نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-90950-4-7
الصفحات: ٦٧١

او كفاية الاستعلاء ايضا (١) او عدم اعتبار شيء منهما (٢) وجوه أردؤها الاخير لعدم صدقه من الدانى الى العالى بل وفى المتساويين ايضا الا من باب الاستهزاء والاستنكار (٣) فالعمدة ح الوجهان الأولان واقواهما الأول. (٤) و (٥) انما صدقه مع الاستعلاء من باب العناية فى المستعلى بادعاء نفسه عاليا فنسبة الامر الى نفسه نظير انشبت المنيّة اظفارها فالمصحح لهذه النسبة اعمال عنائية وادعاء العلو لنفسه فالمستعلى امر بالعناية لا ان استعلامه (٦) موجب لصدق الامر عليه حقيقة فتدبر (٧).

______________________________________________________

الخ.

(١) قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩١ ، واما احتمال اعتبار احدهما فضعيف الخ.

(٢) كما حكى ذلك فى البدائع الرشتى فى النسخة الثانية من نسختى الاوامر فراجع.

(٣) والوجه فى ذلك مضافا الى تبادر ذلك انه يصح سلب الامر عن الطلب الصادر من المساوى فضلا عن الطلب الصادر من السافل حيث يصح ان يقال انه ليس بامر حقيقة بل هو سؤال والتماس كيف وان الامر انما هو مساوق لك (فرمان) بالفارسية وهو يختص بما لو كان الطالب هو العالى دون السافل او المساوى اذ لا يصدق ال (فرمان) على الطلب الصادر عن غير العالى.

(٤) وهو العلو محضا ولو لم يكن عن استعلاء.

(٥) الوجه لعدم كفاية الاستعلاء مع عدم العلو لعدم صدق الامر على طلب المستعلى وصحة سلبه عنه ، واما اعتبار تحقق احد الامرين من العلو والاستعلاء ففيه مضافا الى ما مر يلزم اعتبار الجامع بين العلو والاستعلاء فى مفهوم الامر اذ لا يعقل اخذ احدهما فى مفهومه على نحو الترديد والظاهر انه لا جامع بينهما.

(٦) الصحيح ـ استعلائه ـ.

(٧) قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٠ ، وتقبيح الطالب السافل من العالى المستعلى عليه وتوبيخه بمثل انك لم تأمره انما هو على استعلائه لا على امره حقيقة بعد استعلائه وانما يكون اطلاق الامر على طلبه بحسب ما هو قضية استعلائه الخ

٢١

ثم (١) ان الطلب المظهر به وجوبى (٢)

______________________________________________________

فالتقبيح على استعلائه وتنزيل نفسه عاليا الموجب لصدور الامر منه لا ان التقبيح على امره لصدق الامر عليه حقيقة بعد استعلائه فلا يرون طلبه فردا من افراد حقيقة الامر اصلا ، وتظهر الثمرة فى صورة كون مادة الامر موضوعة لحكم شرعى مثل ان يقال اطع امر الجيران فانه يجب البحث عنه فى انه هل يجب اطاعة امر الجار العالى او المستعلى او مطلقا وكيف يمكن ان يقال بذلك والحال ان اوامر الشرع كثيرا ما يكون بلفظ احب وينبغى ونواهيه بلفظ لا ينبغى وابغض فليس لمادة الامر دخالة فيما هو المهم ليجب توضيح ان الامر ما هو فمتى كشفنا ارادة المولى يصير الكشف موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال ولذا يستشكل فى بعض المضمرات باعتبار صدوره من العالى وهو الامام «ع» وقال المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١ ، ص ٨٧ ، ثم لا يخفى ان الصيغة مطلقا ليست من مصاديق الامر بل خصوص ما صدر من العالى بعنوان المولوية وجوبيا او استحبابيا دون ما اذا كان بعنوان الشفاعة او الارشاد وإلّا كان من مصاديق الارشاد والشفاعة دون الامر واما اذا كانت صادرة عن المساوى او السافل فتكون مصداقا للالتماس او الدعاء ولا تكون مصداقا للامر الخ فزاد قيد المولوية ولا بأس به.

(١) الجهة الرابعة فى ان لفظ الامر حقيقة فى الطلب الوجوبى فقط او انه حقيقة فى مطلق الطلب الجامع بين الوجوبى والاستحبابى قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ لا يبعد كون لفظ الامر حقيقة فى الوجوب الخ لكن الاظهر الثانى لصدق الامر حقيقة على الطلب الصادر من العالى اذا كان طلبه استحبابيّا حيث يقال انه امر من دون احتياج فى صحة اطلاق الامر عليه الى رعاية عناية فى البين حيث ان ذلك كاشف عن كونه حقيقة فى مطلق الطلب ، ومما يشهد لذلك صحة التقسيم الى الوجوب والاستحباب فى قولك الامر اما وجوبى او استحبابى فائضا يكون علامة فى كونه حقيقة فى الجامع بينهما. وان قيل صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ وتقسيمه الى الايجاب والاستحباب انما يكون قرينة على ارادة المعنى الاعم منه فى مقام تقسيمه وصحة الاستعمال فى معنى اعم من كونه على نحو الحقيقة كما لا يخفى الخ وفيه ان التقسيم بلا تصرف ولا عناية كما هو الظاهر فى المقام فيكون حقيقة فى الاستحباب ايضا اى الجامع بينهما كما هو واضح.

(٢) اى حقيقة فى الوجوب.

٢٢

او جامع بين الوجوبى والاستحبابى (١) فيه وجهان بل قولان يمكن دعوى انسباق الوجوبى منه (٢) واما كونه مستندا الى حاق اللفظ اشكال (٣) والتشبث ببعض الاخبار (٤)

______________________________________________________

(١) اى موضوع للجامع بين الوجوب والاستحباب.

(٢) لا شبهه فى ظهوره حين اطلاقه فى خصوص الطلب الوجوبى بنحو يكون لو اريد به الاستحباب لا فتقر ظهوره فيه الى قرينة ، ومن ذلك ايضا ترى ديدن الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم فى الفقه فى الاوامر الواردة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله او الائمة عليهم‌السلام حيث كانوا يحملون الاوامر الواردة عنهم على الوجوب عند خلو المورد عن القرينة على الاستحباب والرخصة فى الترك حتى انه لو ورد فى رواية واحدة اوامر متعددة بعدة اشياء كقوله «ع» اغتسل للجمعة والجنابة ومس الميت ونحوه فقامت القرينة المنفصلة على ارادة الاستحباب فى الجميع الا واجدا منها تريهم يأخذون بالوجوب فيما لم تقم عليه قرينة على الاستحباب بل وتريهم كذلك ايضا فى امر واحد كقوله «ع» امسح ناصيتك حيث انهم اخذوا بالوجوب بالنسبة الى اصل المسح وحملوه على الاستحباب بالنسبة الى الناصية مع انه امر واحد وهكذا غير ذلك من الموارد ولا يكون إلّا لاجل ظهور الامر فى نفسه فى الوجوب عند اطلاقه.

(٣) فقد عرفت انه ليس منشؤه الوضع بل حقيقة فى مطلق الطلب الجامع بين الالزامى والاستحبابى ومنشأ الظهور ليس غلبة استعماله فى الوجوب لكثرة استعماله فى الاستحباب بل قضية الاطلاق ومقدمات الحكمة وتقريبها بوجهين سيأتى فى كلام المحقق الماتن قدس‌سره الاشارة اليهما ولا يخفى ان المفهوم شيء وهو مطلق الطلب الجامع بين الوجوب والاستحباب ولا ربط له بالتطبيق والانطباق فى الخارج اما فى مقابل الانطباق والاطلاق يقتضى الوجوب.

(٤) وربما يستدل ببعض الآيات والاخبار لاثبات الوضع للوجوب قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ ، لا يبعد كون لفظ الامر حقيقة فى الوجوب لانسباقه عنه عند اطلاقه ـ اى عند اطلاق لفظ الامر وقد عرفت ان انسباقه اطلاقى لا وضعى ـ ويؤيده قوله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لو لا ان اشقّ

٢٣

على كونه للوجوب شكل (١) لكونه من باب اعمال اصالة العموم فى ما هو معلوم الخروج ومشكوك المصداقية لاثبات المصداقية (٢) ولو بتقريب (٣) ان المستفاد

______________________________________________________

على امّتى لأمرتهم بالسواك وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبريرة بعد قوله أتأمرني يا رسول الله «ص» لا بل انما انا شافع الى غير ذلك انتهى من تقريب انه جعل المخالفة للامر فى الاول ملزوما لوجوب الحذر ، وفى الثانى للتوبيخ وفى الثالث للمشقة وحيث لا يجب الحذر من مخالفة الامر الاستحبابى ولا يصح التوبيخ عليه ولا كان مشقة يترتب على الامر الاستحبابى بعد جواز الترك شرعا فلا جرم يستفاد من ذلك كونه حقيقة فى خصوص الطلب الوجوبى فان التقيد بالوجوب فى تلك الاوامر خلاف ظاهر تلك الادلة من جهة قوة ظهورها فى ترتب هذه اللوازم على طبيعة الامر لا على خصوص فرد منه وح فتدل تلك الادلة بعكس النقيض على عدم كون الامر الاستحبابى امرا حقيقة بلحاظ عدم ترتب تلك اللوازم عليه وجعل المذكورات مؤيدات لا ادلة لعلة من جهة عدم صلاحيتها للاثبات اذ ليس إلّا استعمال الامر فى الوجوب والاستعمال اعم من الحقيقة ولكن فى الفصول ، ص ٦٦ و ٦٧ جعلها دليلا لقول المشهور ولو انه اختار مطلق الطلب كما هو المختار عندنا.

(١) فاجاب عنه المحقق الماتن قدس‌سره عن الآيات والروايات بعد مقدمة قصيرة وهى كونها مبنيّة على صحة التمسك بعموم العام لاثبات كون مشكوك الفردية ليس بفرد للعام بعد اليقين بخروجه عن حكمه او جواز التمسك بعموم العام للحكم بخروج ما هو خارج عن حكم العام عن موضوعه هذا ما يظهر من العنوان فى تقريراته قدس‌سره.

(٢) والظاهر من عبارة المتن لاثبات مصداقيته للعام بانه خرج حكما لكن موضوعا باق تحت العام فتدبر لكن المراد هو نفى المصداقية للعام لا اثباته ، هذا هى المقدمة.

(٣) اما التطبيق على المقام هو انه قد عرفت عدم ترتب تلك اللوازم من لزوم الحذر والتوبيخ والمشقة على الطلب الاستحبابى فخروج الطلب الاستحبابى عما هو مرتب على الامر هل هو بنحو التخصص ليكون لفظ الامر حقيقة فى ملزوم هذه اللوازم اعنى به الوجوب او انه بنحو التخصيص ليكون لفظ الامر حقيقة فى الاعم فاذا قلنا باصالة العموم وعدم التخصيص فى المقام لزم كون لفظ الامر حقيقة فى خصوص

٢٤

منها ان كل امر ملازم بالمشقة او العقوبة على المخالفة وما لا يلازمه فليس بالامر فالامر الاستحبابى ليس مصداقا للامر (١) فينحصر مصداقه بالوجوبى وإلّا (٢) تخصيص الكبرى المستفاد ذلك منه ولقد (٣) عرفت فى نظائره (٤) منع حجية اصالة العموم فى مثله وانما يتمحض حجية (٥) فى فرض القطع بالمصداقية والشك فى الخروج عن تحت الحكم فتدبر وبالجملة (٦) يكفى (٧)

______________________________________________________

الطلب الالزامى ولكن قد ثبت فى محله ان اصالة العموم من الاصول العقلائية وهى انما تكون حجة فى مقام الشك بالمراد من اللفظ للعمل به لا لاثبات ان اللفظ موضوع لما اريد به.

(١) لعدم ترتب تلك اللوازم من وجوب الحذر والتوبيخ والمشقة على الامر الاستحبابى فينحصر مصداقه بالوجوبى ويكون تخصصا.

(٢) اى لا يكون خروج الامر الاستحبابى من اجل ترتب اللوازم المزبورة من باب التخصص والخروج الموضوعى فيكون من باب التخصيص كما تقدم.

(٣) هذا فى مقام الجواب عنه وقد تقدم من عدم جريان اصالة العموم فى امثال المورد.

(٤) ومن نظائره ما لو ورد خطاب على وجوب اكرام كل عالم وقد علم من الخارج بعدم وجوب اكرام زيد لكنه يشك فى انه مصداق للعالم حقيقة كى يكون خروج عن الحكم من باب التخصيص او انه لا يكون مصداقا للعالم كى يكون خروجه من باب التخصص.

(٥) فان عمدة الدليل على حجيته انما كان هو السيرة وبناء العرف والعقلاء والقدر المسلم منه هو فى خصوص الشكوك المرادية وهو لا يكون إلّا فى موارد كان الشك فى خروج ما هو المعلوم الفردية للعام عن حكمه لا غير.

(٦) ثم اشار الى الوجهين لثبوت كون الظهور بمقدمات الحكمة.

(٧) هذا هو الوجه الاول وبيانه انه لا ريب فى كون كل طالب امرا من غيره انما يأمره به لاجل ايجاده فى الخارج فلا بد ان يكون طلبه اياه فى حدّ ذاته لا قصور فيه فى مقام التوسل الى ايجاده وليس ذلك إلّا الطلب الالزامى الذى يستلزم امتثاله استحقاق الثواب وعصيانه استحقاق العقاب ولو كان هناك ما يقتضى قصوره عن التأثير

٢٥

لاثبات الوجوب ظهور اطلاقه فى كونه فى مقام حفظ المطلوب (١) ولو بكونه حافظا لمبادى اختياره من جهة احداثه الداعى على فرار العقاب ايضا بخلاف الاستحبابى ما به (٢) لمحض احداث الداعى على تحصل الثواب (٣) فلا يوجب مثله حفظ مبادى اخبار (٤) العبد للايجاد بمقدار ما يقتضيه الطلب الوجوبى ولذا يكون فى مقام حفظ الوجود انقص (٥) فاطلاق الحافظية يقتضى حمله على ما يكون فى حافظيته اشمل ، وقد يقرب الاطلاق ايضا (٦) بان مقتضى اطلاق اللفظ

______________________________________________________

التام فى وجود المطلوب ولو لقصور المصلحة الموجبة لطلبه فى نفسها او لمانع يوجب قصورها عرضا لوجب عليه ان يطلبه بتلك المرتبة من الطلب التى تستدعيها تلك المصلحة لان تلك المرتبة من الطلب هى التى يترتب عليها عرضه فاذا اشار اليها فى مقام البيان وإلّا فقد اخل فى بيان ما يحصل به غرضه وعليه يكون اطلاق الامر دليلا على طلبه الذى يتوسل به الطالب الى ايجاد مطلوبه بلا تسامح فيه وليس هو إلّا الطلب الوجوبى.

(١) من كونه بالنحو الاتم فى عالم الاقتضاء للوجود بحيث يقتضى سد باب عدم العمل حتى من ناحية ترتب العقوبة على المخالفة.

(٢) ولعل الصحيح ـ فانه ـ ولو يمكن أيضا ـ ما به ـ عن تأويل.

(٣) دون ترتب العقوبة على المخالفة فيكون ناقصا.

(٤) لعل الصحيح ـ اختيار ـ.

(٥) فالامر بعد ما كان فيه اقتضاء التحريك للايجاد وكان لاقتضائه مراتب فعند الشك فى وقوف اقتضائه على المرتبة النازلة او عبوره الى مرتبة السببية لحكم العقل بالايجاد كان مقتضى الاطلاق كونه على النحو الاتم والاكمل الموجب لحكم العقل بلزوم الايجاد.

(٦) هذا هو الوجه الثانى وملخّصه ان الطلب الوجوبى هو الطلب التام الذى لاحد له من جهة النقص والضعف بخلاف الطلب الاستحبابى فانه مرتبة من الطلب محدودة بحد من النقص والضعف ولا ريب فى ان الوجود غير المحدود بحد ما لا يفتقر فى مقام بيانه والاشارة اليه الى اكثر مما يدل عليه بخلاف الوجود المحدود فانه

٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

يفتقر فى هذا المقام الى بيان حدوده كما يفتقر الى بيان أصله وعليه يلزم حمل الكلام الذى يدل على الطلب بلا ذكر حد له على المرتبة التامة منه وهو الوجوب كما هو الشأن فى كل مطلق وذكر استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١٣ واما ما احتمله استادنا المحقق قدس‌سره من ان الوجوب عبارة عن الطلب التام غير المحدود والاستحباب هو الطلب الناقص المحدود فالاستحباب يحتاج الى مئونة زائدة بواسطة تركبه من الطلب والحد بخلاف الوجوب فانه بسيط لا تركيب فيه من جهة انه عبارة عن نفس الطلب غير المحدود فكانه قاس المقام بحقيقة الوجود بان مرتبة منه غير محدود وهو الواجب الوجود وهو فى غاية التمام والمراتب الأخر ناقصة محدود مركبه من ذات الوجود وحدة الماهية فالممكن زوج تركيبى له ماهية ووجود وانت خبير بان هذا القياس فى غير محله لانه ليس التشقيق باعتبار مفهوم الطلب لانه لا يتصف بالنقص والتمام قطعا فلا بد وان يكون باعتبار محكى هذا العنوان اى الارادة التى قائمة بالنفس ففى الوجوب تام غير محدود والاستحباب ناقص محدود وقد عرفت انه لا فرق بين الاستحباب والوجوب فى كيفية الارادة من حيث الشدة والضعف والتمام والنقصان ـ كما ان الارادة من الفاعل المباشر إذا تعلقت بايجاد شيء لا فرق فى شدة الارادة وضعفها بين ان يكون ممنوع الترك عنده لكونه ذا مصلحة ملزمة او جائز الترك لكون مصلحته غير ملزمة لان جهة اللزوم والجواز راجعتان الى كيفية الملاك والمصلحة ولا ربط لهما بكيفية الارادة كذلك الامر فى الارادة التشريعية وطلب الشى من غيره لا ربط للوجوب والاستحباب بكيفية الارادة بل الارادة فيهما على نهج واحد انتهى وفيه اوّلا ان الملاك هو الدخيل فى الارادة فالوجوب توجب الاشدية دون الاستحباب ، وثانيا ان الارادة كالمحبوبية والمبغوضية قابلة للشدة والضعف من الكيفيات النفسانية فلا مانع من مرتبة ينتزع الوجوب ومن مرتبة اضعف ينتزع الاستحباب ، وثالثا ان المراد من غير المحدود الاضافى لا الحقيقى ـ حتى يقال ان كون الارادة تامة غير محدوده لا محصل له لان جميع الموجودات ما عدا الواجب محدودة وحدودها ماهيتها والارادة كيفية نفسانية كيف تكون غير محدوده ـ والجواب كما اشرنا بالنسبة الى الاستحباب الذى لا بد من التقييد بعدم المنع من الترك وعليه فما ذكره لا يمكن المساعدة عليه.

٢٧

فى مقام البيان حمل معناه على ما هو اكمل لما فى الاضعف نقص (١) ليس فيه وكلا التقربيان (٢) للاطلاق وان كانا خفيين (٣) ولكن بعد ارتكاز الذهن باقتضاء الاطلاق ذلك (٤) لا ضير فى خفاء وجهه كيف وغالب الارتكازيات مخفية على الخواص فضلا عن العوالم (٥)

______________________________________________________

(١) النقص هو انه لا يقتضى المنع عن الترك فيحتاج الى نحو تحديد وتقييد بخلاف الطلب الوجوبى فانه لا تحديد فيه حتى يحتاج الى التقييد

(٢) اى الوجه الاول والثانى.

(٣) يحتاج الى التفكر والتعمق.

(٤) تكون ظاهرة فيه.

(٥) لعل الصحيح ـ العوام ـ والاطلاق كما يكون مقتضاه سعة مدلوله فى الصدق كذلك قد يكون مقتضاه تضييق مدلوله فى الصدق كما قيل بذلك فى اطلاق صيغة افعل والمقام كذلك فالامر موضوع لمطلق الطلب وكل ما يحتاج الى مئونة زائدة بيانه على الغاء اصل الطبيعة ولم يؤت بتلك المئونة الزائدة فالاطلاق يرفعه فنفس الطلب الصادر ممن تلزم وتجب طاعته يقتضى لزوم طاعته وينتزع منه الوجوب واذا جاء الترخيص بالترك ينتزع منه الاستحباب وإلّا الطلب فى الوجوب والاستحباب بمعنى واحد وهو البعث وتحريك المأمور نحو اتيان الشيء ولعل هذا وجه ثالث للاطلاق واختار استادنا الخوئى بعدم وضع لفظ الامر للوجوب قال فى المحاضرات ، ج ٢ ، ص ١٣ ، لا اشكال فى تبادر الوجوب عرفا من لفظ الامر عند الاطلاق وانما الاشكال فى منشأ هذا التبادر هل هو وضعه للدلالة عليه او الاطلاق ومقدمات الحكمة او حكم العقل به وجوه ـ ولكن الصحيح الثالث ـ الى ان قال ـ الوضع عبارة عن التعهد ـ والانشاء عبارة عن اعتبار الامر النفسانى وابرازه فى الخارج بمبرز ـ وعليه يظهر ان مادة الامر وضعت للدلالة على ابراز الامر الاعتبارى النفسانى فى الخارج فلا تدل على الوجوب لا وضعا ولا اطلاقا اما الاول فظاهر واما الثانى فلانه يرتكز على كونها موضوعة للجامع بين الوجوب والندب ليكون اطلاقها معينا للوجوب دون الندب باعتبار ان بيان الندب يحتاج الى مئونة زائدة والاطلاق غير واف به ولكن قد عرفت انها كما لم توضع لخصوص الوجوب او الندب كذلك لم توضع للجامع بينهما بل

٢٨

والله العالم.

______________________________________________________

وضعت لما ذكرناه ـ الى ان قال ـ فى وجه كون الوجوب بحكم العقل ـ ان العقل يدرك بمقتضى قضية العبودية لزوم الخروج عن عهدة ما امر به المولى ما لم ينصب قرينة على الترخيص فى تركه فلو امر بشيء ولم ينصب قرينة على جواز تركه فهو يحكم بوجوب اتيانه فى الخارج قضاء لحق العبودية واداء لوظيفة المولوية وتحصيلا للامن من العقوبة ولا نعنى بالوجوب الا ادراك العقل لابدية الخروج عن عهدته انتهى وقد سبقه غيره بهذا الاستدلال تقريبا كما فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ ، وصحة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرد مخالفه امره وتوبيخه على مجرد مخالفته كما فى قوله تعالى (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) الخ وفيه اوّلا ان الانشاء ليس امرا اعتباريا نفسانيا مجردا بحيث ان تحقق نية التمليك او التزويج تحقق وانما يحتاج الى مبرز ومبرزة الامر فالانشاء كالاخبار حكاية باللفظ والقول لكن فى الاخبار حكاية عن الامر الوقوعى الثابت والانشاء حكاية عن الايقاع والاثبات فاللفظ هو الحاكى عن ايقاع النسبة وتحققها على هو المرتكز بحسب افهام العرف والعمدة ان فالامر لم توضع لابراز الامر الاعتبارى فى الخارج فان الخارج ظرف الاستعمال وهو فى الرتبة اللاحقة عن الوضع بل وضع لمفهوم الطلب المبرز على ما مر مرارا كما ان القول بالتعهد تقدم فساده ، وثانيا ان حكم العقل فى المرحلة المتأخرة عن الامر فالامر لو لم يكن ظاهرا فى الوجوب كيف يحكم العقل بالخروج عن عهدته وتوبيخ مخالفته ، فهو قد اختلط بين مقدمات الحكمة وحكم العقل بوجوب الاطاعة فان مقدمات الحكمة ايضا بحكم العقل ويوجب ظهور الاطلاق فى الوجوب كما تقدم ثم فى الرتبة اللاحقة يحكم العقل بوجوب الامتثال ، وثالثا ان بعثه ملازم ذاتا لوجوب امتثاله ، فيرد عليه كيف مع بعثه وتحريكه مع القرينة على ارادة غير لزومية لا يوجب الامتثال فهما متضاد ان كما هو واضح فالبعث المرسل يقتضى اللزوم الموجب لحكم العقل بخروجه عن العهدة والامتثال لا البعث على نحو الارسال فلو فرضنا لم يكن عبدا ولم يكن فى مقام العبودية فلا الزام ح مع انه باطل بالبداهة فليس إلّا وضع لفظ الامر لمفهوم الطلب المهمل المبرز فالوجوب والاستحباب مستفاد ان من القرائن الخارجية الوجوب من الاطلاق والاستحباب من القرينة على التخصيص وفى الرتبة السابقة على التحريك والداعوية للمكلف.

٢٩

بقى فى المقام شيء آخر (١)

______________________________________________________

(١) الجهة الخامسة فى الطلب والارادة وتحقيق الكلام فيه يكون فى ضمن امور ، الامر الاول فى تحقيق ان المسألة على اى وجه عقلية وعلى اى وجه اصوليه وعلى اى وجه لغوية ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٨ ، ان كان النزاع فى ثبوت صفة نفسانية او فعل نفسانى فى قبال الارادة عند الامر بشيء كانت المسألة عقلية ، وان كان النزاع فى ان مدلول هل الامر هو الارادة والطلب متحد معها او منطبق على الكاشف عنها او لا كى يكون الصيغة كاشفة عن الارادة عند الامامية والمعتزلة وكاشفة عن الطلب المغاير لها فلا يترتب عليها ما يترتب على احراز ارادة المولى كانت المسألة اصولية ، وان كان النزاع فى مجرد مرادفه لفظ الطلب مع لفظ الارادة من دون نظر الى ثبوت صفة نفسانية او الى مدلول الصيغة وشبهها كانت المسألة لغوية فلا ربط لها بالاصول ولا بالكلام الخ ، وما افاده صاحب الكفاية من الوضع للطلب الانشائى هو الذى يناسب علم الاصول ذكر استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١٥ ، اما البحث فى ناحية المفهوم فبحث لغوى يرجع فيه الى متفاهم العرف من هذين اللفظين ولا ريب فى انه يفهم من لفظ الارادة تلك الكيفية النفسانية المعبر عنها بالشوق المؤكد والظاهر ان الطلب حسب المتفاهم العرفى ليس عبارة عن نفس هذا المعنى بل الطلب عند العرف عبارة عن السعى فى تحصيل الشى فالظاهر انهما متغايران مفهوما واما البحث فى ناحية المصداق فبحث كلامى وقد ذهب الأشاعرة الى تغايرهما مصداقا ايضا وعمدة ما دعاهم الى هذا القول هو زعمهم وجود الكلام النفسى وانه من صفات النفس وهو غير الارادة والعلم وسائر الصفات المشهورة وهو المدلول للكلام اللفظى ـ ومقابلهم الإماميّة يقولون بعدم وجود صفة اخرى فى النفس غير الارادة الخ. وسيأتى مفصلا الامر الثانى ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٨ الظاهر كما يستفاد من تتبع كلمات الباحثين عن المسألة فى بدو الامر ان النزاع فى هذه المسألة نشا من النزاع فى الكلام النفسى حيث استدل الأشاعرة بان الامر الامتحانى ونظائره مدلولها الطلب دون الارادة فيعلم ان ما عد الارادة والكراهة فى الامر والنهى معقول والسر فى دعواهم ذلك والالتزام بالكلام النفس تصحيح متكلميته تعالى فى قبال سائر الصفات مع التحفظ على قدم الكلام اذ الالتزام بقدم الكلام اللفظى مع كونه مؤلفا من اجزاء متدرجة متقضية متصرمة فى الوجود غير معقول

٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ الى ان قال ـ فالقائل بالكلام النفسى ان كان يدعى ان سنخه اجمالا سنخ الماهيات ـ حيث انها فى حدود ذواتها لا تابى عن الوجود والعدم ـ فالبرهان قائم على انحصارها فى المقولات العشر ـ اعنى مقولة الجوهر والمقولات التسع العرضية ـ فحاله حالها من حيث قبول الوجودين ـ اى العينى والذهنى ـ فحينئذ يقال ان قيامه بالنفس ان كان بنفسه كالصفات النفسانية من العلم والارادة وغيرهما فهو من الكيفيات النفسانية والبرهان قائم فى محله على ضبطها وحصرها ومدلولية احدها للكلام اللفظى كقولك اعلم واريد على ثبوت العلم والارادة لا يجعلهما كلاما نفسيا ، وان كان قيامه بالنفس قيامه بصورته قياما علميا لا دخل له بالكلام النفسى يدعى ان سنخه سنخ الماهيات ، وان كان يدعى ان سنخه سنخ الوجود فهو معقول إلّا ان مدلوليته للكلام اللفظى غير معقول اما اصل معقوليته فالوجدان الصحيح شاهد على ذلك كما فى ايقاع النسبة الملازم للتصديق المقابل للتصور فان صورة ان هذا ذاك مطابقا لما فى الخارج وناظرا اليه تصديق داخل فى العلوم الانفعالية لانفعال النفس وتكيّفها بالصورة المنتزعة من الخارج ونفس هذا ذاك من دون نظر الى صورة مطابقة له فى الخارج من موجودات عالم النفس ونسبة النفس اليه بالتأثير والايجاد لا بالتكليف والانفعال وحقيقته وجود نورى قائم بالنفس قياما صدوريا وهو المراد بالعلم الفعلى فى قبال الانفعالى ومنه الاحاديث النفسانية فان الوجدان اصدق شاهد على ان نسبة النفس اليها بالايجاد والتأثير ونفس وجودها الحقيقى عين حضورها للنفس ـ الى ان قال ـ واما استحالة مدلوليته للكلام اللفظى فلان المدلولية للكلام ليس الا كون اللفظ واسطة للانتقال من سماعه اليه وهذا شأن الماهية والوجود الحقيقى عينيا كان او نوريا ادراكيا غير قابل للحصول فى المدارك الادراكية لما عرفت سابقا فلا يعقل الوضع له ولا الانتقال باللفظ اليه الا بالوجه والعنوان ومفروض الاشعري مدلوليته بنفسه للكلام اللفظى لا بوجهه وعنوانه انتهى ـ اما الجواب عن الكلام النفسى قال فى المحاضرات ، ج ٢ ، ص ٢٥ ، ان صفاته تعالى على نوعين الأول الصفات الذاتية كالعلم والقدرة والحياة وما يئول اليها فان هذه الصفات عين ذاته تعالى فى الخارج فلا اثنينية فيه ولا مغايرة وان قيامها بها قيام عينى وهو من اعلى مراتب القيام واظهر مصاديقه لا قيام صفة بموصوفها او قيام الحال بمحله ومن هنا ورد فى الروايات ان الله تعالى وجود كله وعلم كله وقدرة كله

٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

وحياة كله والى هذا يرجع قول امير المؤمنين عليه‌السلام فى نهج البلاغة كمال الاخلاص به نفى الصفات عنه بشهادة كل صفة انها غير الموصوف ، الثانى الصفات الفعلية كالخلق والرزق والرحمة وما شاكلها فان هذه الصفات ليست عين ذاته تعالى حيث ان قيامها بها ليس قياما عينيا كالصفات الذاتية هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان قيام هذه الصفات لا تخلو من ان تكون حادثه او تكون قديمة ولا ثالث لهما فعلى الاول لزم قيام الحادث بذاته تعالى وهو مستحيل وعلى الثانى لزم تعدد القدماء وقد برهن فى محله استحالة ذلك فالنتيجة على ضوئهما امران الاول ان مبادى هذه الصفات افعاله تعالى الاختيارية الثانى آنها تمتاز عن الصفات الذاتية فى نقطة واحدة وهى ان الصفات الذاتية عين ذاته تعالى فيستحيل اتصاف ذاته بعدمها بان لا يكون ذاته فى مرتبة ذاته عالما ولا قادرا ولا واجبا وهذا بخلاف تلك الصفات حيث انها افعاله تعالى الاختيارية فتنفك عن ذاته وتتصف ذاته بعدمها يعنى يصح ان يقال انه تعالى لم يكن خالقا للارض مثلا ثم خلقها ولم يكن رازقا لزيد مثلا ثم رزقه وهكذا ومن ثمة تدخل عليها ادوات الشرط وما شاكلها ولم تدخل على الصفات العليا الذاتية وان شئتم قلتم ان القدرة تتعلق بالصفات الفعلية وجودا وعدما فان له تعالى ان يخلق شيئا وله ان لا يخلق وله ان يرزق وله ان لا يرزق وهكذا ولم تتعلق بالصفات الذاتية ابدا وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر ان التكلم من الصفات الفعلية دون الصفات الذاتية وذلك بوجود ملاك الصفات الفعلية فيه حيث يصح ان يقال انه تعالى كلم موسى عليه‌السلام ولم يكلم غيره او كلم فى الوقت الفلاني ولم يكلم فى وقت آخر وهكذا ولا يصح ان يقال انه تعالى ليس عالما بالشيء الفلانى او فى الوقت الفلانى فما ذكره الأشاعرة من ان التكلم صفة له تعالى وكل صفة له قديم نشا من الخلط بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية انتهى وقال القائد السيد الخمينى فى رسالته المستقلة فى الطلب والارادة ص ٣٥ نعم انه تعالى متكلم بوجه آخر حتى فى مرتبه ذاته يعرفه الراسخون فى الحكمة ـ والاعراض عنه اولى الخ ونقل عنه فى هامشه قال اهل المعرفة تكلم الحق عبارة عن تجلّى الحق الحاصل من تعلقى الارادة والقدرة لاظهار ما فى الغيب وايجاده انتهى كما ان ارادته تعالى ذاتية وهو العلم بالصلاح والنظام الكامل التام. الامر الثالث الاقوال فى الطلب والإرادة فذهب الاصحاب والمعتزلة الى

٣٢

وهو ان الطلب المأخوذ فى حقيقة (١) هل هو عين الارادة ام غيره كانت هذه الجهة معركة الآراء بين الاعلام (٢) وعمدة من ذهب الى المغايرة الاشعريون

______________________________________________________

اتحادهما مصداقا ويظهر من بعضهم القول بالاتحاد مفهوما ايضا خلافا للاشاعرة اذ ذهبوا الى تغايرهما مصداقا ومفهوما ، ومنشأ هذا القول من الأشاعرة تقدم الاشارة اليه واليك اجمالها من الاشكالات الفاسدة الواردة بنظرهم بناء على القول باتحاد الطلب مع الارادة ، منها لزوم عدم تحقق العصيات من العباد لعدم جواز تخلف ارادته سبحانه عن المراد ، ومنها لزوم تعلق الارادة بالمحال بناء على الاتحاد كما فى موارد الامر بما انتفى شرط تحققه ، ومنها ما بنوا عليه من المبنى الفاسد من انكار التحسين والتقبيح العقليين وتجويزهم الامر بالشيء مع خلوه عن المصلحة كما فى الاوامر الامتحانية ، ومنها غير ذلك من المبانى الفاسدة حيث انه من جهة الفرار عن تلك الاشكالات التزموا بالمغايرة بين الطلب والارادة فقالوا بان الطلب وما يحكى عنه الامر عبارة عن معنى قابل لتلك اللوازم واليك تفصيلها والجواب عنها.

(١) الصحيح ـ حقيقته ـ.

(٢) قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٥ ، فاعلم ان الحق كما هو عليه اهله وفاقا للمعتزلة وخلافا للاشاعرة هو اتحاد الطلب والارادة بمعنى ان لفظيهما موضوعان بازاء مفهوم واحد وما بازاء احدهما فى الخارج يكون بازاء الآخر والطلب المنشا بلفظه او بغيره عين الارادة الإنشائية وبالجملة هما متحدان مفهوما وانشاء وخارجا ـ اى الفرد الخارجى لاحدهما هو الفرد الخارجى للآخر ـ لا ان الطلب الانشائى الذى هو المنصرف اليه اطلاقه كما عرفت متحد مع الارادة الحقيقية التى ينصرف اليها اطلاقها ايضا ضرورة ان المغايرة بينهما اظهر من الشمس وابين من الامس فاذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد ففى مراجعة الوجدان عند طلب شيء والامر به حقيقة كفاية الخ واختار المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣١ ، خلافه قال وبالجملة لا سبيل الى دعوى اتحاد مفهوم الارادة ومفهوم الطلب لتكذيب اللغة والعرف ذلك اذ ليس لفظ الارادة والطلب من الالفاظ المترادفة كالانسان والبشر وان اريد من حديث الاتحاد التصادق الموردى وان تغايرا مفهوما فله وجه الخ وايضا ذهب المحقق العراقى الى تغايرهما مفهوما وسيأتى وتقدم ما ذكره استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١٥ ، فالظاهر انهما متغايران مفهوما الخ وكذا استادنا الخوئى وغيره.

٣٣

لشبهة خصلت لهم فى وحدتهما (١) وعمدة ما اوقعهم فى الوهم زعمهم الفاسد. (٢) بان العباد مجبورون فى افعالهم وهو ايضا (٣) اساس انكارهم التحسين والتقبيح فى افعال العباد عقلا نظرا الى ان موضوع حكم العقل هو الفعل الاختيارى وحيث (٤) لا اختيار لهم فى افعالهم فلا مجال لتحسينهم فى عملهم عقلا ولا تقبيحهم فيه بل الله يفعل فى حقهم ما يشاء بسلطانه فيعاقب المطيع ويثيب العاصى بلا قبح فى نظر العقل فى الفعلين ولا حسن فى عكسهما لان ذلك كلّه تحت حيطة سلطته وقدرته فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، و (٥) ح فمن

______________________________________________________

(١) بان اتحاد الطلب والارادة يوجب الشبهة والمناقشة.

(٢) هذا هو احدى الشبهات بل العمدة وهى الشبهة الاولى ان العباد مجبورون على الافعال والاعمال ولا تأثير لقدرتهم فى شيء منها ولا ريب فى ان الارادة التشريعية لا تتعلق إلّا بالفعل المقدور للغير فينتج ضم احدى المقدمتين الى الاخرى ان التكاليف الشرعية قد تعلقت بالمكلفين بلا ارادة تشريعية ولا يعقل تحقق التكليف بلا طلب ولا ارادة وعلى الاتحاد يلزم انتفائهما معا ومعه يلزم انتفاء التكليف وهو خلاف الفرض فلا بد من القول بتحقق الطلب دون الارادة لتوقف تحقق التكليف عليه فى المقام وتحققه دون الارادة يستلزم تغايرهما وهو المطلوب للاشعرى.

(٣) الشبهة الثانية انكار التحسين والتقبيح العقليين وتجويزهم الامر بالشيء مع خلوه عن المصلحة كما فى الاوامر الامتحانية ولا ريب فى صدق الطلب حقيقة على الاوامر الامتحانية مع عدم تعلق الارادة بالمأمور به فيها وذلك دليل واضح على تغاير الطلب والارادة البتة.

(٤) الوجه لانكارهم التحسين والتقبيح العقليين فى افعالهم لعدم الاختبار فى افعالهم.

(٥) الشبهة الثالثة استحالة تعلق ارادة الله على افعال المكلفين لان الارادة التشريعية لا تتعلق إلّا بالفعل المقدور للغير واذا اراد الله شيئا فهو كائن ولا يعقل التكليف بلا ارادة ولا طلب والتكليف ثابت جزما فلا بد وان يكون بالطلب ونتيجته تغاير الطلب مع الارادة.

٣٤

نتائج هذا الزعم والخيال استحالة تعلق الارادة الازلية بفعل المخلوق الّا وهو صادر لانه اذا اراد لشيء ان يقول له كن فيكون و (١) لازمه ح عدم تصور العاصى فى العباد ، فمع تحققه وجدانا يكشف عن عدم تعلق الارادة الازلية فى مورد الاوامر والنواهى للتوجه اليهم ولا محيص لهم بالالتزام بمعنى آخر غير الارادة حذرا عن كون الخطابات المزبورة لقلة لسان وسمّى المعنى الآخر بالطلب فالتزموا (٢) ايضا بامكان تعلقه بالمحال وبغير المقدور بل وبجواز امره مع علمه بانتفاء شرط المأمور به كامر إبراهيم «ع» بذبح ولده مع ان الجليل ينهى السكين عن تأثيره فى قطع الاوداج وعدم قدرة إبراهيم بالذبح المزبور ، وح ربّما يستشكل (٣)

______________________________________________________

(١) الشبهة الرابعة لا اشكال فى ان الكفار بل مطلق العصاة مكلفون بالتكاليف الدينية حقيقة لاستحقاقهم العقاب على مخالفتها اجماعا ولا عقاب الا على مخالفة التكليف الالزامى الحقيقى كما لا يعقل تعلق ارادته تعالى بمتعلق هذه التكاليف وإلّا لزم تخلف مراده عن ارادته تعالى فاذا ثبت ارادته تعالى فى موارد التكاليف المتعلقة بالكفار بل مطلق العصاة فلا بد من القول بتحقق الطلب منه فيها وإلّا فلا يعقل تحقق التكليف بلا طلب ولا ارادة وعليه يلزم تحقق الطلب بلا ارادة وذلك دليل ما يدعى من تغايرهما.

(٢) الشبهة الخامسة لزوم تعلق الارادة بالمحال بناء على الاتحاد كما فى موارد الامر بما انتفى شرط تحققه كامر إبراهيم «ع» بذبح ولده مع انه لا يقدر عليه لعدم تأثير السكين فى الذبح بامر الرب.

(٣) قال صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٥ ، فان الانسان لا يجد غير الارادة القائمة بالنفس صفة اخرى قائمة بها يكون هو الطلب غيرها سواء ما هو مقدمة تحققها عند خطور الشى والميل وهيجان الرغبة اليه والتصديق لفائدته وهو الجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لاجلها ـ اى العزم والجزم ـ وبالجملة لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والارادة هناك صفة اخرى قائمة بها يكون هو الطلب فلا محيص الا عن اتحاد الارادة والطلب وان يكون ذاك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك

٣٥

فى تصوير هذا المعنى الاخير المسمى بالطلب (١) بأنه أيّ شيء قائم بالنفس (٢) وكان من افعال القلوب (٣) القابل (٤) لأن يكون مضمون الخطابات ويناسب (٥) مع مقام امر المولى ونهى العالى (٦) وقابل للتعلق بالمحال ولو لانتفاء شرطه وحيث ان هذا المعنى (٧) معنى قابل للتعلق بفعل الغير فيكشف (٨) انه لا يكون من سنخ بقية الصفات الوجدانية القائمة بالنفس من الجوع والعطش والشجاعة وامثالها اذ (٩) لا مناسبة لها مع الامر والنهى المتعلق بفعل الغير كما ان قابلية تعلقه بالمحال وبفعل المجبورين لا يناسب شرحه بمثل عنوان البعث والتحريك (١٠) اذ (١١) مضافا (١٢)

______________________________________________________

العضلات فى ارادة فعله بالمباشرة او المستتبع لامر عبيده به فيما لو اراده لا كذلك مسمى بالطلب والارادة كما يعبر به تارة وبها اخرى كما لا يخفى انتهى.

(١) غير الارادة اى شيء فيستشكل وله آثار ولوازم.

(٢) اى غير الارادة. من لوازمه كونه قائم بالنفس.

(٣) منها كونه فعل القلب وادراكه وتصوره كما فى القضايا كالنار مشرقة جميع النيران لا الكيفية النفسانية ونقوشها وصورها.

(٤) منها القابل لان يكون الخطابات مبرزا له.

(٥) ومنها يناسب ما هو القائم بالنفس مع امر المولى ونهى العالى.

(٦) ومنها ان يقبل ما هو القائم بالنفس بتعلقه بغير المقدور.

(٧) ومنها ان هذا المعنى قابل للتعلق بفعل الغير.

(٨) ومنها انها غير الصفات التى موجودة فى النفس.

(٩) لعدم تعلقها بفعل الغير.

(١٠) وليس هو عنوان البعث والتحريك وذلك لعدم تعلقه بالمحال وفعل المجبورين.

(١١) تعليل لكون المعنى ليس عنوان البعث والتحريك مضافا الى ما مر.

(١٢) اما اوّلا لان البعث والتحريك من لوازم الامر ويأتى من الامر لا معنى الامر ومدلوله.

٣٦

الى انه ناشئ عن نفس الامر لا انه مأخوذ فى مدلوله من (١) المعلوم انه يستحيل تعلقهما بالمحال ذاتا لا (٢) بمناط التحسين والتنقيح كى بمنع ذلك فى افعاله تعالى فى حق عباده بل (٣)

______________________________________________________

(١) واما ثانيا لعدم تعلقها بالمحال ذاتا لان البعث والتحريك نحو الغير المقدور والمحال لغو واللغو لا يصدر من الحكيم بل مستحيل فى حقه ذاتا.

(٢) وليس ذلك لاجل الحسن والقبح حتى ينفى الحسن والقبح فى افعاله تعالى ويكون الحسن ما امر به المولى والقبيح ما نهى عنه المولى.

(٣) ثم اشار الى التوجيهات منها ما تقدم من الكفاية ج ١ ص ٩٧ قال ثم انه يمكن ما حققناه ان يقع الصلح بين الطرفين ولم يكن نزاع فى البين بان يكون المراد بحديث الاتحاد ما عرفت من العينية مفهوما ووجودا حقيقيا وانشائيا ويكون المراد بالمغايرة والاثنينية هو اثنينية الانشائى من الطلب كما هو كثيرا ما يراد من اطلاق لفظه والحقيقى من الارادة كما هو المراد غالبا منها حين اطلاقها فيرجع النزاع لفظيا انتهى وفيه ان هذه التوجيه وان كان يساعد عليه بعض اللوازم من قابلية تعلق الطلب الانشائى بالمحال لعدم استلزامه لارادة الايجاد من المكلف ومن جواز تحقق الطلب الانشائى بلحاظ مصلحة قائمة فى نفسه وان لم تكن مصلحة فى متعلقة فانه من افعال منشئه فكما يصح من العاقل ان يفعل فعلا بلحاظ مصلحة قائمة بنفس الفعل كذلك يصح منه ان ينشا طلبا بلحاظ مصلحة قائمة فيه دون متعلقة والذى يرد عليه على ما ذكره المحقق العراقى قدس‌سره فى البدائع ص ٢٠٠ هو ان الأشاعرة حيث انهم يقولون بالكلام النفسى وانه هو مدلول الكلام اللفظى يرون ان الطلب المنشأ فى اللفظ يدل على صفة قائمة فى النفس هى غير الارادة فى قبال من ينفى الكلام النفسى ولا يرى صفة قائمة فى النفس غير صفاتها المعروفة لديهم من الارادة والعلم وغيرهما من الصفات النفسية واما ان الطلب الانشائى مغاير للارادة الحقيقية فهو من الامور البديهية والاشعري ليس فى صدد النزاع بهذا الامر البديهى ولا فائدة له فيه والذى يدل على ذلك هو استدلالهم على ثبوت الكلام النفسى بالاوامر الامتحانية المسلم عند الفريقين عدم تعلق الارادة الحقيقية بمتعلقاتها حيث زعموا ان تلك الاوامر تدل على معنى قائم فى النفس ليس بارادة الى آخر كلامه ـ وربما يورد على صاحب الكفاية بان الطلب

٣٧

ولا مجال لشرح الطلب بحملة النفس (١) الحاصل بعد تمامية اشتياقه وقدرته. اذ (٢) مثل ذلك ايضا يستحيل انفكاكه عن العلم بالقدرة فمع فرض المجبورية

______________________________________________________

الانشائى ليس موضوعا لحكم العقل بوجوب الاطاعة والأشاعرة لا يرون التكليف او الحكم الشرعى الا نفس الطلب فليزم على الوجه المذكور عدم حكم العقل بوجوب اطاعة الاحكام الشرعية لانها عبارة عن الطلب الانشائى الذى لا يستقل العقل بوجوب اطاعته ، وفيه ان الاشاعرة ملتزمون بذلك فانهم لا يقولون بوجوب الطاعة او حرمة المعصية عقلا لعدم قولهم بالحسن والقبح العقليين.

(١) هذا التوجيه من المحقق النائينى قدس‌سره قال فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣١ ، لا ينبغى الاشكال فى ان هناك وراء الارادة امر آخر يكون هو المستتبع لحركة العضلات ويكون ذلك من افعال النفس وان شئت سمه بحملة النفس او الحركة النفس او تصدى النفس او غير ذلك من التعبيرات وبالجملة الذى نجده من انفسنا ان هناك وراء الارادة شيئا آخر يوجب وقوع الفعل الخارجى وصدوره عن فاعله ومن قال باتحاد الطلب والارادة لم يزد على استدلاله سوى دعوى الوجدان وانه لم نجد من انفسنا صفة قائمة بالنفس وراء الارادة تسمى بالطلب وقد عرفت ان الوجدان على خلاف ذلك بل البرهان يساعد على خلاف ذلك لوضوح ان الانبعاث لا يكون إلّا بالبعث والبعث انما هو مقولة الفعل وقد عرفت ان الارادة ليست من الافعال النفسانية بل هى من الكيفيات النفسانية فلو لم يكن هناك فعل نفسانى يقتضى الانبعاث يلزم ان يكون انبعاث بلا بعث وبالجملة لا سبيل الى دعوى اتحاد مفهوم الارادة والطلب لتكذيب اللغة والعرف ذلك اذ ليس لفظ الارادة والطلب من الالفاظ المترادفة كالانسان والبشر وان اريد من حيث الاتحاد التصادق الموردى وان تغايرا مفهوما فله وجه الى آخر كلامه.

(٢) هذا هو الجواب عن هذا التوجيه وملخصه انه لا يوافق ما يدل عليه كلام الأشاعرة وما التزموا به نرجوا ز تعلق الطلب بالمحال ضرورة ان الطلب الذى هو متاخر عن الارادة رتبة لا يمكن ان يتعلق بالمحال لامتناع تعلق الارادة به ومع امتناع الارادة يمتنع تحقق الطلب ايضا لكونه متأخرا رتبة عنها فلا يمكن توجيه كلام الأشاعرة بمثل هذا الوجه لالتزامهم بتحقق الطلب فى المورد الذى يقتضى هذا الوجه امتناع تحقق الطلب فيه لامتناع تحقق الارادة مضافا الى انه ايضا لا يصحح كونه لصلاح

٣٨

يستحيل تحققه وبالجملة ما فى السنة بعض المعاصرين من تصور مغايرة الطلب مع الارادة بامثال هذه البيانات (١) اجنبية عن مرام الاشاعرة المؤسسين لهذا الاساس كما ان انكار بعض آخر (٢) بعدم مساعدة الوجدان على وجود معنى

______________________________________________________

فى نفسه.

(١) منها ما حكى عن المحقق صاحب الحاشية المعروفة على المعالم اخو الفصول قال فيها الوجه الرابع ـ الى ان قال والذى يقتضيه التحقيق فى المقام ان يقال ان هناك ارادة لصدور الفعل من الغير بحسب الواقع واقتضاء بحسب الخارج لإيقاعه الفعل بالزامه او ندبه اليه ومن البين ان الثانى لا يستلزم الاول وإن كان الظاهر صدور الاقتضاء على طبق الارادة الواقعية انتهى ونتيجته ان الطلب هو البعث والتحريك نحو المطلوب والارادة هو الشوق المؤكد المتعلق به القائم فى النفس والفرق بينهما واضح ، وفيه مضافا الى ان البعث والتحريك امران منتزعان من الخطاب بداعى جعل الداعى لا انهما مدلولان لنفس الخطاب ومحكيا للامر انهما لا يمكن ان يتعلقا بالمحال كنفس الارادة والاشعري يجوز تعلق الطلب بالمحال دون الارادة فيكشف هذا التفاوت عن عدم كون الطلب فى نظر الاشعري هو البعث والتحريك ومنها كونه بمعنى الاشتياق وفيه وان يصحح جواز تعلقه بالمحال كما فى اشتياق المريض الى شفاء مرضه والمحبوس الى الفرار من السجن والتخلص منه واشتياق الانسان الى عود شبابه ، ويمكن ايضا وقوعه موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال فيما لو احرز العبد اشتياق مولاه الى شيء ولكنه ايضا لا يصحح كونه لصلاح فى نفسه وح فبقرينة استدلالهم بمثل الاوامر الامتحانية يعلم بعدم ارادتهم من الطلب الاشتياق نحو الشى ولا من الارادة حملة النفس وهيجانها نحو المطلوب.

(٢) حكى عن شرح التجريد للقوشجى قال والحاصل ان مدلول الكلام اللفظى الذى يسميه الأشاعرة كلاما نفسيا ليس وراء العلم فى الخير والارادة والكراهة فى النهى انتهى وحكى عن العلامة قال بانا لم نجد عند الامر بشيء امرا مغايرا لارادة الفعل حيث لا يكون المفهوم من الامر ارادة الفعل من المأمور به ولو كان هناك شيء آخر لا ندركه فلا شك فى كونه امرا خفيا غاية الخفاء بحيث لا يتعقل الا الاوحدى من الناس ومع ذلك كيف يجوز وضع لفظ الامر المتعارف فى الاستعمال بازائه.

٣٩

آخر قابل للتعلق بفعل الغير غير العلم والارادة ، ايضا قابل للمنع (١) كيف (٢) ونرى بالوجدان معنى آخر غيرهما ويعبّر عنه بالبناء الذى هو ايضا من افعال القلوب وبه (٣) قوام التنزيلات عرفا وشرعا و (٤) كان تحت الاختيار بلا واسطة فى قوله ابن على الاكثر مثلا (٥) قبال العلم والارادة الذين لا يكونان كذلك (٦) بل ومنه ايضا عقد القلب المقابل للجحود القلبى مع العلم بالنبوة مثلا (٧) وغيرها (٨)

______________________________________________________

(١) من هنا قام المحقق العراقى الماتن قدس‌سره فى بيان صفة اخرى فى النفس غير الصفات المشهورة ويمكن ان تكون هو الطلب.

(٢) ذكر المحقق الماتن ان الطلب يمكن ان يكون فى نظر الأشاعرة عبارة عن البناء الذى يكون من افعال القلب وهو غير العلم والارادة والحب والبغض.

(٣) اى بهذا البناء يقوم التنزيلات العرفية والشرعية مطلقا كما ستعرف.

(٤) والبناء من الامور الاختيارية من دون واسطة كما فى الارادة.

(٥) فالبناء كالارادة فى كونه ذا الاضافة وان خالفها فى انها من مقولة الكيف وهذا من مقولة الفعل للنفس ، ولذا قد يتعلق بامر موجود مفروغ التحقق فيسمى تنزيلا كالبناء على كون الاكثر موجودا او الموجود هو الاكثر ، ومن الثبوت التنزيلى هو ما يتعلق بامر مشكوك الثبوت فى الواقع فيكون ثابتا بنفس هذا البناء القلبى كما فى الاستصحاب ابن على بقاء ما كان.

(٦) فان العلم والارادة اختياريين مع الواسطة والمقدمات والاسباب.

(٧) وقد يتعلق البناء بثبوت امر ثابت فى الواقع فى حال العلم بثبوته ولكن لا يكتفى من المكلف بعلمه بثبوته بل لا بد من ان يبنى فى قلبه على ثبوته كما هو الشأن فى العقائد الدينية فمن علم بكون الله واحدا لا يكتفى فى كونه موحدا بنفس هذا العلم ما لم يعقد قلبه ويبنى على ذلك ويعبر عن هذا البناء بعقد القلب.

(٨) كما قد يتعلق بايجاد المخاطب ما خوطب به وامر به فيكون هذا البناء على صدوره منه وايجاده اياه طلبا له ، كما قد يتعلق ايضا بما ليس فى الشرع فيكون تشريعا.

٤٠