رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ٧

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي

رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ٧

المؤلف:

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١

صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو أتيت عبد الله بن أبيّ. فركب حمارا ، وانطلق معه المسلمون يمشون ، فلما أتاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إليك عني! والله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله أطيب ريحا منك ، فغضب لعبد الله رجل من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أصحابه ، وكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا [أنه](١) أنزلت فيهم : (وَإِنْ طائِفَتانِ) ... الآية» (٢).

قلت : واسم الرجل الذي غضب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.

والقول على : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) كالقول على (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا) [الحج : ١٩].

وقرأ جماعة منهم : ابن مسعود ، وأبيّ بن كعب : " اقتتلا" (٣).

(فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) بالدعاء إلى كتاب الله والرضى بما فيه لهما وعليهما (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى) بطلب ما ليس لها ، غير راضية بما أوجبه كتاب الله لها وعليها ، (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) أي : تستطيل بغير الحق ، (حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) أي : ترجع إلى طاعته (وَأَقْسِطُوا) اعدلوا في الإصلاح بينهما ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) في الدين.

قال الزجاج (٤) : أعلم الله تعالى أن الدين يجمعهم ، وأنهم إخوة ، إذا كانوا

__________________

(١) في الأصل : أن. والتصويب من ب.

(٢) أخرجه البخاري (٢ / ٩٥٨ ح ٢٥٤٥) ، ومسلم (٣ / ١٤٢٤ ح ١٧٩٩).

(٣) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٧ / ٤٦٣) ، والدر المصون (٦ / ١٧٠).

(٤) معاني الزجاج (٥ / ٣٦).

٣٤١

متفقين في دينهم ، فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب ؛ لأنهم جميعا ولد آدم وحواء ، ولو اختلفت أديانهم لافترقوا في النسب ، وإن كانوا في الأصل لأب وأم ، ألا ترى أنه لا يرث الابن المؤمن من الأب الكافر ، ولا الحميم المؤمن من نسيبه الكافر.

(فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) قرأ الأكثرون على التثنية. وقرأ أبيّ بن كعب ، ومعاوية ، وسعيد بن المسيب ، وقتادة ، ويعقوب في آخرين : " بين إخوتكم" بكسر الهمزة وسكون الخاء وتاء مكسورة (١).

وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأبو رزين ، [وأبو](٢) عبد الرحمن السلمي ، والحسن ، والشعبي : " إخوانكم" بكسر الهمزة وألف بعد الواو ونون مكسورة (٣).

وقرأت على الشيخين أبي البقاء وأبي عمرو الياسري بهذه الأوجه الثلاثة لأبي عمرو.

والقراءتان تدلك على أن المراد بقراءة العامة الجمع وإن كان بصيغة التثنية.

وفي الصحيحين من حديث ابن عمر : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يشتمه (٤) ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره

__________________

(١) النشر (٢ / ٣٧٦) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٣٩٧).

(٢) في الأصل : أبو. والتصويب من ب.

(٣) انظر : إتحاف فضلاء البشر (ص : ٣٩٧) ، وزاد المسير (٧ / ٤٦٤).

(٤) في الصحيحين : يسلمه.

٣٤٢

(اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(١).

وقال بكر بن عبد الله المزني (٢) : امش ميلا وعد مريضا ، وامش ميلين وأصلح بين اثنين ، وامش ثلاثة أميال وزر أخا في الله تعالى (٣).

فصل

وفي هاتين الآيتين دليل واضح على أن الباغي لا يخرج عن الإيمان ، وقد سئل علي عليه‌السلام ـ وهو القدوة في قتال أهل البغي ـ عن الخوارج : أمشركون هم؟ فقال : من الشرك فروا ، فقيل : أمنافقون؟ فقال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، قيل : فما (٤) حالهم؟ فقال : إخواننا بغوا علينا (٥).

فصول : تتضمن أحكام البغاة

الفصل الأول :

الخارجون على الإمام ثلاثة أقسام : قسم لا تأويل لهم ، فهؤلاء قطّاع طريق ، وقد ذكرنا أحكامهم في المائدة ، وكذلك إن كان لهم تأويل لكنهم عدد يسير لا منعة لهم ؛ لأن عليا رضي الله عنه لم يجر ابن ملجم مجرى البغاة (٦).

__________________

(١) أخرجه البخاري (٢ / ٨٦٢ ح ٢٣١٠) ، ومسلم (٤ / ١٩٩٦ ح ٢٥٨٠).

(٢) في هامش الأصل : قوله : قال بكر ... إلخ ، هو حديث أخرجه السيوطي في الجامع من رواية ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان عن مكحول مرسلا ، اللفظ بعينه.

(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب" الإخوان" (ص : ١٥٢) من حديث مكحول.

(٤) في الأصل زيادة قوله : هم.

(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (٧ / ٥٣٥ ح ٣٧٧٦٣) ، والبيهقي في الكبرى (٨ / ١٧٣ ح ١٦٤٩٠) وفيهما : سئل علي عن أهل الجمل.

(٦) انظر : المغني (٩ / ٣).

٣٤٣

القسم الثاني : [الخوارج](١) الذين يكفّرون أهل الحق ، وأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويستحلون دماء [المسلمين](٢) ، فذهب عامة الفقهاء إلى أن حكمهم حكم البغاة ؛ لأن عليا رضي الله عنه قال : " إخواننا بغوا علينا" ، وقال : " لا تبدؤوهم بالقتال". وكذلك عمر بن عبد العزيز ، من غير نكير ، فكان إجماعا (٣).

وذهبت طائفة من علماء الحديث إلى أنهم كفار ، حكمهم حكم المرتدين ؛ لما روى أبو سعيد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فيهم : «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأين ما لقيتهم فاقتلهم ، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة» (٤).

وفي لفظ : «لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ؛ لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» (٥).

فعلى هذا ؛ يجوز قتلهم ابتداء وقتل أسراهم واتباع مدبرهم ، ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد ، فإن تاب وإلا قتل (٦).

القسم الثالث : قوم من أهل الحق خرجوا على الإمام بتأويل سائغ وراموا خلعه ، ولهم منعة وشوكة ، فهؤلاء بغاة وواجب على الناس معونة إمامهم في قتالهم ، للآية التي نحن في تفسيرها (٧).

ولأن الصحابة قاتلوا مانعي الزكاة ، وقاتل علي رضي الله عنه أهل البصرة يوم

__________________

(١) في الأصل : الخارجون. والمثبت من ب.

(٢) في الأصل : المسلمون. والتصويب من ب.

(٣) انظر : المغني (٩ / ٣ ـ ٤).

(٤) أخرجه البخاري (٤ / ١٩٢٧ ح ٤٧٧٠).

(٥) أخرجه البخاري (٣ / ١٢١٩ ح ٣١٦٦) ، ومسلم (٢ / ٧٤١ ح ١٠٦٤).

(٦) انظر : المغني (٩ / ٤).

(٧) انظر : المغني (٩ / ٥).

٣٤٤

الجمل ، وأهل الشام يوم صفّين.

ولا يقاتلهم الإمام حتى يسألهم ما ينقمون منه ، فإن اعتلّوا بمظلمة أزالها ، أو شبهة كشفها ؛ لأن عليا عليه‌السلام راسل عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير يوم الجمل : ما الذي أقدمكم؟ فاعتلّوا بطلب دم القتيل ظلما أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، وأنهم خرجوا آمرين بالمعروف ، ناهين عن المنكر ، آخذين على أيدي الظّلمة الفجرة الذين قتلوا عثمان وانحازوا إلى أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، فأجابهم إلى ذلك طالبا منهم موافقتهم ومعاضدتهم ، حتى يأخذوا على أيديهم ويقتلوهم ، فانتظم أمر الفريقين على ذلك ، فلما [أحسّ](١) القتلة بما انتظم الأمر عليه انتهزوا الفرصة وغفلة الجيشين ، فرشقوهم بالنبل ، فقال طلحة والزبير : ما هذا؟ فقيل : عليّ يقاتلكم ، فعبّوا أصحابهم للقتال ، فقال علي : ما هذا؟ فقيل : طلحة والزبير قد تهيأوا لقتالك ، فنشبت الحرب بينهم يومئذ.

وروى عبد الله بن شداد : أن عليا عليه‌السلام لما اعتزلته الحرورية بعث عبد الله بن عباس إليهم فقاضاهم إلى كتاب الله ، وجرت بينهم مناظرة معروفة عند أهل العلم ، فرجع منهم أربعة آلاف (٢).

الفصل الثاني :

إذا قوتلوا لم يتبع لهم مدبر ولم يجهز على جريح ، ولم يقتل لهم أسير ، ولم يغنم لهم مال ، ولم يسب لهم ذرية (٣).

__________________

(١) في الأصل : حسّ. والتصويب من ب.

(٢) انظر : المغني (٩ / ٥).

(٣) انظر : المغني (٩ / ٦).

٣٤٥

قال أبو أمامة : شهدت صفّين ، فكانوا لا يجهزون على جريح ، ولا يطلبون موليا ، ولا يسلبون قتيلا (١).

ولأن المقصود دفعهم ، فإذا حصل لم يجز قتلهم كالصائل.

ومن لم يقاتل منهم لم يقتل ؛ لأن عليا رضي الله عنه قال يوم الجمل : إياكم وصاحب البرنس ـ يريد محمد بن طلحة السجاد ـ وكان حضر طاعة لأبيه ، ولم يقاتل (٢).

ومن قتل أحدا ممن منع من قتله ضمنه ؛ لأنه قتل معصوما لم يؤمر بقتله ، وهل يقاد به؟ فيه وجهان :

أحدهما : يقاد ؛ لأنه [قتل](٣) مكافئا عمدا.

والثاني : لا يقاد به ؛ لتمكن الشبهة الدارئة [لوجوب](٤) القصاص.

الفصل الثالث :

من أتلف من الفريقين على الآخر مالا أو نفسا حال التحام الحرب لم يضمنه.

قال الزهري : كانت الفتنة العظمى وفيهم البدريون ، فأجمعوا على أن لا يجب حدّ على رجل ارتكب فرجا حراما بتأويل القرآن ، ولا يقتل رجل سفك دما حراما بتأويل القرآن ، ولا يغرم ما أتلفه بتأويل القرآن (٥) ؛ لأن العادل مأمور بالإتلاف ،

__________________

(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٦ / ٤٩٨ ح ٣٣٢٧٨) ، والحاكم (٢ / ١٦٧ ح ٢٦٦٠).

(٢) انظر : المغني (٩ / ٦).

(٣) في الأصل : قاتل. والتصويب من ب.

(٤) في الأصل : لحوب. والتصويب من ب.

(٥) انظر : المغني (٩ / ٩).

٣٤٦

فلم يضمن ، كما لو قتل الصائل عليه.

والبغاة طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل ، فلم يضمن ما أتلفت على الأخرى بحكم الحرب ؛ كأهل العدل (١).

ولأن تضمينهم ذلك يفضي إلى تنفيرهم عن الطاعة ، فسقط كأهل الحرب.

وعن الإمام أحمد رواية أخرى : أنه يلزم البغاة ضمان ما أتلفوا على أهل العدل ؛ لأنهم أتلفوه بغير حق فضمنوه ، كقطّاع الطريق (٢).

الفصل الرابع :

إذا استولى البغاة على بلد فأقاموا الحدود وأخذوا الزكاة والخراج والجزية احتسب بذلك ؛ لأن عليا رضي الله عنه لم يتبع ما فعله أهل البصرة وأخذوه.

وكان ابن عمر يدفع زكاته إلى ساعي نجدة الحروري (٣).

ومن ادّعى دفع زكاته إليهم قبل منه بغير يمين ؛ لأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم (٤).

ومن ادّعى من أهل الذمة دفع جزيته إليهم لم يقبل إلا ببينة ؛ لأنها عوض ، فأشبهت الأجرة (٥).

ومن ادّعى دفع خراجه إليهم ، ففيه وجهان :

__________________

(١) انظر : المغني (٩ / ٨).

(٢) انظر : المغني (٩ / ٩).

(٣) انظر : المغني (٩ / ١٣).

(٤) مثل السابق.

(٥) مثل السابق.

٣٤٧

أحدهما : لا يقبل ؛ لأنه أجرة الأرض.

ولأنه خراج ، أشبه الجزية.

والثاني : يقبل ؛ لأن الدافع مسلم ، فقبل قوله [فيه](١) كالزكاة (٢).

فإن ولّوا قاضيا يستبيح دماء أهل العدل وأموالهم لم ينفذ حكمه ؛ لاختلال وصف العدالة ، وإن كان عدلا مجتهدا كان كقاضي أهل العدل ، لكنه إن كتب إلى قاضي أهل العدل استحب ألا يقبل كتابه ؛ إرغاما له وكسرا لقلوبهم (٣).

الفصل الخامس :

إذا اقتتلت طائفتان من المسلمين فالعادلة منهما من كان الإمام معها ، فإن لم [يكن](٤) مع إحداهما فهما [ظالمتان ، يلزم كل طائفة منهما](٥) ضمان ما أتلفت على الأخرى (٦). والله تعالى أعلم.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(١١)

__________________

(١) زيادة من ب.

(٢) انظر : المغني (٩ / ١٣).

(٣) انظر : المغني (٩ / ١٣).

(٤) زيادة من ب.

(٥) في الأصل : طائفتان يلزم واحدة. والتصويب من ب.

(٦) انظر : المغني (٩ / ٧).

٣٤٨

قوله تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) القوم : الرجال الذين يقومون بالأمور ، [ولذلك](١) قال : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) ، وقد ذكرنا ذلك في أوائل البقرة.

وقوله تعالى : (عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) و (خَيْراً مِنْهُمْ)(٢) كلام مستأنف موقعه موقع جواب مستخبر عن علة النهي ، ولو لا ذلك لكان حقه أن يوصل [بالفاء](٣).

والسبب في نزولها : ما روى أبو صالح عن ابن عباس : أن ثابت بن قيس بن شماس جاء يوما يريد الدنو من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان به صمم ، فقال لرجل بين يديه : افسح ، فقال له الرجل : قد أصبت مجلسا ، فجلس مغضبا ، ثم قال للرجل : من أنت؟ فقال : أنا فلان ، فقال ثابت : أنت ابن فلانة ، فذكر أما له كان يعيّر بها في الجاهلية ، فأغضى الرجل ونكس رأسه ، فنزلت هذه الآية (٤).

وقال الضحاك : نزلت في وفد تميم حين استهزؤوا بفقراء المسلمين ؛ لما رأوا من رثاثة حالهم (٥).

قوله تعالى : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ) نزل على سبب آخر ، وهو ما روي عن أنس بن مالك : «أن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عيّرن أم سلمة بقصرها ، فنزلت هذه الآية» (٦).

__________________

(١) في الأصل : وكذلك. والتصويب من ب.

(٢) في ب : منهن.

(٣) في الأصل : بالتاء. والتصويب من ب.

(٤) انظر : أسباب النزول للواحدي (ص : ٤٠٩) ، وزاد المسير (٧ / ٤٦٥).

(٥) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٦٥).

(٦) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٦٦).

٣٤٩

وقال ابن عباس : نزلت في امرأتين من [أزواج](١) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سخرتا من أم سلمة ، وذلك أنها ربطت حقويها بسبنيّة (٢) ـ وهو ثوب أبيض ـ [وسدلت](٣) طرفها خلفها. فقالت عائشة لحفصة : انظري ما تجرّ خلفها ، كأنه لسان كلب (٤).

وروي عنه أيضا : أن صفية بنت حيي أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : إن النساء يعيرنني ويقلن : يا يهودية بنت يهوديين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هلّا قلت : أبي هارون ، وعمّي موسى ، وزوجي محمد صلّى الله وسلّم عليهم أجمعين. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٥).

قوله تعالى : (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) سبق تفسير اللمز (٦) فيما مضى.

والمعنى : لا تعيبوا إخوانكم ، فإن المؤمنين كنفس واحدة.

(وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) أخرج الترمذي في جامعه وأبو داود ـ واللفظ له ـ عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : «فينا نزلت هذه الآية بني سلمة ، قال : قدم علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وليس منا رجل إلا وله اسمان [أو ثلاثة](٧) ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : يا فلان ، فيقولون : مه يا رسول الله ، إنه يغضب من هذا الاسم ، فأنزلت

__________________

(١) في الأصل : أزاج. والتصويب من ب.

(٢) السّبنيّة : ضرب من الثياب تتخذ من مشاقة الكتان أغلظ ما يكون. وقيل : منسوبة إلى موضع بناحية المغرب ، يقال له : سبن (اللسان ، مادة : سبن).

(٣) في الأصل : وشد. والتصويب من ب.

(٤) ذكره الواحدي في أسباب النزول (ص : ٤٠٩).

(٥) ذكره الواحدي في أسباب النزول (ص : ٤٠٩ ـ ٤١٠).

(٦) في سورة التوبة ، عند الآية رقم : ٥٨.

(٧) في الأصل : وثلاثة. والتصويب من سنن أبي داود (٤ / ٢٩٠) ، وب.

٣٥٠

[هذه](١) الآية : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ)(٢).

قال المفسرون : هو أن يقول لأخيه المسلم : يا فاسق يا منافق ، أو لمن أسلم : يا يهودي ، يا نصراني ، يا كلب ، يا حمار (٣).

فأما الألقاب الحسنة التي لا تقتضي غيظا [ولا](٤) أذى ولا كذبا ؛ كالصّدّيق لأبي بكر ، والفاروق لعمر ، وذي النورين لعثمان ، وسيف الله لخالد ، وأمثال ذلك ، فغير مكروهة ولا منهي عنها.

قوله تعالى : (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) أي : بئس الاسم أن يقول : يا يهودي وقد أسلم ، أو يا فاسق وهو طائع.

(وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)(١٢)

__________________

(١) زيادة من سنن أبي داود (٤ / ٢٩٠) ، وب.

(٢) أخرجه أبو داود (٤ / ٢٩٠ ح ٤٩٦٢) ، والترمذي (٥ / ٣٨٨ ح ٣٢٦٨).

(٣) أخرجه الطبري (٢٦ / ١٣٣) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٣٠٤). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٥٦٤) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء. ومن طريق آخر عن ابن مسعود ، وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

(٤) في الأصل : أو. والتصويب من ب.

٣٥١

قوله تعالى : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ) قال الزجاج (١) : هو أن تظن بأهل الخير سوءا. فأما أهل السوء والفسق فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم.

قال سعيد بن جبير : هو الرجل يسمع من أخيه كلاما لا يريد به سوءا ، [أو يدخل](٢) مدخلا لا يريد به [سوءا](٣) ، فيراه أخوه المسلم فيظن به سوءا (٤).

قال القاضي أبو يعلى بن الفراء رضي الله عنه : هذه الآية تدل على أنه لم ينه عن جميع الظن ، والظن على أربعة أضرب : محظور ، ومأمور به ، ومباح ، ومندوب إليه.

فأما المحظور : فهو سوء الظن بالله تعالى ، والواجب حسن الظن بالله تعالى ، وكذلك سوء الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة محظور.

وأما الظن المأمور به : فهو ما لم ينتصب عليه دليل يوصل إلى العلم به ، وقد تعبّدنا بتنفيذ الحكم فيه [والاقتصار](٥) على غالب الظن ، وذلك نحو ما تعبّدنا به من قبول شهادة العدول ، وتحرّي القبلة ، وتقويم المستهلكات ، وأروش الجنايات ، التي لم يرد بمقاديرها توقيف.

وأما الظن المباح : كالشاكّ في الصلاة إذا كان إماما ، أمره النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالتحري والعمل على ما يغلب على ظنه ، فإن فعله كان مباحا ، وإن عدل عنه إلى البناء على اليقين كان جائزا.

__________________

(١) معاني الزجاج (٥ / ٣٦ ـ ٣٧).

(٢) في الأصل : ويدخل. والمثبت من ب.

(٣) في الأصل : سواء. والتصويب من ب.

(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٦٩).

(٥) في الأصل : والإقصار. والمثبت من ب.

٣٥٢

وأما الظن المندوب إليه : فهو إحسان الظن بالأخ المسلم ، يندب إليه ويثاب عليه.

وأما ما روي في الحديث : «احترسوا من الناس بسوء الظن» (١) ، فالمراد : الاحتراس بحفظ المال ، مثل أن يقول : إن تركت بابي مفتوحا خشيت السّرّاق (٢).

(إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) وهو الظن الذي نهي عن مساكنته.

(وَلا تَجَسَّسُوا) وقرأ أبو رزين ، والحسن ، والضحاك ، وابن سيرين ، وأبو رجاء : بالحاء (٣).

قال أبو عبيدة (٤) : هما واحد وهو التبحث ، ومنه : الجاسوس.

وقيل : [التجسس](٥) ـ بالجيم ـ : البحث عن عورات الناس ، [وبالحاء](٦) : الاستماع لحديث القوم (٧).

أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن ثابت المعروف بابن الطالباني الفقيه الحنبلي رحمه‌الله بقراءتي عليه وقراءة غيري ، قال : أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد بن سعد المؤدب الموصلي ، أخبرنا الشيخ نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان ، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم السرّاج ، أخبرنا أبو طاهر هبة الله بن إبراهيم بن أنس ،

__________________

(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (١ / ١٨٩ ح ٥٩٨).

(٢) ذكر قول أبي يعلى هذا : ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠).

(٣) انظر : إتحاف فضلاء البشر (ص : ٣٩٨) ، وزاد المسير (٧ / ٤٧١).

(٤) مجاز القرآن (٢ / ٢٢٠).

(٥) في الأصل : التجسيس. والتصويب من ب.

(٦) في الأصل : والحاء. والتصويب من ب. وانظر : زاد المسير (٧ / ٤٧١).

(٧) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٤٧١).

٣٥٣

حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن طوق ، حدثنا أبو جابر زيد بن عبد العزيز بن حيان ، حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار (١) ، حدثنا المعافى بن عمران (٢) ، عن ابن لهيعة ، حدثنا عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسّسوا ولا تحسّسوا ، ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله تعالى» (٣).

وأخبرنا به عاليا أبو العباس الخضر بن كامل بن سالم الدمشقي ، قراءة عليه وأنا أسمع يوم السبت الثامن والعشرين من شوال سنة ست وستمائة بظاهر دمشق ، أخبرنا أبو الدر ياقوت بن عبد الله التاجر مولى ابن البخاري ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن [هزارمرد](٤) الصريفيني ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي (٥) ، حدثنا

__________________

(١) محمد بن عبد الله بن عمار بن سوادة الأزدي الغامدي ، أبو جعفر البغدادي المخرمي ، نزيل الموصل ، كان ثقة صاحب حديث ، وأحد الحفاظ المكثرين ، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين (تهذيب التهذيب ٩ / ٢٣٦ ، والتقريب ص : ٤٨٩).

(٢) المعافى بن عمران بن نفيل بن جابر بن جبلة بن عبيد بن لبيد بن مخاشن بن سلمة بن مالك بن فهم الأزدي الفهمي ، أبو مسعود النفيلي الموصلي ، رحل في طلب العلم إلى الآفاق ، وجالس العلماء ، ولزم الثوري وتأدب بآدابه ، وتفقه به ، وأكثر عنه وعن غيره ، وكان زاهدا فاضلا ، شريفا كريما عاقلا ، مات سنة خمس أو ست وثمانين ومائة (تهذيب التهذيب ١٠ / ١٨٠ ، والتقريب ص : ٥٣٧).

(٣) أخرجه البخاري (٥ / ١٩٧٦ ح ٤٨٤٩) ، ومسلم (٤ / ١٩٨٥ ح ٢٥٦٣).

(٤) في الأصل : زارمرد. والتصويب من ب.

(٥) عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى التميمي ، أبو عبد الرحمن البصري ، المعروف ـ

٣٥٤

وهيب (١) ، عن عبد الله بن طاووس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إياكم والظن ... فذكر الحديث» (٢) ، وجعل بدل قوله : " ولا تحاسدوا" : " ولا تنافسوا.

قوله تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) القول على هذه الجملة تحصره ثلاثة فصول :

الفصل الأول : في ماهية الغيبة

وهي ما أخبرنا به أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج في كتابه قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين ، أخبرنا أبو علي بن المذهب ، أخبرنا أبو بكر القطيعي ، أخبرنا عبد الله قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عفان (٣) ، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا العلاء (٤) ، عن أبيه (٥) ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه قيل

__________________

ـ بالعيشي ، والعائشي ، وبابن عائشة ؛ لأنه من ولد عائشة بنت طلحة ، ثقة صدوق ، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين (تهذيب التهذيب ٧ / ٤١ ، والتقريب ص : ٣٧٤).

(١) وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم ، أبو بكر البصري ، صاحب الكرابيس ، ثقة ثبت لكنه تغير قليلا بأخرة ، مات سنة خمس وستين ومائة (تهذيب التهذيب ١١ / ١٤٩ ، والتقريب ص : ٥٨٦).

(٢) أخرجه مسلم (٤ / ١٩٨٥ ح ٢٥٦٣).

(٣) عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار ، أبو عثمان البصري ، مولى عزرة الأنصاري ، ثقة ثبت ، مات سنة عشرين ومائتين (تهذيب التهذيب ٧ / ٢٠٥ ـ ٢٠٨ ، والتقريب ص : ٣٩٣).

(٤) العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي ، أبو شبل المدني ، مولى الحرقة ، من جهينة ، كان ثقة ، مات سنة بضع وثلاثين (تهذيب التهذيب ٨ / ١٦٦ ، والتقريب ص : ٤٣٥).

(٥) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني ، مولى الحرقة ، تابعي ثقة (تهذيب التهذيب ٦ / ٢٦٩ ، والتقريب ص : ٣٥٣).

٣٥٥

له : ما الغيبة؟ قال : ذكرك أخاك بما يكره. قال : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول يا رسول الله؟ قال : إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه» (١). هذا حديث صحيح انفرد بإخراجه مسلم ، فرواه عن قتيبة [بن](٢) سعيد ، [عن](٣) إسماعيل ، عن العلاء.

وفي هذا تنبيه على [أن](٤) الفاسق المستهتر لا غيبة له ؛ لأنه لو كره [ما يقال](٥) فيه ما أظهره وأشاعه على نفسه.

وفي حديث بهز بن حكيم (٦) ، عن أبيه (٧) ، عن جده (٨) ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ليس للفاسق غيبة» (٩).

__________________

(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٠١ ح ٢٥٨٩) ، وأحمد (٢ / ٣٨٤ ح ٨٩٧٣).

(٢) في الأصل : عن. والتصويب من ب.

(٣) في الأصل : بن. والتصويب من ب.

(٤) زيادة من ب.

(٥) في الأصل : عما يقول يقال. والتصويب من ب.

(٦) بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة ، أبو عبد الملك القشيري ، ثقة صدوق ، مات قبل الستين ومائة (تهذيب التهذيب ١ / ٤٣٧ ، والتقريب ص : ١٢٨).

(٧) حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري ، والد بهز ، تابعي صدوق (تهذيب التهذيب ٢ / ٣٨٧ ، والتقريب ص : ١٧٧).

(٨) معاوية بن حيدة بن معاوية بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة القشيري ، صحابي نزل البصرة ومات بخراسان (تهذيب التهذيب ١٠ / ١٨٥ ، والتقريب ص : ٥٣٧).

(٩) أخرجه الطبراني (١٩ / ٤١٨ ، ح ١٠١١) ، قال الهيثمي (١ / ١٤٩) : فيه العلاء بن بشر ضعفه الأزدي. والبيهقي في شعب الإيمان (٧ / ١٠٩ ، ح ٩٦٦٥) وقال : قال أبو عبد الله (يعني الحاكم) : غير صحيح. وأخرجه أيضا : القضاعي (٢ / ٢٠٢ ، ح ١١٨٥).

٣٥٦

وأخبرنا الشيخان أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله ، وأبو الرجاء عبد الهادي بن أحمد بن علي بن قاسم (١) الهمذانيان ، إجازة [من](٢) همذان ، أن أبا المحاسن نصر بن المظفر البرمكي الجرجاني (٣) أخبرهم قراءة عليه ، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور ، أخبرنا أبو القاسم عيسى (٤) ، حدثنا أبي أبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح الوزير (٥) قال : قرئ على أبي علي إسماعيل بن العباس الوراق (٦) وأنا أسمع ، حدثكم الفضل بن يعقوب (٧) ، حدثنا أبو

__________________

(١) عبد الهادي بن أحمد بن علي بن قاسم الحطبي ، أبو الرجاء الهمداني. حدث عن أبي المحاسن نصر بن المظفر البرمكي ، كان شيخ مسنّ صحيح السماع ، ويكتب طبقة السماع على البرمكي (تكملة الإكمال ٢ / ٥١٤).

(٢) في الأصل : عن. والتصويب من ب.

(٣) نصر بن المظفر بن الحسين بن أحمد بن محمد بن يحيى بن خالد بن برمك ، أبو المحاسن البرمكي الجرجاني الأصل الهمذاني ، أكثر الأسفار ودخل خراسان وبخارى ودمشق ، وتوفي بهمذان سنة تسع وأربعين وخمسمائة (سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٦٣ ، والتقييد ص : ٤٦٥).

(٤) عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح الوزير ، أبو القاسم ، أملى مجالس عن البغوي وطبقته. كان يرمى بشيء من رأي الفلاسفة ولم يصح ذا عنه ، توفي سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة (لسان الميزان ٤ / ٤٠٢ ، وميزان الاعتدال ٥ / ٣٨٤ ، وتاريخ بغداد ١١ / ١٧٩).

(٥) علي بن عيسى بن داود بن الجراح الوزير البغدادي ، أبو الحسن ، الكاتب مرة للمقتدر وللقاهر ، ولد سنة نيف وأربعين ومائتين ، وكان كثير الصدقات والصلوات ، مجلسه موفور بالعلماء ، توفي في آخر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، وله تسعون سنة (سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٩٨ ـ ٣٠١).

(٦) إسماعيل بن العباس بن عمر بن مهران البغدادي ، أبو علي الوراق ، ثقة ، ولد في سنة أربعين ومائتين ، وتوفي راجعا من الحج في الطريق في المحرم سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة (سير أعلام النبلاء ١٥ / ٧٤ ، وتاريخ بغداد ٦ / ٣٠٠).

(٧) الفضل بن يعقوب بن إبراهيم بن موسى الرخامي ، أبو العباس البغدادي ، ثقة حافظ صدوق ، ـ

٣٥٧

[عصام](١) العسقلاني (٢) ، حدثنا أبو سعد الساعدي (٣) ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له» (٤).

وقال سعيد بن جبير : إذا قلت في الرجل خلفه ما تقوله في وجهه فليس بغيبة.

الفصل الثاني : في الزجر عن الغيبة

وبالإسناد قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد (٥) ، حدثني أبي (٦) ، حدثنا واصل مولى أبي عيينة (٧) ، حدثني خالد بن عرفطة (٨) ، عن طلحة بن

__________________

ـ مات في أول جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين ومائتين (تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٩ ، والتقريب ص : ٤٤٧).

(١) في الأصل : عاصم. والتصويب من مصادر الترجمة. انظر : التعليق التالي.

(٢) هو رواد بن الجراح ، أبو عصام العسقلاني ، أصله من خراسان ، صدوق اختلط بأخرة فترك ، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد (تهذيب التهذيب ٣ / ٢٤٩ ، والتقريب ص : ٢١١).

(٣) أبو سعد الساعدي. روى عن أنس بن مالك. قال أبو حاتم : مجهول ، وقال الدارقطني : مجهول يترك حديثه (تهذيب التهذيب ١٢ / ١١٧ ، والتقريب ص : ٦٤٣).

(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٠ / ٢١٠).

(٥) عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم التنوري ، أبو سهل البصري ، كان ثقة مأمون ، مات سنة ست وسبع ومائتين (تهذيب التهذيب ٦ / ٢٩١ ، والتقريب ص : ٣٥٦).

(٦) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم التنوري ، أبو عبيدة البصري ، كان ثقة ثبت حجة ، رمي بالقدر ولم يثبت عنه ، توفي بالبصرة في المحرم سنة ثمانين ومائة (تهذيب التهذيب ٦ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ ، والتقريب ص : ٣٦٧).

(٧) واصل مولى أبي عيينة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي البصري ، ثقة صدوق ، صالح الحديث (تهذيب التهذيب ١١ / ٩٣ ، والتقريب ص : ٥٧٩).

(٨) خالد بن عرفطة ، روى عن حبيب بن سالم ، والحسن البصري ، وطلحة بن نافع. روى عنه أبو ـ

٣٥٨

نافع (١) ، عن جابر بن عبد الله قال : «كنا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فارتفعت ريح جيفة منتنة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون الناس» (٢).

وبالإسناد قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر (٣) قال : أخبرنا أبو بكر (٤) ـ يعني : ابن عياش ـ ، عن الأعمش ، عن سعيد بن عبد الله [بن](٥) جريج (٦) ، عن أبي برزة الأسلمي (٧) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع

__________________

ـ بشر جعفر بن أبي وحشية ، وعبد الله بن زياد بن درهم ، وقتادة ، وواصل مولى أبي عيينة (تهذيب الكمال ٨ / ١٣٠ ، والتقريب ص : ١٨٩).

(١) طلحة بن نافع القرشي مولاهم ، أبو سفيان الواسطي ، ويقال : المكي الإسكاف ، صدوق (تهذيب الكمال ١٣ / ٤٣٨ ـ ٤٤٠ ، والتقريب ص : ٢٨٣).

(٢) أخرجه أحمد (٣ / ٣٥١ ح ١٤٨٢٦).

(٣) الأسود بن عامر شاذان ، أبو عبد الرحمن الشامي ، نزيل بغداد ، ثقة صدوق ، مات أول سنة ثمان ومائتين (تهذيب التهذيب ١ / ٢٩٧ ، والتقريب ص : ١١١).

(٤) أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الحناط المقرئ ، مولى واصل الأحدب ، كان من العبّاد الحفّاظ المتقنين ، ثقة عابد ، إلا أنه لما كبر ساء حفظه ، ولد سنة خمس أو ست وتسعين ، ومات سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع وتسعين ومائة (تهذيب التهذيب ١٢ / ٣٧ ـ ٣٩ ، والتقريب ص : ٦٢٤).

(٥) في الأصل : عن. والمثبت من ب. وانظر مسند أحمد (٤ / ٤٢٠).

(٦) سعيد بن عبد الله بن جريج الأسلمي البصري ، مولى أبي برزة ، روى عن مولاه ، وعن نافع مولى ابن عمر ، ومحمد بن سيرين ، وعنه الأعمش ، وعزرة بن ثابت ، وحوشب بن عقيل ، وأبان بن أبي عياش (تهذيب التهذيب ٤ / ٤٦ ، والتقريب ص : ٢٣٧).

(٧) نضلة بن عبيد ، أبو برزة الأسلمي ، صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أسلم قبل الفتح ، وكان من ساكني المدينة ثم البصرة ، شهد مع علي فقاتل الخوارج بالنهروان ، وغزا بعد ذلك خراسان فمات بها بعد سنة أربع وستين (تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٩٩ ، والتقريب ص : ٥٦٣).

٣٥٩

الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» (١).

وقال أسامة بن شريك (٢) : سمعت الأعاريب يسألون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هل علينا جناح في كذا وكذا؟ فقال : «عباد الله! وضع الله تعالى الحرج إلا امرؤ اقترض من عرض أخيه فذاك الذي حرج» (٣).

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه» (٤).

قرأت على أبي القاسم بن أبي الفرج اليعقوبي ، أخبركم أبو القاسم يحيى بن أسعد فأقرّ به قال : أخبرنا أبو العز بن كادش ، أخبرنا أبو علي الجازري ، حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري ، حدثنا محمد بن الحسن بن دريد ، أخبرنا أبو حاتم (٥) ، عن العتبي (٦) ، عن أبيه قال : كان أبو حنظلة يقول : إنه لينبغي لك أن يدلك عقلك على ترك القول في أخيك ، ففيه خلال ثلاث : أما واحدة

__________________

(١) أخرجه أحمد (٤ / ٤٢٠).

(٢) أسامة بن شريك الثعلبي ، من بني ثعلبة بن سعد ، له صحبة وأحاديث ، تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة (تهذيب التهذيب ١ / ١٨٤ ، والتقريب ص : ٩٨).

(٣) أخرجه الحميدي في مسنده (٢ / ٣٦٣ ح ٨٢٤).

(٤) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٤ / ٣٩٥ ح ٥٥٢٢).

(٥) سهل بن محمد بن عثمان ، أبو حاتم السجستاني النحوي المقرئ ، صدوق فيه دعابة ، مات سنة خمس وخمسين ومائتين (تهذيب التهذيب ٤ / ٢٢٦ ، والتقريب ص : ٢٥٨).

(٦) محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان بن حرب الأموي ، أبو عبد الرحمن العتبي البصري ، العلامة الأخباري ، مات سنة ثمان وعشرين ومئتين (سير أعلام النبلاء ١١ / ٩٦).

٣٦٠