أُولئك الأشقياء الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ، تلك قلوب خاوية من الخيرات ، خالية من الطاعات ، مصرّة على المرديات المحرّمات ، تعتقد تعظيم من اهنّاه ، وتصغير من فخّمناه وبجّلناه ؟ ، لئن وافوني كذلك لأشدّدن عليهم عذابهم ، ولأطيلن حسابهم ، تلك قلوب اعتقدت أنّ محمّداً رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كذب على الله أو غلط عن الله ، في تقليده أخاه ووصيّه إقامة أود(٥) عباده ، والقيام بسياساتهم ، حتى يروا الأمن في إقامة الدين في إنقاذ الهالكين ، وتعليم الجاهلين ، وتنبيه الغافلين ، الذين بئس المطايا إلى جهنم مطاياهم .
ثم يقول الله : يا ملائكتي انظروا فينظرون ، فيقولون : يا ربّنا وقد اطلعنا على قلوب هؤلاء الآخرين ، وهي بيض مضيئة ترفع عنها الأنوار إلى السماوات والحجب ، وتخرقها إلى أن تستقر عند ساق عرشك يا رحمان ، يقول الله عزّ وجلّ : أُولئك السعداء الذين تقبّل الله أعمالهم ، وشكر سعيهم في الحياة ، الدنيا فإنهم قد أحسنوا فيها صنعاً ، تلك قلوب حاوية للخيرات ، مشتملة على الطاعات ، مدمنة على المنجيات المشرفات ، تعتقد تعظيم من عظّمناه ، وإهانة من أرذلناه ، لئن وافوني كذلك لأُثقلن من جهة الحسنات موازينهم ، ولأُخففن من جهة السيآت موازينهم ، ولأُعظمن أنوارهم ، لأجعلنّ في دار كرامتي ، ومستقر رحمتي محلّهم وقرارهم ، تلك قلوب اعتقدت أن محمّداً رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هو الصادق في كلّ أحواله(١) المحقّ في كلّ أفعاله ، الشريف في كلّ خلاله ، المبرّز بالفضل في جميع خصاله ، وأنه قد أصاب في نصبه
_____________________________
(٥) الأود : العِوَج ( النهاية ج ١ ص ٧٩ ) .
(٦) في المصدر : أقواله .