نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

آخر فالمناسب للسعة حتى من الحيثية الاخرى ليس إلّا الطبيعة السارية وحيث ان الامر كك فنقول لازم الاطلاقين (١) وقوع تزاحم بين مدلولى الهيئة والمادة وعليه فنقول ان المادة لما كان فى عالم الخارج معلول الهيئة فيحسب قهرا من تبعاتها ولا ينظر الى موضوعية المادة فى عالم لحاظه كى يصير الهيئة من تبعات المادة ومقتضاه ح تقديم اطلاق الهيئة وكشف الطبيعة السارية من المادة إلّا اذا كان فى البين محذور آخر (٢) وح نقول ان تقديم الهيئة على المادة فى النواهى لا محذور فيه للقدرة على التروك بقول مطلق فلا يرى العقل محذورا فى الترجيح المزبور (٣) وهذا بخلاف الاوامر فان محذور وقوع المكلف فيما لا تطاق من اعظم المحاذير ولذا صار المرتكز فى الاذهان تقديم اطلاق المادة فيها على الهيئة للمحذور المغروس فى الذهن بل وربما يؤخذ باطلاق الهيئة ايضا فيها فيما لا محذور فى (٤) ولذا ربما يختلف ايضا دلالة الامر على مطلوبية الطبيعة

______________________________________________________

(١) وح تقع المزاحمة بين اطلاق الهيئة واطلاق المادة وهى وان كانت بحسب اللحاظ بمنزلة الموضوع للهيئة ويحسب مفاد الهيئة من تبعاتها إلّا انها حيث تكون فى الخارج بمنزلة المعلول للهيئة ومن تبعاتها وهذه الجهة ينظر العرف اقوم من الجهة الاولى تكون الهيئة قرينة على المراد منها فتحمل تبعا للهيئة على السريان.

(٢) ولكن لا يخفى ان ذلك انما يكون فى مورد يمكن حمل الكلام فيه على السريان ومن المعلوم ان حمل الاوامر على السريان غير ممكن لاستحالة امتثال الاوامر على نحو السريان فيكشف ذلك عن ان السريان ليس بمراد والحمل على بعض المراتب لا معين له وذلك يكون قرينة على اطلاق المادة اعنى كونها على نحو صرف الوجود ونتيجته الاكتفاء فى مقام الامتثال بالمرة.

(٣) فان امتثال النواهى على نحو الطبيعة السارية ممكن بل امتثالها على نحو صرف الوجود حاصل دائما بناء وعلى كون المطلوب فيها الترك لا الكف وعليه يبقى تقديم اطلاق الهيئة على اطلاق المادة على حاله ولازمه الحمل على الطبيعة السارية بلا مانع.

(٤) وذلك فى صيغه الامر كما فى قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فانه يبقى الكلام

٢٠١

السارية او صرف الوجود حسب اختلاف المقامات كما لا يخفى وبعين هذه النكتة ايضا ربما نستفيد فى كثير من المستحبات (١) ايضا الطبيعة السارية المستلزم لتقديم الهيئة فيها على المادة لعدم المحذور المزبور فيها كما لا يخفى. و (٢) لنا فى المقام بيان آخر فى وجه التفرقة بين الاوامر والنواهى لعله امتن من

______________________________________________________

على مقتضى طبعه من تقديم اطلاق الهيئة على اطلاق المادة المستلزم للحمل على الطبيعة السارية.

(١) وذلك كالصلوات المبتدئة فى كل آن مستحب وصوم كل يوم مندوب ما عدا رمضان والعيدين وذكر الله على كل حال وقراءة القرآن ونحو ذلك.

(٢) الوجه الرابع وملخصه ان الاشكال نشأ من توهم ان نتيجه مقدمات الحكمة اثبات كون متعلق الحكم اعتبر على نحو صرف الوجود ولذا يستشكل بانه لم صارت نتيجتها فى النواهى السريان ولكنه توهم فاسد اذ ليس فى وسع مقدمات الحكمة اثبات كونه على نحو صرف الوجود وذلك لان اسماء الاجناس موضوعة للطبيعة المهملة التى تكون مقسما لاعتبارات الماهية ووظيفة المقدمات رفض القيود وبيان ان ما هو مدلول للفظ يكون تمام الموضوع للحكم ضرورة ان المتكلم اذا القى كلاما لمخاطبه ولم يذكر قيدا فلا محاله يكون مدلول اللفظ مراد او يضاف الى المقدمات حكم العقل بعدم امكان ارادة المقسم لإهماله وح اذا تعلق الامر بلفظ فهو يقتضى ايجاد ما يكون مدلولا لذلك اللفظ ومن المعلوم ان ايجاد الطبيعة المهملة يتحقق بايجاد احد اقسامها والطبيعة المرسلة ذاتا يكون اقل مئونة من سائر الاقسام وذلك يكشف عن ان المراد هو الطبيعة المرسلة ذاتا وبما ان الطبيعة الرسلة تكون قابلة لتعلق الحكم بها بنحو الشيوع البدلى وبنحو الشيوع السارى يتوقف تعيين احدهما على معين وحيث ان الشيوع البدلى اقل مئونة من السارى يتعين الحمل عليه وهو مساوق لكون صرف الوجود مرادا ، واما اذا صار مدلول اللفظ متعلقا للنهى فهو يقتضى الزجر عن الطبيعة المهملة اعنى تركها ومن المعلوم ان ترك الطبيعة المهملة اعنى المقسم يتحقق بترك جميع اقسامها ونتيجة ذلك مطلوبية ترك الطبيعة على نحو السريان وقد تحصل ان الفرق بينهما يكون من جهة اختلاف مقتضى البعث الى المهملة والزجر عنها.

٢٠٢

البيان السابق وهو ان لفظ المادة بعد ما كان موضوعا للطبيعة المهملة (١) وبيّنا ايضا ان الطبيعة المهملة (٢) لا يكون لها وجود مستقل بل هو معنى محفوظ فى

______________________________________________________

(١) اشاره الى احد المسلكين الوجود فى المطلق وهو الصحيح فان مقالة المشهور فى ما يسمى بالمطلق كاسماء الاجناس وان نسب اليهم تارة القول بوضع المطلق للمقيد بالسريان واخرى القول بانه موضوع للمقيد بالبدلية بحيث يكون مفهوم رجل مساوقا لمفهوم اى رجل ولكن لا يخفى فساد كلا الوجهين اما الاول فواضح الفساد اذ لا يعقل اختياران مفهوم رجل مساوق لمفهوم كل رجل واما الثانى فلانه لو كان اللفظ موضوعا له يلزم ان يكون استعماله فى الاول مجازا مع ان المشهور لا يلتزمون به والتحقيق انهم يقولون بوضعه لنفس الطبيعة المرسلة ذاتا المسماة باللابشرط القسمى وهى التى تكون مصداقا للماهية المجردة المسماة بالكلى الطبيعى عند بعض وهذا لمفهوم قابل لان يتوجه اليه الحكم على نحو الشيوع البدلى وعلى نحو الشيوع السارى وكلا الاعتبارين من كيفيات تعلق الحكم لا من خصوصيات الموضوع له ولهذا يتوقف اثبات كل منهما حتى على مذهب المشهور الى قرينة خاصه او عامة كمقدمات الحكمة لو ثبتت بها تلك الخصوصية نعم اثبات نفس الارسال الجامع بينهما لا يحتاج الى قرينة على مذهب المشهور بل نفس الوضع متكفل لذلك واما على مسلك السلطان فهو موضوع للماهية المهملة اللابشرط المقسمى التى لا تتحقق فى الذهن الا فى ضمن الاقسام ومنها الماهية المرسلة ذاتا المسماة باللابشرط القسمى الجامعة بين البدلية والسريان فمذهب المشهور يوافق مسلك السلطان فى الاحتياج الى مقدمات الحكمة غاية الامر انه على مسلك السلطان لا بد ان تتكفل باثبات الارسال الذاتى وتعيين احد شقيه وعلى مذهب المشهور اصل الارسال الذاتى يثبت بالوضع وتعيين احد شقيه يحتاج الى مقدمات الحكمة ، ولذا كان يشترك المسلكين فى ورود الاشكال المتقدم فان نتيجه المقدمات ان كانت اثبات الشيوع البدلى المعبر عنه بصرف الوجود فلا محيص من عدم التفريق بين الاوامر والنواهى وان كانت الشيوع السارى فكذلك ايضا كما انه اذا التزم بان مقتضى طبع المقدمات اثبات الشيوع البدلى لكونه اقل مئونة من السارى فلا بد ان لا يفرق بين الاوامر والنواهى وقد عرفت الجواب عن ذلك مفصلا.

(٢) وهو الذى عليه المحققين من كون المادة موضوعة للماهية المهملة ولا

٢٠٣

ضمن صور متعددة من صرف الطبيعة الساذجة (١) او المخلوطة بقيد زائد داخلى (٢) مثل سريانه فى ضمن افراده او خارجى (٣) كسائر قيوده من مثل قيامه وقعوده و (٤) اذا فرض اقتضاء مقدمات الحكمة كون ما هو مدلول اللفظ تمام الموضوع لازمه قيام تمام الحكم الشرعى بما هو مدلول اللفظ و (٥) ح بعد ما كان هذا المدلول فى ضمن صور متعددة فان كان الحكم المزبور ايجابيا مقتضيا لوجود موضوعه فمع صدق الموضوع مع الطبيعة الساذجة الصادقة على وجود واحد العقل يجتزى بامتثاله فى ضمن اول الوجودات اذ بوجوده يصدق تحقق الطبيعة المهملة المحفوظة فى ضمن صور عديدة القابلة للانطباق على الطبيعة الساذجة ايضا وبعد تحقق اول وجودها يسقط الطلب لفرض تحقق تمام موضوعه و (٦) ان كان الحكم المزبور سلبيا مقتضيا لاعدامها فلا شبهة فى ان

______________________________________________________

تتحقق الا فى ضمن الاقسام والصور.

(١) وهو الوجود بلا دخل خصوصية والتشخص وهو قسم.

(٢) اى الطبيعة السارية فى ضمن الافراد وهو ايضا قسم.

(٣) اى الخصوصية والتشخص دخيلة فى الفرد وهو ايضا من صورها.

(٤) وما تقتضى مقدمات الحكمة هو الموضوع لتمام الحكم الشرعى باى قسم دلت عليه.

(٥) فالحكم ان كان ايجابيا فلا محالة يتحقق الطبيعة المهملة بصرف الوجود لفرض تحقق تمام موضوعه وهو القسم الاول اى الطبيعة الساذجة وصرف الوجود بلا خصوصية فالعقل يكتفى بذلك وهو انطباقها على اول الوجودات.

(٦) والحكم ان كان سلبيا مقتضيا لاعدام الطبيعة المهملة بجميع اقسامها ومنها اعدام الطبيعة السارية ولا يكون إلّا باعدام جميع وجوداتها ولو بعد وجود بعض افرادها فلا يسقط النهى بعد عصيان بعض الافراد فالعقل يحكم بان ترك الطبيعة المهملة بترك جميع اقسامها ومنها الطبيعة السارية لعدم صدق ترك الطبيعة إلا بترك جميع افرادها الطولية والعرضية.

٢٠٤

اعدام الطبيعة المهملة باعدام جميع صورها ومن الصور الطبيعة السارية ومعلوم ان اعدام الطبيعة السارية لا يكون إلّا باعدامها ولو بعد وجودها ولذا لا يسقط النهى بعد عصيانه ، وح عمدة وجه التفرقة بين المقامين بعد اشتراك الطرفين فى التعلق بالطبيعة المهملة وان تمام الموضوع هذه الطبيعة المحفوظة فى ضمن الصور ان الحكم الايجابى لا يقتضى إلّا وجود هذه الطبيعة والعقل ح يكتفى ولو بوجود فى ضمن احد الصور التى منها الطبيعة الصرفة الساذجة القابلة للانطباق على اوّل الوجودات والحكم السلبى لا يقتضى إلّا ترك هذه الطبيعة المهملة المحفوظة فى ضمن صورها وترك هذه الطبيعة لا يكون إلّا بترك جميع صورها فى الخارج الذى من جملتها الطبيعة السارية الملازمة لترك الطبيعة ولو بعد وجودها اذ لو لم يترك لما صدق ح ترك الطبيعة المحفوظة فى ضمن الطبيعة السارية ايضا اذ لا يصدق ترك الطبيعة السارية إلّا بترك افرادها المتعاقبة وح (١) فعمدة المحذور فى وجه الفرق وعمود الاشكال فى التسوية بين الامر والنهى خيال تعلق الامر والنهى بالطبيعة الصرفة قبال السارية فانه لا يبقى ح مجال فرق بينهما اذا الموضوع فى المقامين لو كان خصوص الطبيعة الصرفة لا محيص من سقوط النهى ايضا باوّل وجودها لصدق وجود تمام موضوع المبغوض بمجرد ذلك فلا يبقى ح مجال لمبغوضية وجود الطبيعة بعد وجودها لعدم قابلية الطبيعة الصرفة للانطباق بعد الانطباق واما لو جعل مركز الاحكام الطبيعة المهملة المحفوظة فى ضمن الصور المزبورة فالتفرقة بين المقامين فى غاية

______________________________________________________

(١) فالمستشكل تخيل ان الامر والنهى كل منهما تعلق بالطبيعة الصرفة فلذا يبقى مجال الاشكال بالفرق بينهما ، ولكن الامر ليس كذلك وانما مركز البحث تعلق الاحكام على الطبيعة المهملة فى كليهما على ما عرفت.

٢٠٥

الوضوح ، ومن التأمل فى ما ذكرنا (١) ظهر ايضا مطلب آخر (٢) وهو ان نتيجة

______________________________________________________

(١) وهو من تعلق الامر على الطبيعة المهملة.

(٢) والمراد من مطلب آخر هو ان نتيجه مقدمات الحكمة انما هو بعد تعلق الطلب على الطبيعة المهملة المنطبق على صرف الوجود وغيره من الاقسام بحكم العقل بكفاية وجود واحد فى تحقق الامتثال ، ويحكم العقل بعدم كفايته فى النواهى لان مبغوضية الطبيعة بمقتضى مقدمات الحكمة المحفوظة فى الطبيعة السارية فلا يتحقق بصرف العصيان باوّل وجوده كما لا يخفى ، الامر الثامن بقى الكلام فى بيان الثمرة بين الاقوال المزبورة اما الثمرة بين القول بالطبيعة وبين القول بالمرة بمعنى الفرد او الوجود الواحد فظاهرة فيما لو اتى دفعه واحدة بافراد متعددة فانه على القول بالطبيعة يقع الامتثال بالمجموع ويكون المجموع امتثالا واحدا ولكنه لا بمناط الترجيح بلا مرجح بل بمناط انطباق الطبيعى المأمور به على الجميع باعتبار كونها وجودا لها ، واما على القول بالمرة فلا يقع الامتثال الا بواحد منها لا بعينه هذا اذا لم يؤخذ الفرد مقيدا بعدم الزيادة وإلّا فلا يقع الامتثال بواحد منها اصلا ، ولكن الذى يسهل الخطب هو عدم ارادة القائل بالمرة مثل هذا لمعنى لما تقدم بان المراد منها انما هو المرة على نحو اللابشرطية وعليه فيقع الامتثال بواحد منها ويصير الزائد لغوا محضا لا مخلا باصل الامتثال هذا اذا اتى المكلف بافراد متعددة دفعة واحدة واما لو اتى بها دفعات فالثمرة ايضا تظهر من جهة قصد الامتثال بالخصوصية وعدم قصدها فانه على القول بالطبيعة يقع قصده ذلك تشريعا محرما بخلافه على المرة بمعنى الفرد فانه ح لا بد من قصد الخصوصية ويقع الامتثال به ايضا ، نعم على تفسير المرة بالوجود الواحد من الطبيعة لا ثمرة فى هذا الفرض بينها وبين الطبيعة بل تختص الثمرة بينهما بالفرض الاول وهو صورة الاتيان بافراد متعددة دفعة واحدة هذا كله بناء على تفسير المرة بالفرد او الوجود الواحد ، واما بناء على تفسيرها بالدفعة فلا ثمرة بينها وبين القول بالطبيعة ومن ذلك ارجعنا القول بالمرة ايضا الى القول بالطبيعة هذا كله فى الثمرة بين القول وبين القول بالطبيعة ، واما الثمرة بين الطبيعة وبين القول بالتكرار فعلى تفسيره بالافراد والوجودات فتظهر ايضا فى صورة الاتيان بالطبيعة فى ضمن فرد واحد فانه على القول بالطبيعة يتحقق الامتثال ويسقط الامر والتكليف من جهة انطباق الطبيعى على الماتى به بخلافه القول بالتكرار اذ عليه كان التكليف بعد على حاله

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

فيجب الاتيان ثانيا وثالثا وهكذا ، بل وتظهر الثمرة ايضا عند الاتيان بافراد متعددة دفعة اذ على القول بالطبيعة من جهة انطباق الطبيعى على الجميع يكون المجموع امتثالا واحدا دونه على القول بالتكرار فانه عليه يكون تلك امتثالات متعددة كما فى صورة ايجاد الطبيعة ثانيا وثالثا ورابعا هذا على التكرار بمعنى الوجودات واما على التكرار بمعنى الدفعات فتظهر عند الايجاد ثانيا وثالثا حيث انه على التكرار يقع الامتثال بثانى الوجود وثالث الوجود ايضا بخلافه على الطبيعة فانه عليه يكون ثانى الوجود من الامتثال عقيب الامتثال كما سيأتى واما الثمرة بين القول بالمرة وبين القول بالتكرار فواضحة غير محتاجة الى البيان.

الامر التاسع وهو انه على التكرار هل يعتبر تعدد الوجود مطلقا حتى فى الامور القابلة للدوام والاستمرار كالقيام والقعود ونحوهما فيجب فى تكرر القيام انهدامه ثم قيام آخر كى يتحقق التعدد وفى الغسل بالماء القليل مرتين يكفى استمرار الماء عليه للتكرار او لا بد من انهدامه ثم وصول الماء الى المتجنس مرة اخرى ، او ان اعتبار تعدد الوجود انما هو فى الامور الآنية غير القابلة للدوام والاستمرار كالضرب مثلا وإلّا ففى الامور القابلة للاستمرار يكفى فى تكرارها استمرارها بنحو لا يتخلل فصل فى البين بان يقصد بها فى كل آن امتثال الامر المتعلق بالطبيعة بلا احتياج الى تخلل فصل فى البين كما فى اوفوا بالعقود وجوب واحد مستمرا ووجوبات مكررة فيه وجهان مقتضى ظاهر العنوان هو الاول من لزوم تكرر الوجود فى صدق التكرار وتحققه حتى فى مثل القيام والقعود الذى يتصور فيه القرار والاستمرار لكن مقتضى استدلالهم بباب النواهى هو الثانى وهو عدم اعتبار تكرر الوجود كما هو ذلك فى باب النواهى حيث كان المطلوب فيها هو الدوام والاستمرار اى الاستمرار على الترك وعليه ربما تظهر الثمرة ايضا بين القول بالتكرار وبين القول بالطبيعة فى صورة استمرار القيام من جهة وحدة الامتثال على القول بالطبيعة وتعدده على القول بالتكرار فيما لو قصد كون القيام فى كل ان امتثالا للامر به كما هو الشأن ايضا فى باب النواهى فيما لو ترك شرب الخمر قاصدا كونه فى كل ان امتثالا لقوله لا تشرب الخمر فيكون هذا القيام الشخصى المستمر حينئذ امتثالات متعددة للامر بالقيام وهكذا الامور التدريجية كالحركة والتكلم والقراءة فان حالها حال الامور القابلة للدوام والاستمرار فبناء على القول

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بالطبيعة يكون مجموع الحركة والتكلم والقراءة من اولها الى آخرها وجودا واحدا للطبيعة ما لم يتخلل فصل فى البين فيحتاج فى كونه ثانى الوجود الى طرو فصل فى البين بان يتحرك ثم يسكن ثم يتحرك وهكذا فى التكلم والقراءة فما دام كان مشغولا بالتكلم والقراءة كان ذلك بعد وجودا واحدا للقراءة ولا يتحقق ثانى الوجود الا بتخلل سكون فى البين بنحو يعد الكلام الثانى وجودا آخر. واما على التكرار على النحو المزبور يتحقق التكرار وتعدد الامتثال بقصده القراءة فى كل آن امتثالا للامر بها نعم لو كان الامر متعلقا لا بعنوان القراءة بقول مطلق بل بعنوان قراءة الحمد مثلا ففى ذلك يكون تحقق الطبيعة بمجرد الفراغ عن الحمد ولو لم يقطع قراءته بل اتصل قراءته بقراءته حمد آخر وح فيكون الحمد الثانى الذى اشتغل به بدون تخلل فصل وسكون من ثانى الوجود للطبيعة ويكون من باب الامتثال عقيب الامتثال كما هو واضح ، وبالجملة ففى الاعدام يتحقق الامتثالات المتعددة بالتروك بلا فصل لكن فى الوجودات يحتاج الى تخلل فصل عدمى فى التكرار والتعدد الا فى مثل الحمد كما عرفت.

الامر العاشر قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢١ تنبيه لا اشكال بناء على القول بالمرة فى الامتثال وانه لا مجال للاتيان بالمامور به ثانيا على ان يكون ايضا به الامتثال فانه من الامتثال بعد الامتثال ـ اى وهو ممتنع لان الامتثال فعل المأمور به وبالامتثال الاول يسقط الامر فيكون فعله ثانيا امتثالا ـ واما على المختار من دلالته على طلب الطبيعة من دون دلالة على المرة ولا على التكرار فلا يخلو الحال اما ان لا يكون هناك اطلاق الصيغة فى مقام البيان بل فى مقام الاهمال او الاجمال فالمرجع هو الاصل ـ اى الاصل العملى فلو تردد الامر بين الطبيعة والتكرار فالاصل البراءة عن وجوب الزائد على المرة مع تعدد الوجود اما مع اتصاله بناء على تحقق التكرار به فاستصحاب الوجوب هو المرجع ولو تردد بين الطبيعة والمرة فلا اثر للشك ولو تردد بين المرة والتكرار والطبيعة فالحكم كما لو تردد بين الطبيعة والتكرار وكذا لو تردد بين المرة والتكرار ـ واما ان يكون اطلاقها فى ذاك المقام فلا اشكال فى الاكتفاء بالمرة فى الامتثال وانما الاشكال فى جواز ان لا يقتصر عليها فان لازم اطلاق الطبيعة المأمور بها هو الاتيان بها مرة او مرارا لا لزوم الاقتصار على المرة كما لا يخفى والتحقيق ان قضية الاطلاق انما هو جواز الاتيان بها مرة فى ضمن فرد او افراد فيكون ايجادها فى ضمنها

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

نحوا من الامتثال كايجادها فى ضمن الواحد لا جواز الاتيان بها مرة ومرات فانه مع الاتيان بها مرة لا محاله يحصل الامتثال ويسقط به الامر فيما اذا كان امتثال الامر علة تامة لحصول الغرض الاقصى بحيث يحصل بمجرده فلا يبقى معه مجال لاتيانه ثانيا بداعى امتثال آخر او بداعى ان يكون الاتيانان امتثالا واحدا لما عرفت من حصول الموافقة باتيانها وسقوط الغرض معها وسقوط الامر بسقوطه فلا يبقى مجال لامتثاله اصلا ـ اى يكون المانع العقلى عن ثبوت الاطلاق المذكور لان الوجود الاول اذا كان علة تامة لسقوط الغرض كان علة تامة لسقوط الامر ايضا فيمتنع كون الوجود اللاحق موضوعا للامر كى يجوز الاتيان به بقصد امتثال الامر واذا امتنع كون الاتيان الثانى موضوعا للامر امتنع ان يكون اطلاق الصيغة شاملا للمرة والمرات ولكن فيه ان المانع الذى ذكره فهو يتوقف على امتناع التخيير بين الاقل والاكثر بكل وجه وهو محل منع فيجوز بحدهما ، والصحيح ان يقال يمكن منع الاطلاق المذكور مع قطع النظر عن المانع العقلى وذلك لان اطلاق المادة يقتضى ان يكون المراد بها صرف الوجود الصادق على القليل والكثير وهو لا ينطبق على الوجود اللاحق فانه وجود بعد وجود لا صرف الوجود الذى هو بمعنى خرق العدم ـ واما اذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض كما اذا امر بالماء ليشرب او يتوضأ فاتى به ولم يشرب او لم يتوضأ فعلا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال باتيان فردا آخرا حسن منه بل مطلقا كما كان له ذلك قبله على ما يأتى بيانه فى الاجزاء انتهى ولكن فيه ان الغرض من الامر باحضار الماء تارة يكون مجرد تمكن الامر من شربه ولا ريب فى حصوله بمجرد احضاره ، واخرى يكون هو الشرب الفعلى فيشكل الامتثال ثانيا من جهة امتناع بقاء الامر مع حصول موضوعه الذى هو صرف الاحضار فلا بد اما من الالتزام بان موضوع الامر ليس مطلق الاحضار بل الاحضار المترتب عليه الشرب ولازمه القول بالمقدمة الموصلة والباعث على هذا الالتزام لزوم المساواة عقلا بين الغرض وموضوع الامر سعة وضيقا لامتناع التفكيك بينهما وعليه فلا يتعين الاحضار الحاصل لان يكون مأمورا به الا بعد ترتب الغرض عليه ولازمه ان المكلف فى مقام الامتثال انما يأتى بالاحضار الاول رجاء كونه مأمورا به لا بقصد ذلك وح فللمكلف الاتيان ثانيا وثالثا بهذا القصد بعينه ولا يكون فرق بين الوجود وبين بقية الوجودات اللاحقة فى كيفية الامتثال ، واما من الالتزام بان

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الغرض كما يبعث الى الامر او لا بالاحضار يبعث ثانيا الى صرف الاحضار المنطبق على بقاء الفرد الاول واحضار فرد آخر اذ لا يتعين للدخل فى الغرض الفرد الاول بخصوصه بمجرد وجوده بل كما لم يتعين او لا قبل وجوده لم يتعين بعد وجوده ولازم ذلك الالتزام باوامر طولية بحسب الزمان ما دام الغرض باقيا ويكون المراد من بقاء الامر هذا المعنى لا بقاء الامر الشخصى بحدوده لامتناع بقائه بحصول موضوعه ، ولكن ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ، ص ١٤٤ ، التحقيق ان اتيان المأمور به بحدوده وقيوده علة تامة للغرض الباعث على البعث اليه والغرض القائم باحضار الماء تمكن المولى من رفع عطشه به مثلا لا نفس رفع العطش كما هو واضح نعم هو غرض مقدمى لا اصيل وغير فارق اذ مدار امتثال كل امر على اسقاط نفس الغرض الباعث عليه لا شىء آخر ولا يتوقف الامتثال ولا اتصاف المقدمة بالمقدمية على تعقبها بذيها عنده قده وعند المشهور كما سيجيء إن شاء الله تعالى وما يرى من وجوب اتيان الماء ثانيا لو اريق الماء لا دلالة له على شيء لان الغرض تمكن المولى من شربه وقد انقلب الى نقيضه فيجب عليه احضاره ثانيا لعين ما اوجبه اولا لان ملاك الامتثال استيفاء المولى غرضه منه نعم هو ملازم له احيانا انتهى والمختار عندنا هى المقدمة الموصلة كما سيأتى وملخص ذلك ان الغرض المترتب على وجود المأمور به فى الخارج من دون دخل شيء آخر فيه هو الذى يكون المكلف مأمورا بتحصيله واما غرض الامر كرفع العطش مثلا حيث ان حصوله يتوقف على فعل نفسه وهو الشرب زائدا على الاتيان بالمامور به فلا يكون المكلف مأمورا بايجاده وامتثاله لخروجه عن قدرته وامتثاله فالواجب على المكلف ليس إلّا تمكين المولى من الشرب وتهية المقدمات له فانه تحت اختياره وقدرته وهو يحصل بصرف الامتثال الاول ، ثم ان هنا موردين يدل على جواز الامتثال بعد الامتثال احدهما فى صلاة الآيات حيث قد ورد فيها ان من صلى صلاة الآيات فله ان يعيد صلاته مرة ثانية ما دامت الآية باقية وهذا يدل على جواز الامتثال مرة ثانية بعد الامتثال الاول وثانيهما فى الصلاة اليومية حيث قد ورد فيها ان من صلى فرادى واقيمت الجماعة فله ان يعيد صلاته مرة اخرى فيها ، وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢١٠ ولكن هذا التوهم خاطئ فى كلا الموردين اما فى المورد الاول فهو لا يدل على ازيد من استحباب الاعادة مرة ثانية بداعى الامر

٢١٠

مقدمات الحكمة فى الامر ايضا ليس مطلوبية صرف الوجود الذى معنى اللابشرط القسمى بل النتيجة مطلوبية الطبيعة المهملة القابلة للانطباق على الصرف ايضا ، وبهذه الجهة يقنع العقل فى امتثاله المستتبع لسقوطه بوجود واحد كما ان نتيجة مقدمات الحكمة فى النواهى ايضا ليس إلّا مبغوضية الطبيعة المحفوظة فى جميع الصور الذى من جملتها الطبيعة السارية والعقل فى امتثال النهى وكذا فى عصيانه لا يقنع بترك مجرد اوّل وجود الطبيعة بل يحكم بلزوم ترك الطبيعة السارية ايضا المستتبع لعدم سقوط المبغوض بصرف العصيان بأوّل وجوده كما لا يخفى وسيأتى إن شاء الله تتمة الكلام فى باب المطلق والمقيد عند تشكيل مقدمات الحكمة وليكن ذلك فى ذكرك الى ان يجئ محله. مقالة (١) هل

______________________________________________________

الاستحبابى بداهة ان الامر الوجوبى قد سقط بالامتثال الاول فلا تعقل الاعادة بداعيه فالاعادة لا بداعى الامر الاول لتكون من الامتثال بعد الامتثال واما فى المورد الثانى فائضا كذلك ضرورة انه لا يستفاد منها الا استحباب الاعادة جماعة فاذن تكون الاعادة بداعى الامر الاستحبابى لا بداعى الامر الاول وإلّا لكانت واجبة وهذا خلف نعم هنا روايتان صحيحتان ففى احدهما امر الامام بجعل الصلاة المعادة فريضة وفى الاخرى بجعلها فريضة ان شاء ولكن لا بد من رفع اليد عن ظهورهما بقرينة عدم امكان الامتثال ثانيا بعد الامتثال وحملها على جعلها قضاء عما فات منه من الصلاة الواجبة ثانيا او على معنى آخر الخ وفيه قد عرفت انه يختلف على الاغراض ولا وجه للتأويل اصلا بعد الصراحة فى كونه امتثالا بعد الامتثال ولكن سيأتى فى مسألة الاجزاء ما له نفع فى المقام والقول بعدم امكان الامتثال بعد الامتثال لكن لو كان الثانية لم تكن فريضة كيف يجعلها فريضة ولا بد من قصد الظهرية ايضا وإلّا كيف يقتدى به من يصلى الظهر اداء فتأمل جيدا والمحقق الماتن تعرض المسألة هناك فراجع.

فى دلالة الامر على الفور وعدمه

(١) النموذج السابع فى ان صيغة الامر هل تدل على الفور ام لا والحق انها لا تقتضى شيئا من الفور ولا التراخى وانما تدل على طلب ايجاد الطبيعة الجامعة بين

٢١١

الامر بصيغة يقتضى فورية ايجاد المطلوب او يقتضى تراخيه او لا يقتضى شيئا منهما وجوه اخيرها هو المشهور بين الاصحاب ، ولا يخفى ان نظر القائل بالفورية او التراخى ليس (١) الى دخل الزمان فى مدلول الهيئة كيف وهو معترف بعدم دلالة صيغ الامر على الزمان بل هو مساوق للتعجيل فى الوجود المتصور احيانا فى المجردات الخارجة عن الزمان (٢) بل وفى نفس الزمان ايضا كما انه يمكن (٣) ان يدعى ايضا بعدم نظرهم الى اخذ القيدين فى مدلول الصيغة كيف و

______________________________________________________

الفور والتراخى ـ ومن المعلوم ان الواجبات الشرعية على اقسام منها ما لا يكون مقيدا بالتقديم ولا التاخير كالصلوات اليومية وهو الواجب الموسع ، ومنها مقيدا بالتاخير وهو الواجب المضيق كالصوم ، ومنها مقيد بالتقديم ويسقط بتركه فورا كرد السلام ولو عصى ولم يأت به فورا يسقط ، ومنها مقيد بالتقديم ولا يسقط بتركه فورا بل يجب فورا ففورا كوجوب اداء الدين عند المطالبة ووجوب الحج اى حجة الاسلام والعمل بالوصية ومنها مقيد بالتقديم ولا يسقط بتركه فورا لكن يجب فورا فان عصى فيسقط الفورية كصلاة الزلزلة ، والكلام فى ما لو شك فى الفورية والتأخير.

(١) وربما يستدل لعدم الفورية بعدم مأخوذية الزمان فى المشتقات حتى تدل على زمان الفور بمعناه الاسمى وفيه ان ذلك لا ينبغى صدوره من احد بل نظر القائل بمطلوبية الفور انما هو الى مجرد الاستعجال والمسارعة فى ايجاد المأمور به المنطبق فى الزمانيات على اول الازمنة بعد الامر بلا مدخلية للزمان فيه بنحو القيدية اصلا كما ان نظر القائل بالتراخى انما هو الى ما يقابل ذلك.

(٢) كما يقال استعجلت البرودة او الحرارة وانقضت ، وكذا استعجل هذا العام ومضى الزمان فورا ولذا يتصف الزمان والمجردات به.

(٣) ويمكن الاستدلال للفور بما ملخصه انه تدل الصيغة على معنى من الطلب والبعث المستلزم للفورية بتقريب ان البعث المستفاد من الصيغة منزل فى نظر العقلاء تشريعا بالاضافة الى متعلقة منزلة العلة التكوينية فكما ان العلة التكوينية لا ينفك عنها معلولها فى اول ازمنة الامكان كذلك ما هو منزل منزلتها وفيه انا لو سلمنا صحة التنزيل المذكور لما كان ذلك مستلزما لتنزيل البعث منزلة العلة التكوينية فى جميع

٢١٢

الصيغ آبية عن اخذ جهة زائدة عن مدلول المادة من الطبيعة والهيئة من ارسال الفاعل الى المبدا فى مدلولها بل تمام النظر الى ان المستفاد من الصيغ معنى يلازم حكم العقل بالتعجيل فى الامتثال او يلازم التراخى وعدم التعجيل او لا يلازم شيئا منهما بتوضيح ان القائل بالفورية يتخيل بان الامر باقتضائه طلب المولى علة تامة تشريعية لوجود المادة وشأن العلة عدم انفكاكه عن المعلول ولازمه حكم العقل بلزوم تعجيل العبد فى امتثاله والقائل بالتراخى (١) يتخيل بان المادة غالبا يحتاج الى مقدمات موجبة لعدم كون الامر علة تامة لوجود المادة بل هو من احد المقتضيات المستتبعة لتهيئة العبد لبقية المقدمات الملازمة قهرا لتراخى المادة فى الوجود والقائل (٢) بعدم الاقتضاء ناظر الى ان علية الامر ليس

______________________________________________________

خصوصياتها وآثارها بل المسلم انما هو تنزيل البعث منزلة العلة التكوينية فى الجملة لا ناقد قلنا ان الامر هو البعث بداعى جعل الداعى وذلك لا يستدعى اكثر من التوصل بذلك البعث الى وقوع المطلوب فى الخارج لذا نجد العقلاء يعدون العبد مطيعا اذا امره المولى بفعل لم تدل القرينة على الفورية فيه فاتى به بعد مضى زمان من حين صدور الامر ـ اللهم إلّا ان يكون المراد من ذلك هو ان للمولى ان يذم العبد على تركه للمأمور به فى اول آنات امكانه بعد عدم اقامة دليل على انه لا اشكال فى التراخى فان هذا من وظائف العبودية سيما فى بعض الموارد مثل الحج الذى يكون فى كل ستة دفعة فى موسم مخصوص ولو لا هذا الدليل ما كان لنا دليل آخر على وجوب الحج فورا لكن فيه ان العقل يذم على ترك المأمور به من رأس واتيانه وظيفة العبودية اما اتيانه فورا فلا يحكم العقل بلزومه وانه من وظائف العبودية كما لو يخفى.

(١) واستدل ايضا لعدم الفور ان المأمور به تحتاج الى مقدمات بعد تعلق الارادة التشريعية به فانها من المقتضيات لا العلة التامة فلاجل تهية سائر المقدمات يلازم التراخى وفيه ان الفورية يلازم القيام بالمقدمات عقلا فلا يمكن اتيان ذى المقدمة بدون المقدمة فالمراد بالفورية ذلك.

(٢) وقد يستدل لعدم الاقتضاء اصلا ان قضية الامر بشيء ليست إلّا البعث نحوه بالايجاد فاذا كان المتعلق هو الطبيعى الجامع بين الفرد الحالى والفرد الاستقبالى

٢١٣

إلّا بملاحظة عدوته الى متعلقة وبمقدار اقتضاء الدعوة ينتزع عنه العلية ومن المعلوم ان الامر اذا تعلق بالجامع بين الافراد الفعلية والآتية فلا يدعوا الا الى هذا الجامع والعقل ايضا لا يحكم إلّا بايجاد الجامع بلا تعيينه فى خصوص الافراد الفعلية ومقتضاه ليس حكمه بالتخيير (١) بين الافراد العاجلة والاجلة ومنه ينتزع ايضا علية الامر لمثل هذا التخيير لا لتعين الافراد العاجلة او لايجاد الطبيعة فى ضمنها بخصوصها كما لا يخفى وعليه فالتحقيق ما ذهب اليه المشهور (٢) كما (٣) ان الامر بالاستباق والمسارعة ايضا ليس إلّا ارشادا الى الحكم العقل

______________________________________________________

فلا جرم لا يقتضى الامر به ايضا إلّا ايجاد تلك الطبيعة بها انها جامعة بين الفرد الحالى والاستقبالى.

(١) قد زيد فى الطبع الحديث كلمة ـ الا ـ ولا يحتاج اليه فانه ليس حكم العقل بالتخيير بل حكمه بايجاد الجامع ولازمه التخيير بين العاجلة والاجلة.

(٢) وهو انه لا يقتضى الفور ولا التراخى ـ عليه ـ المشهور والوجه فى ذلك واضح فان منشأ استفادة الفورية تارة يقال انه نفس الصيغة كما هو ظاهر العنوان واخرى يقال انه هو الدليل الخارجى فاما الوجه الاول فالظاهر انه لا وجه له اصلا لانا نمنع ان تكون الصيغة دالة على اكثر من الطلب المطلق للمادة لما عرفت سابقا من ان المادة تدل على الحدث وان الصيغة تدل على البعث الملحوظ نسبة بين الامر والمأمور والمأمور به فلم يبق فى الكلام ما يدل على الفورية او التراخى ونحوهما ، بل ومع الشك ايضا ربما كان قضية اطلاق المادة هو سقوط الغرض وتحقق الامتثال بالاستعجال الملازم لزمان الحال والتأخير الملازم لزمان الاستقبال بل كان الامر التمسك بقضية اطلاق المادة فى المقام اهون من المقام السابق نظرا الى سلامته عن المزاحمة مع اطلاق الهيئة كما هناك وذلك لعدم اقتضاء لاطلاق الهيئة للاستعجال والفورية فى المقام كى يقع بينهما المزاحمة كما هو واضح وح فمقتضى اطلاق المادة هو تحقق الامتثال باتيان الطبيعة وايجادها بنحو الاستعجال او التراخى.

(٣) واما الوجه الثانى هو استفادة الفورية من دليل خارجى منفصل فقد استدل عليه ببعض الآيات منها قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ومنها (فَاسْتَبِقُوا

٢١٤

الْخَيْراتِ) الآية بتقريب ان الامر فى كل من الآيتين ظاهر فى الوجوب فيكون كل من المسارعة والاستباق واجبا ولا ريب فى ان امتثال الاوامر الالهية فى اول ازمنة الامكان من اظهر افراد حقيقة المسارعة والاستباق فيجب ولا يخفى وقع الكلام فى ان الامر الوارد فى الآية ارشادى الى حكم العقل او مولوى ثم على الثانى هل يدل على اللزوم ام لا فالكلمات الآتية مبتنية عليه واليك تفصيلها فاجاب عنه فى الكفاية ج ١ ص ١٢٣ وفيه منع ضرورة ان سياق آية وسارعوا الى مغفرة من ربكم وكذا آية واستبقوا الخيرات انما هو البعث نحو المسارعة الى المغفرة والاستباق الى الخير من دون استتباع تركهما الغضب والشر ضرورة ان تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشر كان البعث بالتحذير عنهما انسب كما لا يخفى فافهم ، مع لزوم كثرة تخصيصه فى المستحبات وكثير من الواجبات بل اكثرها فلا بد من حمل الصيغة فيهما على خصوص الندب او مطلق الطلب ، ولا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق وكان ما ورد من الآيات والروايات فى مقام البعث نحوه ارشادا الى ذلك كالآيات والروايات الواردة فى الحث على اصل الاطاعة فيكون الامر فيها لما يترتب على المادة بنفسها ولو لم يكن هناك امر بها كما هو الشأن فى الاوامر الارشادية فافهم انتهى واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٥٢ بقوله ولا يخفى ما فيه اما اولا فلان حسن العقل بحس المسارعة والاستباق اما لوجود خصوصية ومزية فى الافراد التى تحصل بها المسارعة والاستباق كالصلاة فى اول الوقت واما لاقتران الافراد التى لا تحصل فيها المسارعة او الاستباق ببعض المحاذير والعوارض التى يلزم التوقى منها وكلا الفرضين خارج عن محل الكلام واما حكم العقل بحسن المسارعة لمزية فيهما لا نفسهما فممنوع ، واما ثانيا فانا لو سلمنا حكم العقل بحسن المسارعة والاستباق لما كان ذلك الا حكما استحسانيا كما هو المرتكز فى نفوس العقلاء فى امتثال الاوامر المطلقة فانهم يستحسنون الاسراع فى امتثال امر المولى وان كانوا لا يقبحون التباطؤ والتأخر مع العزم على الامتثال فلا يكون حكم العقل ح حكما الزاميا نحو حكمه بوجوب اطاعة المولى فى اوامره الالزامية وعليه يبقى مجال للاوامر المولوية بوجوب المسارعة والاستباق انتهى وفيه ان المغفرة فى الآية الاولى والخيرات فى الآية الثانية يراد منهما سببهما وهو الاطاعة وكما يمتنع اخذ الاطاعة قيدا للواجب الشرعى

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

يمتنع اخذ سببها كذلك فانها من شئونها وكما ان الامر بالاطاعة ارشادى كذلك الامر بالمسارعة والخيرات اليها ويمكن توجيه الاستدلال بما افاده استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ١٩٥ عن المحقق العراقى ان هنا احتمالين احدهما ان تكون الفورية قيدا للموضوع بنحو وحدة المطلوب كوجوب رد السلام فانه لو لم يكن جوابه فورا يسقط الوجوب وان عصى بتركه فى الآن الاول وثانيهما ان تكون واجبة فى واجب بنحو تعدد المطلوب بحيث ان المطلوب الحج والفورية مثلا فاذا عصى فى الآن الاول يجب فى الآن الثانى اذا كان بنحو تعدد المطلوب وبخلافه لو كان بنحو وحدة المطلوب فانه يسقط الواجب عن وجوبه ويفوت بواسطة عدم مراعات القيد اذا عرفت ذلك فنقول على التقديرين اما ان يكون العقل مستقلا فى الحكم بالعقاب فالآية ارشاد الى حكمه او لا يكون مستقلا فالآية تكون بيانا لحكم مولوى يجب الاتيان به او كان مستقلا فى الاستحسان لا فى العقاب فائضا للشرع ان يظهر المولوية بالآية بلزوم مراعاة الفورية فالاشكال بكلا شقيه مندفع لانه على فرض استقلاله بالعقاب فلا كلام فى وجوب الفورية مع ارشادية الآية وعلى فرض استقلاله فى الاستحسان فالوجوب يستفاد من ظاهر الخطاب فى المولوية فتحصل تمامية الآية للاستدلال على الفورية الخ. ويمكن الجواب عن الآيتين ايضا بان الآية على تقدير دلالتها على وجوب المسارعة لا تدل على تقييد الواجب بالفورية بل هى على خلاف ذلك ادل لان مادة المسارعة الى الشى انما تكون فيما هو موسع كما لا يخفى وكذا الحال فى الآية الاخرى على تقدير كون المراد من الخيرات الخيرات الاخروية كما هو الظاهر واليك توضيحه ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٥٢ فى الجواب عنهما ان الاستباق الى فعل الخيرات يقتضى بمفهومه وجود عدد من الخيرات يتحقق الاستباق بفعل مقدار منه وينتفى فى المقدار الآخر ولا ريب فى ان المقدار الذى لا يتحقق الاستباق فيه هو من الخيرات وعلى فرض وجوب الاستباق فى الخيرات يلزم ان يكون المقدار الذى لا يتحقق به الاستباق ليس من الخيرات لمزاحمته للمقدار الذى يتحقق به الاستباق واذا انتفى ان يكون من الخيرات هذا المقدار لزم عدم وجوب الاستباق فى المقدار الذى كان الاستباق يتحقق فيه واذا انتفى الوجوب عن الاستباق انتفت المزاحمة بين اعداد الواجب الموجبة لخروج بعضها عن حيز الوجوب فيتعلق بها الوجوب جميعا وبه يعود

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

موضوع المسارعة وبالجملة يلزم من وجوب المسارعة فى الخيرات عدم وجوبها كما شرحناه وما يلزم من وجوده عدمه باطل فوجوب المسارعة باطلا لا محاله وح لا بد من حمل الامر فيها على الندب الخ والجواب عنه فالمراد من الخير ما يكون بطبعه خيرا وكل خير بواسطة عمود الزمان ينحل الى الخيرات والسبق يكون بالنسبة اليه اى الزمان فالخير فى الساعة الاولى مقدم على الخير فى الساعة الثانية فاذا استبق اليه احد فى الساعة الاولى ولم يبق موضوع للآخر فلا اشكال فيه فالمراد بالسبق السبق الزمانى الى خير واحد يمكن تحصيله لا السبق الى كل الخيرات فى آن واحد ، ولكن مع ذلك الآية لا تدل على الوجوب للزوم تخصيص الاكثر. ثم انه حيث كان اطلاق يعتمد عليه فى نفى الفور والتراخى فلا اشكال ، واما اذا لم يكن اطلاق كذلك فالمرجع الاصل فلو كان التردد بين الفور والتراخى فالواجب الجمع بين الوظيفتين للعلم الاجمالى بالتكليف باحدهما ولو كان بين الفور والطبيعة فالمرجع اصل البراءة لو كان وجوب الفورية على نحو تعدد المطلوب ولو كان بنحو وحدة المطلوب فالحكم هو الحكم مع الشك بين الاقل والاكثر وكذا الحكم لو كان التردد بين الطبيعة والتراخى تتمة قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٣ بناء على القول بالفور فهل قضية الامر الاتيان فورا ففورا بحيث لو عصى لوجب عليه الاتيان به فورا ايضا فى الزمان الثانى اولا وجهان مبنيان على ان مفاد الصيغة على هذا القول هو وحدة المطلوب او تعدده ولا يخفى انه لو قيل بدلالتها على الفورية لما كان لها دلالة على نحو المطلوب من وحدته او تعدده الخ فينبغى ان يجعل الاحتمالات ثلاثى الاطراف فيقال هل ظاهر الامر الاتيان به فورا فلو تركه عصى وسقط الامر او الاتيان به فورا على نحو لو تركه فى الزمان الاول عصى فى ترك الفورية وبقى الامر بصرف الطبيعة او الاتيان به فورا ففورا فلو تركه فى الزمان الاول عصى ووجب الاتيان به بعد ذلك فورا ايضا كما فى الحج على المستطيع وهكذا ومبنى الاحتمال الاول ان الفورية فى الزمن الاول مقومة لاصل المصلحة فتقوت بفوتها وهذا هو المراد من وحدة المطلوب ومبنى الثانى ان يكون مصلحتان احدهما قائمة بذات الفعل مطلقا والاخرى قائمة بالفورية فى الزمان الاول لا غير ومبنى الثالث كذلك إلّا ان مصلحة الفورية ذات مراتب مختلفه يكون ترك الفورية فى كل زمان مفوتا لمرتبة من مصلحتها لا لاصلها كما هو مبنى الثانى ، والتحقيق ان

٢١٧

بحسن التعجيل الى تحصيل الخير والفراغ من عهدة التكليف بلا اقتضائها لزوم فورية الايجاد بل منهما ربما يستفاد صدق المغفرة والخير مع التأخير ايضا وهذا مساوق عدم اقتضاء الامر تعيين الفورة وإلّا يتعين الخير فيه ومعه لا معنى للامر بالاستباق الى الخير مثلا فتدبر. مقالة (١) فى ان اتيان المامور به هل يقتضى

______________________________________________________

يقال ان منشأ الدلالة على الفورية ان كان هى الصيغة فالظاهر منها ان الفورية دخيلة فى الواجب وانها قيد من قيوده فيكون حالها حال سائر القيود الداخلة فى حيز الوجوب فكما ان سقوط الخطاب بها يكون باحد امرين اما بالامتثال بفعلها واما بفواتها كذلك يكون قيد الفورية واما اذا تنزلنا عن ذلك وقلنا بكون الفورية واجبا فى واجب بنحو تعدد المطلوب فغاية ما يستفاد من دليل ذلك هو كون الفورية واجبة حيث تمكن واما الفورية اذا لم تحصل فى الزمان الاول فيلزم تحصيلها فى الزمان الثانى والثالث الى آخر أزمنة الامكان فلا دلالة فى الكلام عليها وان كان منشأ الدلالة هو ما كان خارجا عن الصيغة كالآيتين فالظاهر ان الفورية تكون واجبا فى واجب على نحو تعدد المطلوب واما كونها واجبة فى الزمان الاول واذا لم تحصل ففى الزمان الثانى وهكذا فى الثالث الى آخر أزمنة الامكان ، ان قلت ان ذلك مبنى على كون الفورية فى جميع الازمان المذكورة افرادا حقيقية لطبيعة الاستباق والمسارعة فيشتمل الآية بعمومها البدلى جميع الافراد المذكورة بخلاف ما لو كان الفرد الحقيقى للاستباق والمسارعة هو الاتيان بالمأمور به فى اول ازمنة الامكان ويكون الاتيان بالمأمور به فى الزمان الثانى والثالث وهكذا سبقا اضافيا فلا تشمل الآية هذه الافراد الاضافية لظهورها فى السبق الحقيقى ، قلت اذ على الاول لا يوجب ذلك الا التخيير العقلى بين افراد السبق والمسارعة وليس ذلك هو المطلوب فى الاستدلال المزبور لان المطلوب فيه هو لزوم الاتيان بالمأمور به فورا ففورا اعنى التدرج فى الفورية بمعنى ان المطلوب فى الاستدلال المزبور هو اثبات لزوم الاتيان بالمامور به اولا فاولا وهذا المعنى لا يلزم من كون الاتيان بالمامور به فى الزمان الاول والثانى الى آخر أزمنة الامكان افرادا حقيقية للاستباق والمسارعة.

فى الاجزاء

(١) نموذج الثامن فى ان الاتيان بالمامور به بجميع حدوده وقيوده يجزى فى

٢١٨

الاجزاء ام لا ، و (١) قد يقيد العنوان بقوله على وجهه وفسر الوجه (٢) بالنهج

______________________________________________________

مقام امتثال الامر المتعلق به عن اعادته وقضائه أم لا وتحقيق الكلام فيه تحتاج الى مقدمه تكون فيها جهات ، الجهة الاولى ذكر المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٤١ ان الاجزاء لا يستند الى الامر وليس من مقتضياته بل يستند الى فعل المكلف وما هو الصادر عنه عدلوا المحققون وابدلوا اى عنوان ان الامر هل يقتضى الاجزاء كما فى عناوين جماعته الفصول ص ١١٨ بان اتيان المامور به على وجهه هل يقتضى الاجزاء الخ وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٥ ان الاقتضاء للاجزاء من مقتضيان اتيان المامور به وشئونه لا من مقتضيات الامر ولوا حقه بداهة ان مصلحة المامور به المقتضية للامر انما تقوم بالماتى به فتوجب سقوط الامر اما نفسا او بدلا فاقتضاء سقوط الامر قائم بالماتى به لا بالامر ومجرد دخالة الامر كى يكون الماتى به على طبق المامور به لا يوجب جعل الامر موضوعا للبحث بعد ما عرفت من ان الاقتضاء من شئون الماتى به لا لامر فجعل الامر موضوعا ورجاع الاقتضاء اليه بلا وجه الخ وسيأتى ايضا الكلام فيه فالنتيجة ان الاجزاء من مقتضيات المامور به والاتيان لا الامر والمطلب وانما الامر ينطبق على المامور به وليس موضوع البحث.

(١) الجهة الثانية فى كلمة على وجهه الموجود فى عناوين الاصحاب الاتيان بالمامور به على وجهه يقتضى الاجزاء الخ ما المراد منها وهل تحتاج اليها ام لا.

(٢) هذا التفسير من صاحب الكفاية ج ١ ص ١٢٤ قال الظاهران المراد من وجهه فى العنوان هو النهج الذى ينبغى ان يؤتى به على ذاك النهج شرعا وعقلا مثل ان يؤتى به بقصد التقرب فى العبادة لا خصوص الكيفية المعتبرة فى المامور به شرعا فانه عليه يكون على وجهه قيدا توضيحيا اى لان قيد المامور به يجزى عنه وهو بعيد مع انه يلزم خروج التعبديات عن حريم النزاع بناء على المختار كما تقدم من ان قصد القربة من كيفيات الاطاعة عقلا لا من قيود المامور به شرعا ولا الوجه اى الوجوب والندب المعتبر عند بعض الاصحاب فانه مع عدم اعتباره عند المعظم وعدم اعتباره عند من اعتبره الا فى خصوص العبادات لا مطلق الواجبات لا وجه لاختصاصه بالذكر على تقدير الاعتبار فلا بد من ارادة ما يندرج فيه من المعنى وهو ما ذكرناه الخ ولكن ذكر المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٤١ بل المراد منه الكيفية التى اعتبرت فى متعلق الامر اى ان الاتيان بالمامور به على الوجه الذى امر به وبالكيفية التى تعلق الامر بها

٢١٩

الذى ينبغى ان يؤتى بما امر وعمدة نظره فيه الى ادخال العبادات فى العنوان بخيال ان خروج القربة الدخيلة فى سقوط الامر والاجتزاء به عن متعلق الامر يوجب قصور صرف اتيان المامور به عن الاجتزاء به لعدم كون اتيانه على النهج الذى ينبغى ان يؤتى به ، و (١) لكن لا يخفى ان ذلك مبنى على كون الامر بواسطة عدم تقييده بالقربة متعلقا بذات العمل على الاطلاق بخيال ان عدم تقييد الموضوع باىّ شيء يقتضى اطلاقه من هذه الجهة ولكن قد تقدم فى المبحث السابق فساد هذا الخيال كيف وتعلق الامر الضمنى بكل جزء لا يكون موضوعه الا ذات الجزء بلا كونه مقيدا بجزء آخر ومع ذلك لا يكون مطلقا بحيث يشمل طلبه حال فقد الجزء الآخر (٢)

______________________________________________________

هل يقتضى الاجزاء الخ وبينهما فرق والامر واضح لان قصد القربة يعتبره شرعا فيختص بالوجه الذى امر به دونه وبالجملة لو لم يكن قيد على وجهه كان صرف اتيان المامور به مجزيا من دون القربة فى العبادات مع انه غير مجز لعدم الاتيان على النهج فالقيد لازم.

(١) وملخص الجواب عنه انه على القول بكون قصد القربة شرطا عقليا يتخيل ان الامر يتعلق على نفس العمل على الاطلاق بعد عدم تقييد الموضوع باى شيء ولكن ليس الامر كذلك فان الامر الضمنى المتعلق بكل جزء ولو لا يكون مقيدا بجزء آخر لكن لا يكون مطلقا بالنسبة الى وجود جزء الآخر وعدمه ايضا بل يكون المامور به حصة من الذات التوأم مع جزء الآخر وفى المقام التوام مع قصد التقرب فلذا يكون الذات بلا قربة لا مصلحة فيه لعدم تعلق الامر به على الاطلاق فعليه يلزم كون القيد توضيحيا.

(٢) ذلك بناء على تخيل تجريد متعلق الامر فى العبادات عن قصد التقرب وجعله من الكيفيات المعتبرة فى المامور به عقلا لا شرعا كما هو مسلك الكفاية وإلّا فبناء على القول باعتباره فى المامور به شرعا يكون توضيحيا كما انه كذلك ايضا بناء على جعل المامور به عبارة عن الحصة الملازمة مع قصد التقرب الناشى عن دعوة الامر بنحو القضية الحينية لا التقييدية بما مر فى التعبدى والتوصلى من عدم انفكاك المامور به بما هو مامور به عن قصد دعوة الامر حتى فى التوصليات اذ عليه ايضا توضيحيا لانه

٢٢٠