وأكثر تلك الأخبار وإن لم يصرّح فيه بمن وقف في الأراك في الوقت الاختياريّ فيمكن تنزيله على من ترك الوقتين ، إلاّ أنّ صحيحة الحلبي منها ظاهرة في ذلك ، فإنّ فيها : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في الموقف : ارتفعوا عن بطن عرنة ، وقال : أصحاب الأراك لا حجّ لهم » (١).
فإنّ موقفه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في الوقت الاختياريّ قطعا ، فالأمر بالارتفاع حينئذ ونفي الحجّ عن أصحاب الأراك فيه ظاهر فيما قلناه.
وأمّا مرسلة ابن فضّال : « الوقوف بالمشعر فريضة والوقوف بعرفة سنّة » (٢) فالمراد بالسنّة فيها مقابل الفرض الذي هو ما ثبت وجوبه بالكتاب.
ومقتضى القاعدة المذكورة وإن كان البطلان بترك جزء من الوقوف الواجب الاختياريّ عمدا ، إلاّ أنّهم خصّوه بمن تركه بجميع أجزائه ، أي ترك المسمّى ، والدليل عليه الإجماع.
وقد يستدلّ عليه أيضا بالأخبار المتقدّمة المتضمّنة لإيجاب الكفّارة على من أفاض قبل الغروب. وهو غير جيّد ، لأنّ وجوب الكفّارة أعمّ من بطلان الحجّ ، إلاّ أن تستقيم الدلالة بالإجماع المركّب ، فتأمّل.
المسألة الرابعة : لو ترك جميع الوقوف الاختياري اضطرارا ـ بأن نسيه ولم يصل إليه لضيق وقته أو لعذر آخر ـ لم يبطل حجّه ولا كفّارة عليه ، بل يجب عليه تداركه ليلة العيد ولو إلى الفجر متّصلا به مع الإمكان إجماعا ، له ، وللنصوص :
كصحيحة الحلبي : عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات ، فقال :
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٦٣ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٨٧ ـ ٩٧٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٢ ـ ١٠٧٩ ، الوسائل ١٣ : ٥٥١ أبواب إحرام الحج ب ١٩ ح ١٠.
(٢) الفقيه ـ ٢ : ٢٠٦ ـ ٩٣٧ وفيه : بتفاوت ، التهذيب ٥ : ٢٨٧ ـ ٩٧٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٢ ـ ١٠٨٠ ، الوسائل ١٣ : ٥٥٢ أبواب إحرام الحج ب ١٩ ح ١٤.