اجتماعي وسبق اعتقادي ، وهو وجود أدب الرثاء والندبة والعزاء في القرآن الكريم ، وللأسف لم يثر مفسّروا الإمامية هذا الباب ، وهو باب أدب الرثاء ، مع أنّ القرآن الكريم يحمل الأُسلوب الرثائي بطريقة عاطفيّة جيّاشة ، وهذا الباب ـ أدب الرثاء ـ يقف إلى جانب أدب الحكم والمواعظ والأمثال والوعيد والبشارة.
والرثاء في القرآن الكريم بأُسلوب عاطفي جيّاش يهدف إلى إيصال المستمع للقرآن إلى التضامن مع المظلوم ، والتنديد بالظلم والظالمين ، ولو حلّلنا سورة البروج في موضوع أصحاب الأُخدود ، وحلّلنا قصّة هابيل وقابيل لرأينا أنّها في منتهى الإثارة العاطفيّة للقاريء ، وهذا ليس أدب رثاء فقط ، ولكن كل ختمة نختمها من القرآن الكريم تتطوي على العديد من المراثي والندب ، وهذا مطلب قرآني يهدف إلى فتح الملفّات التاريخية ، ومن الملفّات التي فتحها القرآن الكريم الملفّات التاريخية المتعلّقة بالنبي وأصحابه ، فنرى أنّ القرآن الكريم يفتح هذه الملفّات ويصنّف المحيطين بالنبي ، ويصفهم بأوصاف إيجابية وسلبية بدرجات مختلفة ، فيصف بعضهم بالمنافقين والمرجفين في المدينة (١) والمعوّقين والمبطئين والمتخلّفين (٢) ، كما أنّ هناك أوصافاً إيجابية تصفهم بأنّهم أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم تراهم ركَّعاً سجَّداً يبتغون فضلا من ربّهم (٣)
موقف القرآن الكريم من البدريين الذين كانوا مع النبي محمّد صلىاللهعليهوآله
في هذا العام زرت مكان معركة بدر الكبرى ، والتي تبعد ١٥٠ كم عن المدينة المنورة ببركات النبي محمّد صلىاللهعليهوآله وأئمة البقيع عليهمالسلام والبضعة الطاهرة عليهاالسلام ، وهناك
__________________
١ ـ التوبة (٩) : ٧٣ ـ ٨٧.
٢ ـ الأحزاب (٣٣) : ١٨ ، الفتح (٤٨) : ١١.
٣ ـ الفتح (٤٨) : ٢٩.