رأينا أحد المشايخ ، وقال لي : هل جئتم هنا إلى زيارة القبور؟ فقلت له : لا ، وإنّما أتيت هنا لأرى مسرح المعركة التي انتصر فيها المسلمون ، وكان لعلي عليهالسلام دور أساسي ومحوري في هذا النصر ، وهناك فتحنا القرآن ، وحاولنا معرفة مكان العدوة الدنيا والعدوة القصوى ومكان الركب الموصوف في الآية بـ ( أسفل منكم ) (١) ، حيث كان الإمام الصادق عليهالسلام يوصي ابن أبي يعفور ، ويقول : لا يفوتنّك مشهد من مشاهد النبي إلاّ واشهده (٢) ، ولعلّ في بعض الروايات وصلّ فيه ركعتين (٣).
وهناك ، ونحن ننظر إلى ساحة المعركة ففتحنا القرآن ، وقرأنا في سورة الأنفال ، وقرأنا هذه الآية أمام ذلك الشيخ الذي أنكر علينا زيارة القبور ، ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٤).
واستنتجنا من الآية الكريمة أنّه كانت فئتان يذمّهما القرآن من بين البدريين أنفسهم ـ فضلا عن جميع الصحابة ـ وهاتان الفئتان هما : المنافقون والذين في قلوبهم مرض ، وعندما واجهنا ذلك الشيخ بهذه الآية قال : إنّ بدر لم تكن مدينة مسكونة.
فقلت له : إنّ القرآن لا يتكلّم عن سكّان بدر ، وإنّما يتكلّم عن بعض الصحابة الذين كانوا مع النبي يحاربون ولكنّهم كانوا منافقين.
وعندها قال الشيخ : إنّي مرتبط بعمل وأريد الانصراف.
__________________
١ ـ الأحزاب (٣٣) : ١٠.
٢ ـ كامل الزيارات : ٦٦ ، الحديث ٥٢.
٣ ـ جامع أحاديث الشيعة ١٥ : ٧٠ ، الحديث ٢٠٥٩٨.
٤ ـ الأنفال (٨) : ٤٩.