نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

.................................................................................................

______________________________________________________

العلامة الانصارى انه خلط الوجوب الغيرى بالوجوب الضمنى فحكم فى المقام باتحاد الامر النفسى الاستحبابى مع الامر الغيرى المترشح واندكاكه فيه مع انهما طوليان الخ واورد عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٤ مضافا الى ما تقدم من عدم انبساط الامر النفسى على الشرائط ـ اى ليتكلم فى ان الامر الاستحبابى المتعلق بالشرط كالطهارات هل يندك فى ضمن الامر الوجوبى المتعلق بالواجب المشروط بها ام لا ـ اى بعد عدم الانبساط ـ ان طولية الامر الغيرى بالإضافة الى الاستحبابى النفسى لا يجدى لان انبساط الامر الغيرى على ذوات الافعال يوجب كونها متعلقا لكل من الامر النفسى الاستحبابى والامر الغيرى فلا محاله يجتمع الامر الغيرى مع الاستحباب النفسى فى ذوات الطهارات الثلاث وعليه لا مناص من التخلص عن هذا المحذور بما تقدم فى جواب الاشكال الخ واجاب عن المحقق النّائينيّ استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٧٨ لا يخفى ان الامر المتعلق بكل مكلف انما يمكن امتثاله فى الخارج من ذلك المكلف ولا معنى لامتثال غير المكلف التكليف المتوجه الى شخص آخر خصوصا فيما اذا فرض سقوط ذلك التكليف بموت او بغيره فلا وجه لدعوى ان النائب لا بد له ان يقصد امتثال الامر المتعلق بالمنوب عنه بل اللازم على النائب ان يقصد فى عمله امتثال الامر المتوجه اليه المتعلق باتيان العمل عن الغير سواء كان ذلك الامر وجوبيا او كان استحبابيا ، ثم ان الامر الاستحبابى المتعلق بالنيابة فى العبادات بما انه عبادى فهو متعلق بذات العمل الصادر نيابة عن الغير وبصدوره عن داع قربى وبما ان المفروض تعلق الامر الناشى من قبل الاجارة بذلك ايضا فمتعلق احدهما عين متعلق الآخر فيكون الحال فى موارد الاستيجار كالحال فى موارد تعلق النذر بعبادة مستحبة فى نفسها ويترتب على ذلك صحة العبادة الاستيجارية اذا اتى بها بداعى امتثال الامر الناشى من قبل الاجارة ايضا ولو كان الآتي بها غافلا عن تعلق الامر الاستحبابى بالنيابة فى نفسها الخ وفيه اى الامر الايجارى توصلى كيف يحصل منه القربة بل انما النيابة والايجار لزوم جعل النائب نفسه بمنزلة المتوب عنه لا ازيد وانما يحصل القربة للنائب بالامر المتعلق على الفعل للمنوب عنه بعنوان القضاء والنيابة وإلّا مجرد الامر الايجارى لا يوجب التقرب للصلاة اصلا وبادلة النيابة ثبت جواز اتيان عمل الواجب على الغير بعد موته من الصلاة والصيام والحج ونحوه وفى بعض الموارد

٦٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

عن الاحياء ولازمه السقوط وإلّا فمقتضى القاعدة عدم جواز النيابة ـ مضافا الى ان الامر الاستحبابى المتعلق بالنيابة ليس عباديا بل توصلى كيف يحصل معه القربة فالكلام فى استحباب اصل العمل عبادة وهى صلاة الليل لا استحبابى النيابة فتدبر جيدا واستحبابه اندك فى الوجوب الضمنى والوجوب الغيرى فى الرتبة الثانية عن الوجوب الضمنى مضافا الى انه هذا يخالف ان الوجوب فى ذمة المكلف يجعله المولى وبالموت لا يسقط ما فى الذمة كما هو واضح ـ والتحقيق ما افاده المحقق العراقى فى كتاب القضاء ص ١٧ فى حل الاشكال ان يقال ان التقرب بالعبادة تارة ذاتى ناشى عن اتيانه بداعى امره واخرى قصدى ناشى عن قصد مقربية العمل لنفسه او لغيره ولو من جهة العلم بوفاء العمل بهذا القصد بالغرض العبادى وفى المقام ما لا يمكن صدوره منه هو التقرب بالنحو الاول لعدم توجه امر الميت اليه وعلى فرض التوجه ايضا لا يفى ذلك بمقربية عمله للميت واما التقرب بالنحو الاخير فلا باس بصدوره عن النائب وانه من جهة علمه بوفاء العمل بغرضه يقصد مقربيته للغير وهو واف بالغرض الراجع الى غيره ـ وقال فى ص ١٥ ولذا التزم بعض الاعاظم بان الأجرة فى العبادات المستأجرة نيابة عن الميت بازاء النيابة وان العمل يقع من النائب خالصا لوجه ربه ولكن لا يخفى ان ما افيد انما يصح لو كان قصد الوفاء داعيا بدويا على العمل فى عرض داعى التقرب به واما لو كان طوليا كطولية داعى الثواب مثلا فلا ينافى ذلك المقدار مع الخلوص الى آخر كلامه بان ياتى العمل القربى بداع الأجرة.

(بقى فى المقام شيء) وهو ان المكلف لو اتى باحدى الطهارات الثلاث بداعى التوصل بها الى شيء من غاياتها ولكنه بدا له بعد ايجادها عن الاتيان بالغاية فهل يمنع ذلك عن حصول الطاعة بها ذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨١ اما على القول بالمقدمة الموصلة فلا اشكال فى ان عدم الايصال الخارجى يكشف عن عدم تعلق الوجوب بها من اول الامر وكان تعلق الامر بها تخيلا من الفاعل واما بناء على عدم اعتبار الايصال فى الاتصاف بالوجوب كما هو الاقوى فيظهر من بعض اعتباره فى العبادية وترتب الثواب على المقدمة ولكنه خلاف التحقيق لما عرفت من ان المحرك فى فرض قصد التوصل هو الامر النفسى وبما ان الاتيان بها فى هذا الفرض انما كان بتحريك الامر النفسى وبداعى اطاعته ولا يعتبر فى العبادة ازيد من كونها بداعى الامر

٦٠٢

بقى الكلام (١) فى تحرير المبحث فيما هو الواجب (٢) فان فى هذا المقام ايضا

______________________________________________________

وبتحريكه فلا مناص عن الحكم بالصحة فى مفروض الكلام فان الشى لا ينقلب عما وقع عليه والبداء بعد العمل لا يغير ما وقع عبادة عما هو عليه الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٤ والتحقيق فى المقام يقضى بالصحة وحصول الطاعة مطلقا اما على القول بوجوب مطلق المقدمة فواضح واما على القول بوجوب خصوص الموصلة فلان الحسن الفاعلى المعتبر انضمامه الى الحسن الفعلى فى تحقق الطاعة لا يعتبر فيه ان يكون ناشئا من قبل قصد التقرب بذلك الحسن الفعلى بل يكفى وان كان ناشئا من قصد التقرب بجهة اخرى ولو لم تكن منطبقة على ذلك الفعل ففى المقام حيث ان الطهارات راجحة فى انفسها يكفى فى تحقق الطاعة بها الاتيان بها بقصد التوصل الى غاياتها وان انكشف بعد ذلك عدم تعلق الامر الغيرى بها لفرض عدم الايصال خارجا فالحسن الفاعلى من ناحية قصد الامر الغيرى اذا انضم الى محبوبيتها فى انفسها يكفى فى تحقق عنوان الطاعة وان لم يكن عنوان الواجب الغيرى منطبقا عليها الخ وقد تبعه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨١ وقال عدم ترتب الواجب النفسى على الطهارات وان كان يكشف عدن عدم انطباق الواجب الغيرى عليها بناء على ما هو الصحيح من اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة إلّا انه لا يكشف عن فسادها بعد فرض كونها محبوبة من غير جهة توقف الواجب النفسى عليها ايضا وحصول التقرب بها خارجا الخ والامر كما ذكروه ولا اشكال.

فى كيفية وجوب المقدمة

(١) اذا عرفت ذلك كله فيقع الكلام فى اصل وجوب المقدمة وكيفيته.

(٢) اما الكلام فى كيفيته وما هو الواجب ففيه القوال احدها قال فى الكفاية ج ١ ص ١٨١ لا شبهة فى ان وجوب المقدمة بناء على الملازمة يتبع فى الاطلاق والاشتراط وجوب ذى المقدمة كما اشرنا اليه فى مطاوى كلماتنا ولا يكون مشروطا بارادته كما يوهمه ظاهر عبارة صاحب المعالم رحمة الله فى بحث الضد قال وايضا فحجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمها انما تنهض دليلا على الوجوب فى حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها كما لا يخفى على من اعطاها حق النظر وانت خبير بان نهوضها على التبعية واضح لا يكاد يخفى وان كان نهوضها على اصل

٦٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الملازمة لم يكن بهذه المثابة كما لا يخفى الخ ووجه وضوحها فى الاول انه لو لا التبعية فى الاطلاق بان يكون وجوب ذى المقدمة مطلقا ووجوبها مشروطا يلزم جواز تركها وهو فاسد كما تضمنته الحجة على الاطلاق واما التبعية فى الاشتراط بمعنى انه ان كان وجوب ذى المقدمة مشروطا كان وجوبها كذلك فالحجة لا تنهض عليها إلّا بملاحظة عدم صحة الاحتجاج بها على الوجوب ح ، قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٩٢ ولكن التحقيق عندنا على ما اخترناه من ان الحكم فى الواجب المشروط والمعلق فعلى وان الملازمة بين ذات الوجوبين لا طورهما لا بد ان نقول بان اطلاق المقدمة وتقييدها لا يكون تابعا لذيها فان السريان يكون فى الوجوب فقط فيمكن ان تكون مطلقة ويكون ذوها مشروطا ـ اى فى المقدمات المفوتة والمقدمات التى يعتبر وجودها من باب الاتفاق فيمكن ان يكون الوضوء مثلا واجبا مطلقا مع كون الصلاة مشروطة بالدلوك فطور الوجوب لا يسرى اليها ويكون الملازمة بين اصل الحكمين الخ ونعم ما قال هذا فى الاطلاق والاشتراط فلا يتبع المقدمة ذيها واماما افاده صاحب المعالم فقد اجاب عن المعالم المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٢ فيرد عليه اولا ان وجوب المقدمة كما عرفت تابع لوجوب ذيها اطلاقها واشتراطا فان اختار ان وجوب نفس الواجب ايضا مشروط بارادته فهو محال وان اختار أنه مطلق إلّا ان وجوب المقدمة مشروط بها فالتفكيك غير معقول كما عرفت ، وثانيا ان مرتبة الارادة هى مرتبة الاطاعة والامتثال لا مرتبة البعث والايجاب فكيف يعقل ان يكون وجوب المقدمة مشروطا بها الخ والمراد من المحالية ما ذكره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٠٤ اذ لا يعقل اشتراط وجوب ذيها بارادته للزم انقلاب الايجاب الى الإباحة كك لا يعقل اشتراط ايجاب المقدمة بارادة ذيها لانه فرع اشتراط وجوب ذيها الخ لكن يرد على الأول ان الوجوب مطلق لكن متعلق الوجوب حصة خاصه من المقدمة وهو ما اذا اراد المكلف الاتيان بذيها فلا يخل ذلك بالمتابعة فى الاطلاق والاشتراط لو سلم اعتبارها ، وبذلك يجاب عن الثانى بترشح الوجوب على حصة خاصه لا على جميع الحصص فلا يكون ما هو فى الرتبة المتأخرة قيدا فى الوجوب اصلا ، واجاب عن المعالم المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٥ ان ارادة الاتيان بذى المقدمة ان كانت ماخوذة فى المقدمة بنحو شرط الوجوب فهو باطل من وجهين الأوّل ان وجوب

٦٠٤

حوصات وصيحات عظيمة فمنهم ذهب الى انّ الواجب منها مطلق المقدمة ولو لم يوصل ولا قصد به التوصل الى ذيها ، (١) ومنهم ذهب الى انّ الواجب ما قصد به التوصل ولو لم يوصل ، (٢) ومنهم ذهب الى انّ الواجب خصوص الموصل منها و

______________________________________________________

المقدمة على القول بالملازمة تابع لوجوب ذيها فى الاطلاق والتقييد حيث ان وجوب المقدمة وجوب غيرى يترشح من وجوب ذى المقدمة فيستحيل تخلفه عنه ومن الواضح بالضرورة انه يستحيل تقيد وجوب ذى المقدمة بارادته لكونه من قبيل طلب الحاصل فيستحيل ان يكون وجوب المقدمة منوطا بارادته ، الثانى ان اشتراط وجوب المقدمة بارادة ذيها يستلزم تقييد وجوب المقدمة بارادتها لان ارادة ذى المقدمة يستحيل انفكاكها عن ارادة مقدمته فاناطة وجوب المقدمة بارادة ذيها ترجع فى الحقيقة الى تعليق وجوبها على تعلق ارادة المكلف بها وقد تقدم فى الوجه الاول استحالة ان يكون وجوب الواجب مشروطا بارادته ، هذا كله على تقدير ارجاع ارادة ذى المقدمة فى قول صاحب المعالم «قده» الى شرط الوجوب ، واما اذا كانت الارادة ماخوذة فيها بنحو شرط الواجب فان كان المراد منه اعتبار قصد التوصل كما ينسب الى الشيخ «قده» فسيجيء ما فيه ، وان كان المراد منه اعتبار الارادة فى المقدمة الواجبة من دون ان يرجع الى قصد التوصل فيرده عدم الملاك لهذا القيد على القول بالملازمة حيث ان ملاك القول بالملازمة هو التوقف ومن المعلوم ان ارادة ذى المقدمة لا دخل له فى ذلك هذا الخ واورد عليه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٩٤ هو ان من الممكن ان لا تكون المقدمة تابعة لذيها اطلاقا وتقييدا فيمكن ان يكون وجوب الصلاة مطلقا ووجوب الوضوء مشروطا بارادة الصلاة فالاناطة تكون بين الارادتين لا الوجوبين حتى يلزم الاشكالان ـ نعم هذا من الممكن ولكن الاثبات يحتاج الى دليل اى اثبات اطلاق المقدمة مع كون ذيها مشروطا فلا اشكال على صاحب المعالم إلّا اثباتا لا ثبوتا.

(١) كما عليه صاحب الكفاية ج ١ ص ١٨٢ اولا يعتبر فى وقوعه كذلك شيء منهما ـ اى قصد التوصل والايصال ـ الظاهر عدم الاعتبار الخ على تسليم الملازمة وسيأتى مفصلا.

(٢) وهو المنسوب الى شيخ الاعظم الانصارى قال المحقق الماتن فى البدائع وربما يقال ان المقدمة الواجبة هى خصوص ما قصد بها التوصل الى ذى المقدمة كما

٦٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ينسب الى الشيخ الانصارى وتحقيق الحال فى ذلك يتوقف على بيان محتملات ما ينسب اليه ـ اى فى التقريرات ـ فنقول ان عبارات مقرر بحثه فى المقام مختلفه فظاهر بعضها اعتبار قصد التوصل فى وجوب المقدمة ـ اى قال فى التقريرات ص ٧٢ وهل يعتبر فى وقوعه على صفة الوجوب ان يكون الاتيان بالواجب الغيرى لاجل التوصل به الى الغير اولا وجهان اقواهما الاول ـ وظاهر بعضها الآخر اعتباره بنحو شرط الواجب فى خصوص المقدمات العبادية ـ اى فى خصوص المقدمات العبادية قال ص ٧١ ما حاصله ان الامتثال مما يتوقف على قصد عنوان الواجب وقصد عنوان الواجب هنا هو قصد عنوان المقدمية وقصد عنوان المقدمية مما لا يتحقق بدون قصد التوصل بها الى ذيها وحكى ايضا عنه بان الذى يظهر من كلماته فى نية الوضوء من كتاب الطهارة ان قصد التوصل شرط فى عبادية الواجب الغيرى قال «ره» فى كلام له فان الامتثال بالواجب الغيرى والاتيان به لاجل امر الشارع توصلا الى اباحة الصلاة مع عدم قصد التوصل به الى الغير بل لغرض آخر لا يعد اطاعة وموافقة لذلك الامر ولا يصلح ان يكون هذا الفعل اطاعة لذلك الامر الغيرى الخ ـ ويظهر من بعضها اعتباره بنحو شرط الواجب فى خصوص المقدمة المحرمة المنحصرة ـ اى قال ص ٧٣ نعم تظهره الثمرة من جهة بقاء الفعل المقدمى على حكمه السابق فلو قلنا بعدم اعتبار قصد الغير فى وقوع المقدمة على صفة الوجوب لا يحرم الدخول فى ملك الغير اذا كانت مقدمة لانقاذ غريق بل يقع واجبا سواء ترتب عليه الغير اولا وان قلنا باعتباره فى وقوعها على صفة الوجوب فيحرم الدخول ما لم يكن قاصد الانقاذ الغريق ـ كما ان ظاهر بعضها الآخر اعتباره بنحو شرط الواجب فى مطلق المقدمة ـ اى بملاحظة الاوامر العرفية المعمولة عند الموالى والعبيد قال ص ٧٢ فان الموالى اذا امروا عبيدهم بشراء اللحم الموقوف على الثمن فحصل العبد الثمن لا لاجل اللحم لم يكن ممتثلا للامر الغيرى قطعا وان كان بعد ما بدا له الامتثال مجزيا ـ وعليه فينبغى البحث فى كل من هذه المحتملات الخ وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٤ ثم ان المقرر «قده» رتب على اعتبار قصد الامتثال فروعا يبعد كونها من المحقق العلامة الانصارى «قده» ص ٧٢ مطارح الانظار منها عدم صحة صلاة من كان مكلفا بالصلاة الى الجهات الاربع اذا لم يكن من قصده الصلاة الى جميعها ، ولا يخفى عدم ارتباطه بما نحن فيه اصلا فان محل الكلام

٦٠٦

لو لم يقصد به التوصل (١) ، والتحقيق هو الاخير (٢) ثم الأول (٣) وأردأ الوجوه

______________________________________________________

فى المقام انما هو اعتبار قصد التوصل وعدمه فى المقدمة الوجودية للواجب واما المقدمة العلمية فاعتبار قصد الاتيان بتمام اطرافها فى صحة العبادة او عدمه اجنبى عن القول بوجوب المقدمة فضلا عن اعتبار قصد التوصل فيها ومنها ص ٧٢ عدم جواز الاتيان بالغايات المشروطة بالطهارة اذا لم يكن المتوضى قاصدا به لتلك الغايات بل اتى به لغاية اخرى لكنه «قده» اشكل على ذلك بان الوضوء ليس له إلّا ماهية واحدة فلو اتى به باى غاية مشروعة لترتب عليه الطهارة ويصح الاتيان بكل ما هو مشروط بالطهارة فلا يكون لاعتبار قصد التوصل ثمرة فى هذا المقام اصلا نعم يتم ذلك فى باب الاغسال فانها ماهيات متعددة وان اشتركت جميعها فى اسم واحد اقول ان ما افاده فى باب الوضوء من كفاية قصد غاية واحدة فى صحة الاتيان بغيرها من الغايات متين جدا لكن عدم تعدية ذلك الى الاغسال من الغرائب فان الخلاف فى ان الاغسال هل هى متعددة ماهية او متحدة انما هو باعتبار اسبابها كالجنابة والحيض ونحوهما لا باعتبار غاياتها ـ اى الصوم والصلاة اذا لمس او المكث فى المساجد ونحوها المترتبة عليها اذ لم يحتمل احد فضلا عن القول به ان تكون الاغسال متعددة ماهية باعتبار غاياتها فهى من جهة الغايات لا فرق بينها وبين الوضوء والكلام فيه هو الكلام فيه فلا تغفل الخ.

(١) وعليه صاحب الفصول قال فى ص ٨٧ قد ذكرنا ان وجوب المقدمة غيرى وبيّنا ايضا انه يعتبر فى اتصاف الواجب الغيرى بالوجوب كونه بحيث يترتب عليه الغير الذى يجب له حتى انه لو انفك عنه كشف عن عدم وقوعه على الوجه الذى يجب فلا يتصف بالوجوب ـ لا بمعنى ان وجوبها مشروط بوجوده فيلزم الا يكون خطاب بالمقدمة اصلا على تقدير عدمه فان ذلك متضح الفساد كيف واطلاق وجوبها وعدمه عندنا تابع لاطلاق وجوبه وعدمه بل بمعنى ان وقوعها على الوجه المطلوب منوط بحصول الواجب حتى انها اذا وقعت مجرّدة عنه تجردت عن وصف الوجوب والمطلوبية لعدم وجوبها على الوجه المعتبر فالتوصل بها الى الواجب من قبيل شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب الخ واليه ذهب جماعة من المحققين «قده».

(٢) منهم المحقق الماتن «قده».

(٣) فان ابيت عن وجوب المقدمة الموصلة فلا بد من الالتزام بوجوب المقدمة

٦٠٧

هو الوسط (١) وذلك (٢) لانّ (٣) ما هو تمام الموضوع للارادة الغيريّة ليس الّا ذات المقدمة (٤) ولذا يترشح الارادة من الاغراض الاصليّة الى ذوات الافعال فى كلّية

______________________________________________________

مطلقا وانه المتعين.

(١) واضعف الوجوه ما نسب الى الشيخ الاعظم الانصارى من قصد التوصل الى ذيها ثم قام فى بيان ضعفه وقد عرفت ان هناك احتمالات فى كلام الشيخ الاعظم الانصارى.

(٢) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٥ اما اشتراط الوجوب بقصد التوصل فيستحيل من حيث رجوعه الى اشتراط وجوب المقدمة بارادتها اذ لا يعقل قصد التوصل بها الى ذيها من دون تعلق ارادة المكلف بها وقد تقدم ان دخل ارادة الواجب فى وجوبه غير معقول ووجهه هو ان ظرف تعلق الوجوب بالشيء ظرف ثبوته وظرف تعلق الارادة به هو ظرف سقوط الوجوب وهو كما ترى متنافيان فكيف يعقل اعتبار احدهما فى تحقق الآخر ، واما دخله فى الواجب فى خصوص المقدمات العبادية فغاية تقريبه هو ان يقال ان المقدمة فى باب المقدمات العبادية هى خصوص الحصة العبادية منها ومن الواضح ان تحقق العبادية لا يكون إلّا بقصد القربة وحيث لا يمكن تحقق ذلك بقصد الامر الغيرى لاستلزامه الدور على ما تقدم ينحصر الامر فى قصد التوصل بالمقدمة فيتحقق ما هو الواجب وهو العبادة ، ويردّه ما تقدم من امكان تحقق عبادية المقدمة بقصد الامر الغيرى من دون لزوم محذور ، مضافا الى كفاية قصد المحبوبية النفسيّة فى ذلك فلا حاجة الى قصد التوصل اصلا الخ.

(٣) وقال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٣ اما عدم اعتبار قصد التوصل ودخله فى اتصافها بالوجوب فظاهر بلحاظ ان ملاك الحكم الغيرى انما كان ثابتا لذات المقدمة.

(٤) وحيثية القصد المزبور كانت اجنبية عن ذلك بالمرة ومن ذلك لو اتى بالمقدمة لا بقصد التوصل كان اتيانه ذلك محصلا لما هو غرض الامر بلا كلام وح فمع اجنبية القصد المزبور عن ذلك لا يكاد يترشح الواجب الغيرى ايضا الاعلى نفس ذات المقدمة وهو واضح هذا اذا اريد من دخل قصد التوصل فى الواجب دخل التقيد فى موضوع الوجوب الخ وبمثل ذلك اجاب فى الكفاية ج ١ ص ١٨٢ اما عدم اعتبار قصد التوصل فلاجل ان الوجوب لم يكن بحكم العقل الا لاجل المقدميّة والتوقف وعدم

٦٠٨

الواجبات النفسيّة التى كانت الارادة المتعلق بها ناشئة من الغرض المترتب عليها (١) ، كيف (٢) ولو كان لقصد التوصل الى ذيها دخيلا فى وجوب المقدمة يلزم عدم ترشح الارادة من الغرض الى ذوات الافعال بل لا بد من دخل قصد التوصل به الى الغرض دخيلا فى وجوب العمل ولازمه فى مقام التقرّب فى الواجبات النفسية عدم كفاية اتيان ذات العمل بداعى محبوبيته ومراديته لدى المولى بل لا محيص من اتيانه بقصد التوصل به الى الغرض. وهو مضافا الى انه فاسد جدا (٣)

______________________________________________________

دخل قصد التوصل فيه واضح ولذا اعترف بالاجتزاء بما لم يقصد به ذلك فى غير المقدمات العبادية لحصول ذات الواجب فيكون تخصيص الوجوب بخصوص ما قصد به التوصل من المقدمة بلا مخصص فافهم نعم انما اعتبر ذلك فى الامتثال لما عرفت من انه لا يكاد يكون الآتي بها بدونه ممتثلا لامرها الخ.

(١) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٧ ومما يشهد بعدم دخل قصد التوصل فى المقدمة الواجبة ان الواجبات النفسية باسرها واجبات غيرية لبا بمقتضى ما تتضمنه من المصالح النفسية الداعية الى وجوبها مع انه لا يلتزم احد بلزوم قصد التوصل بالواجبات النفسية الى مصالحها الواقعية فى امتثال او امرها الخ.

(٢) مضافا الى انه فى الواجبات النفسية لو اعتبر قصد التوصل لا يكفى اتيان ذات الافعال مع قصد القرب لحصول العمل بل لا بد من اتيان العمل بقصد التوصل بداعى الامر حتى يحصل الغرض.

(٣) قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٣ اما ان اريد به اناطة موضوع الوجوب بكونه فى ظرف القصد الى ذى المقدمة نظير اناطة التجارة بكونها عن تراض الملازم ذلك لاعتبار الموضوع فى عالم الجعل فى رتبة متاخرة عن القيد والمنوط به ففساده افحش بلحاظ استلزامه لكون المقدمة التى هى موضوع الوجوب الغيرى فى الرتبة المتاخرة عن القصد المزبور التى هى رتبة وجود ذيها وهو كما ترى من المستحيل فان المقدمة لا بد من كونها فى رتبة سابقه عن وجود ذيها فيستحيل ح اخذها فى رتبة وجود ذيها كما هو واضح الخ واما دخله فى الواجب مطلق المقدمة ـ

٦٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

هو الذى ذكره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٠٤ قد عرفت آنفا ان الحيثيات التعليلية فى الاحكام العقلية راجعة الى التقييدية ، وان الاغراض فى الاحكام العقلية عناوين لموضوعاتها ـ اى ان المقدمة اذا كانت واجبة بحكم العقل فمتعلق الوجوب الغيرى انما هو عنوان المقدمة لا ذاتها لان الجهات التعليلية فى الاحكام العقلية جهات تقييديه ضرورة ان حكم العقل باستحالة شيء لاستلزام الدور مثلا حكم باستحالة الدور حقيقة وعلى ذلك فحكم العقل بوجوب شيء لكونه مقدمة للواجب حكم بوجوب عنوان المقدمة قهرا ـ فاذا كانت مطلوبية المقدمة لا لذاتها بل لحيثية مقدميتها والتوصل بها فالمطلوب الجدى والموضوع الحقيقى للحكم العقلى نفس التوصل ومن البين ان الشيء لا يقع على صفة الوجوب ومصداقا للواجب بما هو واجب إلّا اذا اتى به عن قصد وعمد حتى فى التوصليات لان البعث تعبديا كان او توصليا لا يتعلق إلّا بالفعل الاختيارى ـ اى وبما ان متعلق الوجوب يلزم ان يكون امرا اختياريا لاستحالة جعل الداعى الى غير المقدور سواء كان الواجب تعبديا ام توصليا لا بد من ان يكون عنوان المقدمة مقصودا فى وقوع المقدمة فى الخارج على صفة الوجوب فما لم يقصد عنوان المقدمة لا تقع المقدمة فى الخارج على تلك الصفة ـ فالغسل الصادر بلا اختيار وان كان مطابقا لذات الواجب ومحصلا لغرضه لكنه لا يقع على صفة الوجوب اى مصداقا للواجب بما هو واجب بل يستحيل ان يتعلق الوجوب بمثله فكيف يكون مصداقا له فاعتبار قصد التوصل فى وقوع المقدمة على صفة الوجوب مطلقا من جهة ان المطلوب الحقيقى بحكم العقل هو التوصل وما لم يقع الواجب على وجهه المتعلق به الوجوب وهو كونه عن قصد وعمد لا يقع مصداقا للواجب الخ ومن المعلوم ان قصد عنوان المقدمة هو بنفسه عزم على اتيان الواجب النفسى وح لا يرد على ذلك محذور التفكيك بين وجوب ذى المقدمة ووجوب مقدمته فى الاطلاق والاشتراط اذا المفروض ان القيد اعنى قصد التوصل الى الواجب النفسى قيد للواجب لا للوجوب هذا ما ذكره المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٧ لتوجيه هذا لقول ، واجاب عنه المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٧ بقوله يرد على ذلك اولا انا لا نسلم ان الجهات التعليلية فى الاحكام العقلية جهات تقييديه لوضوح ان العقل يرى لحكمه موضوعا وعلة ولا معنى لارجاع العلة الى الموضوع بحيث يصير موضوعا للحكم نعم قد يتسامح فى التعبير بارجاعها

٦١٠

كما تقدم لازمه (١) عدم التقرب بدعوة امرها اذ نفس قصد التوصل به الى الغرض كاف فى التقرب بها فلا تنتهى النوبة بحصول التقرب بدعوة امره الذى هو فى الرتبة المتاخرة عن قصد التوصل المزبور بعد الجزم بان فى عبادة وعمل واحد لا يكون تقرّبان كما لا يخفى ولعمرى ان هذا البيان برهان جزمى فى عدم دخل قصد التوصل فى وجوب المقدمة وانما هى من تبعات التقرب بها ولو لم يكن واجبة لا انها دخيلة فى وجوبها (٢).

______________________________________________________

الى الموضوع ، وثانيا ان ما تقدم من رجوع الجهات التعليلية فى الاحكام العقلية الى الجهات التقييدية على تقدير ثبوته لا يكاد يتم فى مثل المقام مما كان الوجوب فيه بحكم الشارع وليس دخل العقل فيه إلّا بنحو الكاشفية والطريقية فالقاعدة المزبورة على تقدير تسليمها مختصة بما يدركه العقل من الاحكام ولا تكاد تجرى فيما يكون ثابتا من الشارع باستكشاف من العقل الخ من باب الملازمة لادرك العقل الملاك والحكم به ثم يتعبه حكم الشرع ، وتبع فى هذا الجواب الثانى استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢٣٣ والتحقيق فى المقام هو ان ما افيد وان كان صحيحا فى الاحكام العقلية إلّا ان الوجوب المبحوث عنه فى المقام شرعى لا عقلى نعم الحاكم بالملازمة بين الوجوب النفسى والغيرى هو العقل فالعقل بعد استقلاله بالملازمة المزبورة يستكشف وجوبا شرعيا متعلقا بالمقدمة حين تعلق الوجوب النفسى بما يتوقف عليها فعنوان المقدمية متمحضة فى كونها جهة تعليلية الخ وهو الصحيح ايضا.

(١) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٨ مضافا الى ان قصد التوصل لو كان ماخوذا فى الواجب لما امكن حصول التقرب بقصد الامر فى مورد من الموارد اذ ان قصد التوصل المفروض اخذه فى المتعلق محقق للتقرب فلا يبقى مجال لقصد الامر للزوم اجتماع تقربين فى الفعل الواحد وهو مستحيل الخ لكن فيه ما تقدم ان القياس بالواجبات النفسية لا وجه له فان غايات الواجبات النفسية ليست بواجبه بل ليس بمقدور كما مر الكلام فيه والعمدة هو الجواب الاول.

(٢) قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٤ وان حصول القرب باتيانها عن قصد التوصل بها الى ذيها غير موجب لانحصار القرب بذلك بل هو كما يتحقق

٦١١

نعم هنا وجه آخر (١) فى عدم تعدّى الوجوب عن صورة قصد التوصل بالمقدمة

______________________________________________________

بذلك يتحقق ايضا باتيانها بداعى امرها ومراديتها للمولى ومن ذلك نقول بان شان الاوامر الغيرية كلية انما كان هو التوسعة فى مقام التقرب باتيان متعلقه عن دعوته وعلى فلا مجال ايضا لاثبات اعتبار قصد التوصل فى المقدمة فى وقوعها على صفة الوجوب بمثل هذا البيان ايضا كما هو واضح الخ وفى هذا الجواب قصور ولعل المراد عدم امكان التقربين كما مر قريبا.

(١) وهذا هو الذى ذكره المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٥ وقال وان كان نظره «قدس‌سره» ـ اى الشيخ الاعظم الانصارى ـ الى اعتبار قصد التوصل فى مقام المزاحمة كما تساعد عليه جملة من عبارات التقريرات ويؤيده ما نقله الاستاذ دام ظله عن استاده المحقق السيد العلامة الاصفهانى «قده» من انه كان ينسب ذلك الى الشيخ «قده» وان كان دام ظله تردد فى ان النسبة المزبورة كانت مستندة الى استظهار نفسه ام الى سماعه ذلك من المحقق سيد اساتيذنا العلامة الشيرازى «قده» عن استاده المحقق العلامة الانصارى «قده» فهو وان كان يمكن تقريبه بان المقدمة اذا كانت محرمة وتوقف عليها واجب فعلى فغاية ما يقتضيه التوقف المزبور فى مقام المزاحمة هو ارتفاع الحرمة عن المقدمة فيما اذا اتى بها بقصد التوصل واما مع عدم قصده فلا مقتضى لارتفاع حرمتها ، ولا يرد عليه ح ما يقال من ان وجوب ذى المقدمة ان لم يقتض وجوبها فى غير حال قصد التوصل بها فلا بد وان يكون كذلك فى المقدمات المباحة ايضا فالمقدمة المباحة التى لم يقصد بها التوصل الى ذيها لا تتصف بالوجوب المقدمى وعليه فما هو الوجه فى تخصيص اعتبار قصد التوصل بالمقدمات المحرمة وذلك لان الاباحة لما كانت ناشئة من عدم المقتضى للبعث او الزجر فلا تزاحم الوجوب حتى يختص الواجب بما قصد به التوصل وهذا بخلاف الحرمة فانها مقتضية للترك فلا محاله يقع التزاحم بينها وبين الوجوب فلا بد من الالتزام باعتبار قصد التوصل بالمقدمة المحرمة فى ارتفاع حرمتها إلّا انه يرد عليه ان المزاحمة انما هى بين حرمة المقدمة ووجوب ما يتوقف عليها ولو لم نقل بوجوب المقدمة اصلا فالتزاحم انما هو بين وجوب الانقاذ وحرمة التصرف فى الارض المغصوبة مثلا فلا مناص عن الالتزام بارتفاع الحرمة لفرض كون الواجب اهم سواء فى ذلك القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه فاعتبار قصد التوصل فى متعلق الوجوب المقدمى اجنبى عما به يرتفع التزاحم

٦١٢

الى ذيها فى بعض الفروض وهو صورة انحصار المقدمة بالمحرم واقوائية وجوب ذيها عن حرمتها (١) بدعوى ان مفسدة الحرمة يقتضى مبغوضيّة المقدمة على الاطلاق ولكن حيث اقترن بها جهة محسنة فقهرا يصير قوة تاثير المفسدة فى مبغوضيّتها اضعف وبعد ذا فاذا فرضنا ان الوجوب متعلق بالجامع بين ما فيه جهة محسنة وعدمه فالعقل يحكم بترجيح ما فيه الجهة المحسّنة فى ترشح الوجوب اليه على غيره ففى غيره على اقتضاء حرمته ولازمه ح انحصار الوجوب فيما نحن فيه بصورة اقترانه بقصد التوصل اذ فيها جهة محسنة حسب صلاحيّتها للتقرب بها (٢) دون غيرها ففى غيرها على حرمتها ولا يتعدّى

______________________________________________________

المذكور بالكلية هذا وقد ذكرنا فى محله ان التزاحم بين الخطابين انما يوجب سقوط اطلاق الخطاب بالمهم دون أصله وعليه يترتب ان حرمة المقدمة فى مفروض الكلام انما ترتفع بامتثال الامر بذى المقدمة لا بنفسه فلا مانع من فعليّة الخطابين على نحو ترتب احدهما على عصيان الآخر الخ وفيه انه على مبناه من انبساط الامر النفسى المتعلق على ذى المقدمة للمقدمة ايضا فلا محاله يتزاحم الوجوب الضمنى مع الحرمة مضافا الى ان الامر الغيرى يلازم وجوب ذى المقدمة فيتزاحم مع الحرمة على المقدمة نعم انما الامر الغيرى المصلحة فى ذيها لانفسها فلا يفرق فى ذلك لتزاحم الوجوب مع الحرمة.

(١) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٦ فملخص تصويره هو ان ملاك ترشح الامر الغيرى من الوجوب النفسى هو المقدمية والتوقف ونتيجة ذلك هى تعلق الامر الغيرى بطبيعى ما يتوقف عليه الواجب وح فالمكلف يتخير بحكم العقل بين افراد ذلك الطبيعى باسرها عند تساوى تلك الافراد بنظر العقل واذا لم تكن متساوية كما اذا كان بعض الافراد محرما فالعقل يحكم بلزوم تطبيق الطبيعى المزبور على خصوص الافراد غير المشتملة على المنقصة.

(٢) وبعين هذا الملاك يخص العقل فيما لو انحصرا المقدمة فى المحرم بما يقصد به التوصل لان الاتيان بالمقدمة بداعى امتثال ذى المقدمة يوجب تحقق مزية فى نفس المقدمة وبذلك يضعف ملاك مبغوضيتها اذا كانت محرمة.

٦١٣

الوجوب ح اليها (١) وذلك ايضا لا لعدم المقتضى فيه (٢) بل لوجود المانع من بقاء تاثير الحرمة فيها بحاله هذا نهاية بيان لمرام بعض الاعظام فى وجه اختصاص الوجوب فى مثل هذا الفرض بخصوص ما قصد به التوصل ، وفرع عليه (٣) بان جواز العبور عن الارض المغصوبة لانقاذ الغريق عند حصر الطريق به انما هو منحصر فى خصوص ما قصد به التوصل لا مطلقا وهكذا الامر فى نظائره ، ولكن لنا فى المقام كلام وهو انّ ذلك انما يتمّ لو فرض كون الجهة المحسنة فى احد الفردين (٤)

______________________________________________________

(١) فالعقل يحكم بلزوم تطبيق الطبيعى على ذلك الفرد المتصف بالرججان فينحصر الواجب الغيرى فى خصوص ما يقصد به التوصل الى الواجب من المقدمة المحرمة المنحصرة الخ.

(٢) هذا اشاره الى عدم اعتبار قصد التوصل فى مطلق المقدمة لان الإباحة لا اقتضاء.

(٣) اشاره الى ما مثله من المقدمة المحرمة وهى العبور عن الارض المغصوب لانقاذ الغريق.

(٤) قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٦ ويرد عليه اولا ان ما ذكر انما يتم اذا كان قصد التوصل فى مثل ذلك مفردا وموجبا لكون المقدمة المحرمة ذات فردين اذ ح يلزم تطبيق ذلك الجامع على فرده الراجح ومن الواضح بالضرورة ان الامر ليس كذلك لان قصد التوصل وعدمه حالتان متبادلتان على الواحد الشخصى واجنبيان عما هو الدخيل فى مقدميته فلا موجب اصلا لاعتبار القصد المزبور فى الواجب ـ اى الذات ح فى حال عدم وجدانها للخصوصية بعنيها هى تلك الذات حال فقدانها لها وانما لاختلاف ممحضا فى الوجدان والفقدان وليس من الكلى المتواطى والطبيعى مع الافراد كالآباء مع الافراد الذى يشتمل كل فرد حصة من الطبيعى اصلا بل جامع التشكيك وعلى ذلك نقول بانه اذا اقتضى اهمية الانقاذ فى المثال مطلوبية شخص هذه الذات المحفوظة بين الحالتين وهو الغصب ومغلوبية مفسدته لا يفرق بين حال وجدانها لخصوصية قصد التوصل وحال فقط انها لها ومعه فلا يتعين عليه قصد

٦١٤

او الحالين (١) جهة محسنة ملزمة اذ ح لازم الجمع بين اغراض المولى مهما امكن تخصيص الوجوب بما فيه تلك الجهة ، واما لو فرض كون الجهة المحسنة غير ملزمة كما نحن فيه فلا شبهة فى ان العقل ايضا يحكم بحفظ اغراض المولى بنحو كان المولى بصراط حفظه واذا فرضنا ان المزيّة الزائدة لم تكن لدى المولى لازمة التحصيل فالعقل ح لا يحكم بلزوم حفظ اغراضه حتى ما لا يلزم حفظه لديه بل غاية الامر يحكم باستحسانه لا بلزومه وهذا المقدار لا يقتضى حتى فيما فرضت اختصاص ما قصد به التوصل بالوجوب بل كان ذلك مورد استحسانه فى اختياره ولقد شرحنا نظير هذا المقالة فى العبادات المكروهة فراجع باب اجتماع الامر والنهى ترى ما ذكرنا فى المقامين حقيقا بالقبول هذا كله فى دفع توهم دخل قصد التوصل فى وجوب المقدمة ، واما توهّم وجوب مطلق المقدّمة (٢) فعمدة النظر

______________________________________________________

التوصل بها الى الواجب ـ.

(١) وثانيا ان قصد التوصل على تقدير تسليم تاثيره فى الرجحان انما يتعين اذا كان تاثيره بالغا حد اللزوم وإلّا فلا يحكم العقل إلّا برجحان التطبيق عليه ومن المعلوم انه لا يوجب الرجحان بحد اللزوم اذ لو كان كذلك لوجب تحققه فى كل مقدمة وان لم تكن محرمة وهو خلاف الفرض الخ وبالجملة فى المقام الذى لا يوجد فيه فرد مباح ولابدية الاتيان باحد الفردين بمقتضى اهمية الانقاذ فقهرا يكون نتيجه الامر بالجامع فيهما بعد عدم بلوغ رجحان الخصوصية الى مرتبه المنع عن النقيض هو التخيير بينهما كما هو واضح وعلى فرض انه يوجب المزية للمقدمة فلا محاله لا بد من التعدى الى كل مقدمه ويخرج عن احد فردى التخيير مع ان المفروض يختص بالمحرمة هذا كله بالنسبة الى قصد التوصل.

(٢) اما القول بوجوب مطلق المقدمة فالوجه فيه هو ابطال القول بوجوب المقدمة الموصلة قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٨ وربما يقال ان الواجب هو خصوص المقدمة الموصلة كما عن صاحب الفصول «قده» وبيان صحة هذه الدعوى وسقمها يستدعى بيان ما يتصور عقلا من الصور فى اخذ الايصال قيدا ثم التكلم فى كل

٦١٥

فيه ايضا الى عدم دخل حيثيّة الايصال الى ذيها فى وجوبها لانه ان كان من باب دخله (١) فى وجوبه (٢) فيلزم وجوب المقدمة فى ظرف وجوب وجوده (٣) اذ وجود ذيها يستحيل انفكاكه منها (٤) وهو كما ترى (٥) وضوح فساده ، وان كان

______________________________________________________

منها فنقول ان ترتب ذى المقدمة على المقدمة اما ان يعتبر فى المقدمة بنحو شرط الوجوب او بنحو شرط الواجب وعلى كل من التقديرين اما ان يكون من قبيل الشرط المقارن او يكون من قبيل الشرط المتاخر فالصور اربع.

(١) اما الصورة الأولى وهى ان يكون من قبيل الشرط المقارن للوجوب ـ اى دخل الايصال الى ذى المقدمة شرط مقارن لوجوب المقدمة ـ فهى مستحيله لان وجود ذى المقدمة فى الخارج لا يعقل انفكاكه عن وجود مقدمته فلو كان وجوبها منوطا بوجوده لكان من قبيل تحصيل الحاصل وهو بديهى الاستحالة ، واما الصورة الثانية وهى ان تكون من قبيل الشرط المتاخر للوجوب فالمحذور المتقدم وان لم يكن واردا عليها كما هو واضح إلّا انها تستحيل من ناحية استلزامها التهافت فى نظر الآمر لانه بلحاظه وجود ذى المقدمة شرط لوجوبها يراه متقدما وبلحاظه وجود ذى المقدمة بمنزلة المعلول لوجوب المقدمة يراه متاخر او ذلك مستحيل بالوجدان.

(٢) ـ الصحيح ـ وجوبها فنرجع الى بيان الصورة الاولى وتوضيحها.

(٣) اى وجود ذى المقدمة فان حيثيّة الايصال والترتب نظير عنوان الموضوعية انما كانت منتزعة عن رتبة متاخرة عن وجود ذى المقدمة وح فاناطة الوجوب المتعلق بها اى بالمقدمة بالوصف المزبور اى الايصال يكون ملازمة لاناطته اى ايجاب ذى المقدمة بوجود موضوعه اى ذى المقدمة وهو من المستحيل من جهة كونه تحصيل الحاصل.

(٤) اى بعد ما لا بد فى مقام الايجاب والاناطة من لحاظه اى الايجاب فى ظرف لحاظ قيده اى كالايصال فى المقام بجعل المنوط به هو الشى بوجوده العلمى اللحاظى طريقا الى الخارج فقهرا فى ظرف القيد اى الايصال يرى كون الوجود متحققا اذ يرى كونه ظرفا لوجود المقدمة الذى هو ظرف سقوط الامر عنها.

(٥) ـ اى ومعه يستحيل كونه ظرف لثبوت الامر بها كى امكن البعث نحوها بالايجاد كما هو واضح ـ.

٦١٦

من باب دخله فى الواجب (١) فمرجعه الى كون الواجب من المقدمة مقيّدا بوجود ذيها فلازمه تقيّد الواجب بشيء يستلزم استحالة تركه وهو افحش فسادا من الأول ، فلا محيص من عدم دخل حيثية الايصال الى ذيها فى الوجوب او الواجب مضافا (٢) الى حكم الوجدان بان تمام المناط فى الوجوب الغيرى هو ذات المقدمة بلا دخل شيء زائد عن المقدمية فى وجوبه كما اسلفنا ذلك سابقا ايضا ، ثم نقول (٣) ايضا ان الغرض من كل مقدمة الذى هو الداعى على ايجابه ليس إلّا ما يترتّب عليه وح ليس وجود ذيها غرضا لكل مقدمة مقدمة اذ يستحيل ترتب ذيها بكل واحد منها فلا محيص من كون الغرض من كل مقدمة حفظ وجود ذيها من قبله وسد باب عدمه من ناحيته ولازمه ترتب مثل هذا الغرض

______________________________________________________

(١) واما الصورة الثالثة والرابعة اعنى ان يكون ترتب ذى المقدمة شرطا فى الواجب باحد النحوين من المقارن والمتاخر فقد يورد عليهما اولا بان تقييد المقدمة الواجبة بترتب ذى المقدمة عليها يرجع الى تقييد الواجب بما لا يمكن انفكاك الواجب عنه على تقدير تحققه ومثل ذلك مستحيل لانه يئول الى اشتراط الواجب وتقيده بوجود نفسه ـ اى ذلك لان وجود ذى المقدمة لا ينفك قهرا عن وجود المقدمة فلو كان وجود المقدمة مقيدا بوجود ذيها يلزم ان يكون وجود المقدمة مقيدا بوجود نفسه وهو لغو ومحال.

(٢) وثانيا ان الوجدان اقوى شاهد على عدم دخل ما سوى ذات المقدمة فيما هو الملاك لوجوبها الغيرى.

(٣) وثالثا ان الغرض من اى مقدمة الداعى الى ايجابها ليس إلّا ما يترتب على وجودها ومن الواضح بالضرورة انه لا يترتب على كل فرد من افراد المقدمة وجود ذى المقدمة فى الخارج إلّا اذا كانت من قبيل السبب التوليدى لذيها وانما المترتب على كل مقدمة هو امكان تحقق ذى المقدمة من ناحية تلك المقدمة المعبر عنه بحفظ وجود ذى المقدمة من ناحية هذه المقدمة او بسد باب العدم عنه من هذه الجهة وح فلا محيص عن كون الداعى الى ايجاب المقدمة هو ذلك ومن البديهى ان تمام الدخيل فى تحصيل هذا الغرض هو ذات المقدمة من دون احتياج الى ضم باقى المقدمات اليها.

٦١٧

على كلّ مقدمة ولو لم ينضم اليه غيره ولا يتحقق وجود ذى المقدمة ويستتبعه ح وجوب ذاته وان لم يوصل ، مضافا (١) الى ان بوجود كل مقدمة يسقط وجوبه و

______________________________________________________

(١) ورابعا ان الامر الغيرى المتعلق بكل مقدمة يسقط بمجرد الاتيان بتلك المقدمة كما يشهد به الوجدان فلو كان المتعلق مقيدا بما هو خارج عن ذات المقدمة لكان سقوط الامر من دون ان يتحقق تمام المتعلق بلا سبب يقتضيه ، ثم انه يقرب القول بوجه آخر ذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٤٠ بقى الكلام فيما افاده المحقق صاحب الحاشية فى المقام من ان المقدمة انما وجبت من حيث الايصال لا مقيدة بكونها موصلة وقد اصر على ذلك فى موضع من كلامه وانكر وجوب المقدمة الموصلة وهذا الكلام وان كان مجملا فى بدو النظر إلّا ان الظاهر انه اراد به ان الداعى الى ايجاب المقدمة هو كونها مما يتوصل به الى الواجب النفسى المتوقف عليها وإلّا فلا غرض يترتب على ايجابها الغيرى اصلا فكل واحدة من المقدمات انما تقع فى الخارج على صفة المطلوبية فيما اذا وقعت فى سلسلة العلة التامة لوجود ذى المقدمة واما اذا كانت منفكة عن ذلك ووقعت مجردة عن بقية اجزاء العلة فبما انها لم يترتب عليها الغرض الداعى الى ايجابها فلا تقع فى الخارج على صفة الوجوب كما هو الحال فى اجزاء الواجب النفسى فان كان واحد منها انما يقع على صفة الوجوب النفسى فى ضمن تعلقه بالمركب اذا وقع فى الخارج منضما الى بقية اجزائه لا اذا وقع منفكا عنها فحال المقدمة فى انطباق الواجب الغيرى عليها كحال الاجزاء فى انطباق الواجب النفسى عليها بعينها ولكنه مع ذلك لم يؤخذ الايصال قيدا فى اتصاف المقدمة بالوجوب لا بنحو يكون شرطا للوجوب ولا بنحو يكون قيدا للواجب فتقيد المقدمة بتحقق الواجب النفسى بعدها كنفس تحققه فى الخارج لا يكون شرطا للوجوب الغيرى ولا متعلقا له فيكون القيد والتقيد كلاهما خارجين ـ الى ان قال ـ وعلى ما ذكرناه فلا مناص عن الاهمال وان يكون الواجب الغيرى كوجوبه غير مقيد بالايصال ولا مطلقا من هذا الجهة كما هو الحال فى الوجوب النفسى المتعلق بذى المقدمة فانه يستحيل ان يكون مقيدا بوجوده او مطلقا بالقياس اليه وهذا هو الفرق بين ما ذهب اليه المحقق صاحب الحاشية من كون المقدمة واجبة عن حيث الايصال وما ذهب اليه صاحب الفصول من تقييد الواجب بالايصال فان لازم كلام المحقق المذكور عدم امكان الاطلاق والتقييد فى المقام اصلا اذا عرفت ذلك فاعلم ان المقدمة المحرمة اذا لم تقع فى الخارج على

٦١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

صفة الايصال فهى تقع على صفة الحرمة بناء على ما ذهب اليه صاحب الفصول من اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة بلا احتياج الى الالتزام بالترتب فان المقدمة على ذلك تنقسم الى قسمين قسم منها يكون واجبا والقسم الآخر يبقى على حكمها السابق واما بناء على ما ذهب اليه المحقق المذكور فبما ان التقييد الموجب لانقسام المقدمة الى قسمين كان محالا فالحكم بحرمة المقدمة المحرمة فى ظرف عدم ايصالها الى الواجب يكون على نحو الترتب ـ بيان ذلك انه «قده» التزم فى مبحث الضد بان ترك احد الضدين مقدمة للآخر فاذا كان ترك الصلاة مقدمة لواجب اهم كالإزالة فيكون الترك واجبا من حيث الايصال فاذا فرضنا ان المولى لم يصل الى غرضه من الايجاب المذكور فلا محاله يوجب الصلاة فى هذه المرتبة لعدم المزاحمة فيكون ايجابها مشروطا بعصيان خطاب الامر بتركها ومنه يتضح حال المقدمة المحرمة بل المباحة فى المقام فان تحريمها او اباحتها انما يكون فى مرتبه عصيان الامر بها وعدم ترتب غرض المولى على ايجابها واما الامر بها فهو غير مقيد ولا مطلق فيكون النتيجة هو تعلق خطابين بموضوع واحد لكن مترتبا ونحن وان صححنا الترتب فى محله الا انا قد اشترطنا فى ذلك كون احد الخطابين مترتب على عصيان الخطاب الآخر المتعلق بموضوع آخر لا فى مرتبه عصيان خطاب آخر متعلق بهذا الموضوع بعينه وعليه فتكون الحرمة او الاباحة فى المقدمة مترتبة على عصيان الامر بذى المقدمة كما ان الامر بالصلاة فى مبحث الضد يكون مترتبا على عصيان الامر بالازاله لا على عصيان الامر بترك الصلاة كما ذكره المحقق المزبور «قده» الخ ، وتوضيح ذلك قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٩ ونتيجه ذلك هو ان الغرض من ايجاب مقدمة الواجب ليس إلّا حفظ وجود الواجب فى الخارج ولازمه ترشح امر غيرى واحد من الوجوب النفسى على مجموع المقدمات لان المفروض وحدة الغرض الداعى الى ايجابها فينبسط ذلك الامر الغيرى على كل مقدمة انبساط الوجوب على اجزاء الواجب النفسى فتاخذ كل مقدمة حصة من ذلك الامر الغيرى وتكون واجبة بالوجوب الغيرى الضمنى ويترتب على ذلك ان متعلق كل امر ضمنى من تلك الاوامر الغيرية حصة من المقدمة وهى المقارنة لوجود سائر المقدمات الخ.

واورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٤٠ ولكن فيه ما لا يخفى اذ

٦١٩

يستحيل بقاء وجوبه ولو لا قيام الوجوب بها على الاطلاق يستحيل سقوط وجوبه حتى فى حال انفراده عن بقية المقدمات وهذا غاية بيان لمرام القائل بوجوب المقدمة بذاتها على الاطلاق بلا دخل شيء آخر فيه. ولكن لنا فى مقامنا هذا كلام وهو ان هذه البيانات (١) بعد تماميّتها فى نفسها انما ينتج المقصود لو كان كل سد باب مترتب على مقدمة مطلوبا مستقلا (٢)

______________________________________________________

نقول بان الغرض من الامر بكل مقدمة ليس إلّا ما يترتب على وجودها من الملاك وح فاذا كان دخل كل مقدمة من حيث كونها سادة لباب من ابواب عدم ذيها فى الخارج ـ اى نفس وجود ذيها ـ فلا جرم لا يكاد يكون الغرض من ايجاب كل مقدمة الا ذلك وفى مثله يستحيل كونه هو التوصل الى الوجود ويترتب الواجب عليها كيف وانه بعد مدخلية الارادة ايضا فى تحقق الواجب يستحيل كون الترتب المزبور من آثار مجموع المقدمات فضلا عن كل واحدة منها وح فاذا لم يكن دخل كل مقدمة الا كونها سادة لباب من ابواب عدم ذيها ولا كان الغرض من ايجاب كل مقدمة ايضا الا ما يترتب عليها من الحفظ من جهتها لا ترتب الوجود فلا محيص بمقتضى البيان المزبور من الالتزام بان الواجب هو نفس ذات المقدمة لا هى بما انها موصلة نظرا الى وضوح ترتب مثل هذا الغرض ح بمحض تحقق المقدمة فى الخارج وان لم يتحقق بقية المقدمات ولم يترتب عليها ذوها فى الخارج اصلا كما لا يخفى الخ قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٠ ولا يخفى ان هذا التقريب ـ اى من المحقق صاحب الحاشية ـ وان تم من ناحية اختصاص الوجوب الغيرى بحال الايصال على نحو القضية الحينية لانحصار ملاك الوجوب بهذا الحال وهو حفظ وجود الواجب فى الخارج لكن ما رتب عليه من تعلق امر غيرى واحد بمجموع المقدمات غير تام الخ كما ستعرف ، واجاب المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٠ عن الاهمال الذى ذكروه من ان الاطلاق التابع للتقييد امكانا وامتناعا هو الاطلاق اللحاظى واما الاطلاق الذاتى فلا يكون تابعا للتقييد فالسر فى عدم وجوب مطلق المقدمة هو ما ذكرنا ـ اى سيأتى ـ من قصور المقتضى الخ والامر كما ذكره الاستاد.

(١) اى الوجوه التى ذكروها لاجل وجوب المقدمة مطلقا من دون شرط.

(٢) اى يبتنى ما ذكروها على ان كل مقدمة واجب مستقل فى قبال سائر

٦٢٠