشرائع ٢ : ٢٢ ، ب ٢٣ ، ح ١ ، باختلافٍ يسير.
(٤) قوله : ( حتّى كأنها .. والنهار ) ليس في « ق ».