ولمّا ظهر في الساعة الفجريّة مزايا من النهار ومزايا [ من ] الليل ، ظهر فيها حكم البرزخيّة ، فصحّ التجوّز بإطلاق النهار عليها ، وقد اختصّت بمزايا ليست في النهار ولا في الليل ، مثل لطف هوائها في جميع الفصول بالنسبة إلى ليالي الفصول وأيّامها ، فهي أبرد في زمن الحرّ وأسخن في زمن البرد مع لطف في هوائها.
ومن خواصّها أن فيها تفيق مرضى المؤمنين ، والظاهر أنه يشتدّ فيها مرض الكافر ؛ فإن ما كان رحمة للمؤمن فهو عذاب على الكافر.
ومن خواصّها أن أكثرها نور بلا شمس ولا قمر ، ومن هذين الوجهين صارت تشبه ساعات الجنّة ، كما قال مولانا الباقر عليهالسلام (١).
ومن خواصّها أنه يجتمع فيها ملائكة الليل والنهار ، والمراد بهم : الحفظة الكرام الكاتبون كما استفاضت به الأخبار ، ففي ( العلل ) بسند قويّ عن إسحاق بن عمّار : عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال : قلت له أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر. قال مع طلوع الفجر ، إن الله تبارك وتعالى يقول ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) (٢) ، يعني : صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار ، فإذا صلّى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أُثبتت له مرّتين ، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار (٣).
وفي ( ثواب الأعمال ) بسنده عن إسحاق : أيضاً عنه عليهالسلام مثله (٤).
وفي ( البحار ) نقلاً من مجالس الشيخ : بسنده عن أبي عبد الله عليهالسلام : أنه كان يصلّي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أوّل ما يبدو ، وقبل أن يستعرض ، وكان يقول ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) ، إن ملائكة الليل تصعد ، وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر ، فأنا أختار أن تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار صلاتي (٥) الخبر.
__________________
(١) تفسير القمِّي ١ : ١٢٦.
(٢) الإسراء : ٧٨.
(٣) علل الشرائع ٢ : ٣٢.
(٤) ثواب الأعمال : ٥٧ ـ ٥٨ / ١.
(٥) بحار الأنوار ٨٠ : ٧٢ ـ ٧٣ / ٣ ، الأمالي : ٦٩٥ / ١٤٨١.